This is an Arabic short story for beginners, namely for non-Arabs. It is taken from a short story book entitled The Three Sons. The author of the book is Mohammed Al-Ibrashi. The original text is meant for native speakers of Arabic, hence written in more advanced Arabic. We have abridged and simplified this Arabic short story for beginners in order to make it suitable for learners of Arabic as a foreign language.
كَانَ لِأَحَدِ الْمُزَارِعِينَ ثَلَاثَةُ أَوْلَادٍ. كَانَ أَسْمَاءُ الْأَوْلَادِ أَحْمَدُ، وَمُصْطَفَى، وَكَمَالٌ. وَكَانَ الْأَبُ الْمُزَارِعُ يَمْلِكُ بَقَرَةً حَلُوبًا. كَانَ الْأَبُ يَعْرِفُ أَنَّ الْبَقَرَةَ إِذَا شَبِعَتْ، أَعْطَتِ الْكَثِيرَ مِنَ اللَّبَنِ؛ وَإِذَا لَمْ تَشْبَعْ، لَمْ تُعْطِ لَبَنًا. لِهَذَا السَّبَبِ، كَانَ الْأَبُ يَهْتَمُّ بِالْبَقَرَةِ كَثِيرًا جِدًّا. وَبَعْدَ أَنْ كَبُرَ أَبْنَاؤُهُ، جَعَلَ لِكُلٍّ مِنْهُم يَوْمًا يَرْعَى فِيهِ الْبَقَرَةَ. وَفِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ، أَخَذَ أَحْمَدُ الْبَقَرَةَ إِلَى الْحَقْلِ. رَاقَبَ أَحْمَدُ الْبَقَرَةَ، وَهِيَ تَأْكُلُ، ثُمَّ قَالَ لِنَفْسِهِ: إِنَّهَا بَقَرَةٌ أَكُولَةٌ؛ إِنَّهَا تَأْكُلُ كَأَنَّهَا لَمْ تَأْكُلْ مُنْذُ شَهْرٍ كَامِلٍ.
وَعِنْدَمَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، سَأَلَ أَحْمَدُ الْبَقَرَةَ: هَلْ أَكَلْتِ كُلَّ مَا تُرِيدِينَ؟ هَلْ شَبِعْتِ؟
قَالَتِ الْبَقَرَةُ: نَعَم. لَقَدْ أَكَلْتُ كَثِيرًا جِدًّا. أَنَا لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ آكُلَ أَكْثَرَ.
أَخَذَ أَحْمدُ الْبَقَرَةَ، وَعَادَ إِلَى الْبَيْتِ، ثُمَّ أَدْخَلَ الْبَقَرَةَ إِلَى الْحَظِيرَةِ، وَذَهَبَ إِلَى أَبِيهِ. سَأَلَ الْأَبُ اِبْنَهُ أَحْمَدَ: هَلْ شَبِعَتِ الْبَقَرَةُ؟
أَجَابَ أَحْمَدُ: نَعَمْ يَا أَبِي. لَقَدْ أَكَلَتْ كُلَّ مَا اِسْتَطَاعَتْ.
أَرَادَ الْأَبُ أَنْ يَتَأَكَّدَ بِنَفْسِهِ؛ فَذَهَبَ إِلَى الْحَظِيرَةِ، وَسَأَلَ الْبَقَرَةَ: هَلْ شَبِعْتِ الْيَوْمَ أَيَّتُهَا الْبَقَرَةُ الْجَمِيلَةُ؟
أَجَابَتِ الْبَقَرَةُ: لَا. كَانَ الْبِرْسِيمُ بَعِيدًا مِنِّي. أَنَا لَمْ آكُلْ شَيْئًا طَوالَ الْيَوْمِ.
غَضِبَ الْأَبُ غَضَبًا شَدِيدًا، وَحَمَلَ الْعَصَا. ضَرَبَ الْأَبُ الْمُزَارِعُ اِبْنَهُ أَحْمَدَ، وَهُوَ يَصِيحُ: لِمَاذَا تَكْذِبُ؟ الْبَقَرَةُ جَائِعَةٌ! ثُمَّ طَرَدَ أَحْمَدَ مِنَ الْبَيْتِ. وَفِي الْيَوْمِ التَّالِي، أَخَذَ الْاِبْنُ الثَّانِي – مُصْطَفَى – الْبَقَرَةَ إِلَى شَاطِئِ النَّهْرِ. رَاقَبَ مُصْطَفَى الْبَقَرَةَ، وَهِيَ تَأْكُلُ، وَقَالَ لِنَفْسِهِ: إِنَّهَا بَقَرَةٌ مَجْنُونَةٌ؛ لَمْ أَرَ بَقَرَةً تَأْكُلُ مِثْلَهَا. إِنَّهَا تَأْكُلُ كَأنَّهَا لَمْ تَرَ الطَّعَامَ مُنْذُ سِتَّةِ أَشْهُرَ.
وَبَعْدَ أَنْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ، سَأَلَ مُصْطَفَى الْبَقَرَةَ: هَلْ شَبِعْتِ أَيَّتُهَا الْبَقَرَةُ؟
أَجَابَتِ الْبَقَرَةُ: نَعَم. لَقَدْ أَكَلْتُ كَثِيرًا جِدًّا. أَنَا لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ آكُلَ أَكْثَرَ.
اِبْتَسَمَ مُصْطَفَى بِرِضًى، وَعَادَ إِلَى الْبَيْتِ. أَدْخَلَ مُصْطَفَى الْبَقَرَةَ إِلَى الْحَظِيرَةِ، ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَبِيهِ. سَأَل الْأَبُ الْمُزَارِعُ اِبْنَهُ: لَا تَكْذِبْ! هَلْ شَبِعَتِ الْبَقَرَةُ.
أَجَابَ مُصْطَفَى: لَا تَقْلَقْ يَا أَبِي؛ لَقْدَ أَكَلَتْ أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ بَقَرَةٍ.
هَزَّ الْأَبُ رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَ لِنَفْسِهِ: يَجِبُ أَنْ أَسْأَلَ الْبَقَرَةَ. ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى الْحَظِيرَةِ. سَألَ الْأَبُ الْمُزَارِعُ بَقَرَتَهُ: هَلْ أَكَلْتِ جِيِّدًا أَيَّتُهَا الْبَقَرَةُ الْحَسْنَاءُ؟
أَجَابَتِ الْبَقَرَةُ الْحَسْنَاءُ: لَا! لَقَدْ مَشَيْتُ طَوِيلًا عَلَى شَاطِئِ النَّهْرِ، وَلَمْ أَجِدْ عَلَفًا!
غَضِبَ الْأَبُ، وَعَادَ إِلَى الْبَيْتِ وَفِي يَدِهِ عَصَا. صَاحَ الْأَبُ: مُصْطَفَى! أَيْنَ أَنْتَ أَيُّهَا الْكَاذِبُ؟ وِعِنْدَمَا رَأَى اِبْنَهُ، ضَرَبَهُ ضَرْبًا شَدِيدًا ثُمَّ طَرَدَهُ مِنَ الْبَيْتِ. قَالَ الْأَبُ بِحُزْنٍ: كُلُّ أَوْلَادِي يَكْذِبُونَ. نَحْنُ لَا نَمْلِكُ إِلَّا هَذِهِ الْبَقَرَةَ! يَجِبُ أَنْ تَشْبَعَ حَتَّى تُعْطِينَا اللَّبَنَ. ثُمَّ نَادَى الْأَبُ اِبْنَهُ الثَّالِثَ – كَمَالًا. قَالَ الْأَبُ: اِسْمَعْ! أَنْتَ أَصْغَرُ إِخْوَتِكَ. إِذَا كَذَبْتَ عَلَيَّ، فَسَوْفَ أَضْرِبُكَ كَمَا فَعَلْتُ بِأَخَوَيْكَ!
قَالَ كَمَالٌ: أَنَا لَا أَكْذِبُ، يَا أَبِي. وَأَحْمَدُ وَمُصْطَفَى لَا يَكْذِبَانِ أَيْضًا.
قَالَ الْأبُ: سَوْفَ تَأْخُذُ الْبَقَرَةَ إِلَى الْمَرْعَى غَدًا. وَإِذَا عَادَتِ الْبَقَرَةُ جَائِعَةً، فَسَوْفَ أَضْرِبُكَ، ثُمَّ أَطْرِدُكَ، كَمَا فَعْلَتُ مَعَ أَخَوَيْكَ!
وَفِي الْيَوْمِ التَّالِي، أَخَذَ كَمَالٌ الْبَقَرَةَ إِلَى الْحَقْلِ. حَمَلَ كَمَالٌ الْبِرْسِيمَ إِلَى الْبَقَرَةِ. رَاقَبَ كَمَالٌ الْبَقَرَةَ ثُمَّ قَالَ: هَذِهِ بَقَرَةٌ غَرِيبَةٌ؛ إِنَّهَا تَأْكُلُ كَمَا تَأْكُلُ عَشْرُ بَقَرَاتٍ! إِنَّهَا تَأْكُلُ كَأَنَّهَا لَمْ تَعْرِفِ الطَّعَامَ مُنْذُ عَامٍ كَامِلٍ.
وَبَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، سَأَلَ كَمَالٌ الْبَقَرَةَ: هَلْ شَبِعْتِ؟ هَلْ أُحْضِرُ لَكِ الْمَزِيدَ مِنَ الْبِرْسِيمِ؟
أَجَابَتِ الْبَقَرَةُ: لَا! لَقَدْ شَبِعْتُ، وَلَا أَسْتَطِيعُ أَنْ آكُلَ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا.
أَخَذَ كَمَالٌ الْبَقَرَةَ، وَعَادَ إِلَى الْبَيْتِ. وَضَعَ كَمَالٌ الْبَقَرَةَ فِي الْحَظِيرَةِ، ثَمَّ ذَهَبَ إِلَى أَبِيهِ. قَالَ كَمَالٌ: لَقَدْ رَعَتِ الْبَقَرَةُ فِي الْحَقْلِ، وَجَمَعْتُ لَهَا الْبِرْسِيمَ. لَقَدْ أَكَلَتْ حَتَّى شَبِعَتْ.
قَالَ الْأَبُ: سَوْفَ أَذْهَبُ وَأَسْأَلُهَا. دَخَلَ الْأَبُ الْمُزَارِعُ إِلَى الْحَظِيرَةِ، وَسَأَلَ الْبَقَرَةَ: هَلْ شَبِعْتِ أَيَّتُهَا الْبَقَرَةُ الْجَمِيلَةُ.
قَالَتِ الْبَقَرَةُ الْجَمِيلَةُ: لَا! أَنَا لَمْ آكُلْ أَبَدًا. لَقَدْ رَبَطَنِي اِبْنُكَ، وَذَهَبَ؛ فَلَمْ آكُلْ، وَلَمْ أَجِدْ أَمَامِي بِرْسِيمًا.
غَضِبَ الْأَبُ كَثِيرًا، وَضَرَبَ اِبْنَهُ. كَانَ الْأَبُ يَصِيحُ: لَقَدَ كَذَبْتَ عَلَيَّ! اُخْرجْ مِنْ بَيْتِي أَيُّهَا الْكَاذِبُ! هَرَبَ كَمَالٌ مِنْ أَبِيهِ، وَلَحِقَ بَهِ الْأَبُ ثُمَّ عَادَ إِلَى الْبَيْتِ حَزِينًا. قَالَ الْأَبُ: إِنَّ أَبْنَائِي كُلَّهُم كَاذِبُونَ. ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى الْحَظِيرَةِ، وَقَالَ لِبَقَرَتِهِ: سَوْفَ آخُذُكِ غَدًا بِنَفْسِي!
وَفِي الْيَوْمِ التَّالِي، أَخَذَ الْأَبُ بَقَرَتَهُ إِلَى الْحَقْلِ، وَأَطْعَمَهَا بِيَدَيْهِ. كَانَ الْأَبُ يَقُولُ: كُلِي! كُلِي! أَيَّتُهَا الْبَقَرَةُ الْحَسْنَاءُ! وَبَعَدَ أَنْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ، قَالَ الْأَبُ الْمَزَارِعُ لِبَقَرَتِهِ: هَلْ شَبِعْتِ؟ هَلْ نَعُودُ إِلَى الْبَيْتِ؟ قَالَتِ الْبَقَرَةُ: نَعَمْ، لَقَدْ شَبِعْتُ. أَكَلْتُ الْيَوْمَ بِرْسِيمًا كَثِيرًا. أَنَا لَنْ أَسْتَطِيعَ أَنْ آكُلَ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا.
فَرِحَ الْأَبُ، وَأَخَذَ الْبَقَرَةَ، وَعَادَ بِهَا إِلَى الْحَظِيرَةِ. وَقَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ، سَأَلَ الْبَقَرَةَ: هَلْ شَبِعْتِ حَقًّا أَيَّتُهَا الْجَمِيلَةُ؟
أَجَابَتِ الْبَقَرَةُ الْجَمِيلَةُ: لَا! أَنَا لَمْ آكُلْ شَيْئًا الْيَوْمَ! لَقْدَ وَقَفْتُ فِي الْحَقْلِ، وَلَمْ يَكُنْ هُنَالِكَ بِرْسِيمٌ أَبَدًا.
قَالَ الْأَبُ بِدَهْشَةٍ: لَمْ تَأْكُلِي شَيْئًا؟ لَمْ تَجِدِي بِرْسِيمًا؟ مَا هَذَا الَّذِي أَسْمَعُهُ؟ هَلْ كُنْتِ تَكْذِبِينَ كُلَّ يَوْمٍ؟ هَلْ ظَلَمْتُ أَبْنَائِي؟
ثُمَّ أَخَذَ الْأَبُ عَصَاهُ، وَضَرَبَ الْبَقَرَةَ ضَرْبًا شَدِيدًا، ثُمَّ طَرَدَهَا مِنَ الْبَيْتِ. كَانَ الْأَبُ يَصْرُخُ: أَيَّتُهَا الْكَذَّابَةُ! أَيَّتُهَا الْقَبِيحَةُ! بَكَى الْأَبُ وَقَالَ: لَقَدْ ظَلَمْتُ أَبْنَائِيَ! أَنَا أَبٌ ظَالِمٌ! لَقْدَ صَدَّقْتُ الْبَقَرَةَ، وَكَذَّبْتُ أَبْنَائِي!
لَمْ يَعْرِفِ الْأَبُ أَيْنَ ذَهَبَ أَبْنَاؤُهُ؛ وَلِذَلِكَ بَقِي حَزِينًا. وَقَدْ ذَهَبَ أَحْمَدُ، بَعْدَ أَنْ طَرَدَهُ أَبُوهُ، إِلَى نَجَّارٍ، وَتَعَلَّمَ النِّجَارَةَ. تَعَلَّمَ أَحْمَدُ صُنْعَ الْأَثَاثِ، وَالطَّاوِلَاتِ، وَالْكَرَاسِي، وَالْأَسِرَّةِ. وَبَعْدَ عَامٍ كَامِلٍ، شَعَرَ أَحْمَدُ بِالشَّوْقِ إِلَى أَبِيهِ؛ فَفَكَّرَ فِي الْعَوْدَةِ إِلَيْهِ، ثُمَّ أَخْبَرَ النَّجَّارَ. قَالَ النَّجَّارُ: لَقَدْ عَمِلْتَ مَعِيَ جَيِّدًا يَا أَحْمَدُ. وَسَوْفَ أُعْطِيكَ مُكَافَأَةً. ثُمَّ حَمَلَ مِنْضَدَةً، وَقَالَ لَهُ: هَذِهِ الْمِنْضَدَةُ مَصْنُوَعَةٌ مِنَ الْخَشَبِ الْعَادِي. وَيُمْكِنُكَ أَنْ تَفْتَحَهَا، وَتُرَكِّبَهَا، وَتَحْمِلَهَا بِسُهُولَةٍ. لَكِنَّ هَذِهِ الْمِنْضَدَةَ عَجِيبَةٌ؛ إِذَا قُلْتَ لَهَا: أَعِدِّي الْمَائِدَةَ، وَجَدْتَ عَلَيْهَا كُلَّ مَا تُرِيدُ مِنَ الطَّعَامِ.
فَرِحَ أَحْمَدُ بِالْهَدِيَّةِ، وَشَكَرَ النَّجَّارَ، ثُمَّ سَافَرَ. اِسْتَخْدَمَ أَحْمَدُ الْمِنْضَدَةَ مَرَّاتٍ كَثِيرَةً، وَكَانَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ يُفَكِّرُ فِي أَبِيهِ. قَالَ أَحْمَدُ لِنَفْسِهِ: سَوْفَ نَأْكُلُ كُلَّ مَا نَشَاءُ. لَنْ نَحْتَاجَ إِلَى تِلْكَ الْبَقْرَةِ الْكَاذِبَةِ.
وَخِلَالَ سَفَرِهِ، رَأَى مَنْزِلًا؛ فَذَهَبَ إِلَيْهِ. سَأَلَ أَحْمَدُ صَاحِبَ الْمَنْزِلِ: أَنَا مُسَافِرٌ، وَقَدْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ. هَلْ تَسْمَحُ لِي أَنْ أَبْقَى فِي مَنْزِلِكَ هَذِهِ اللَّيْلَةَ؟
قَالَ صَاحِبُ الْبَيْتِ: نَعَمْ، لَكِنِّي لَا أَمْلِكُ طَعَامًا.
قَالَ أَحْمَدُ: لَا تَقْلَقْ! سَوْفَ تَأْكُلُ وَتَشْرَبُ مَعِي.
ثُمَّ فَتَحَ الْمِنْضَدَةَ وَقَالَ: أَعِدِّي الْمَائِدَةَ! أَكَلَ أَحْمَدُ وَصَاحِبُ الْمَنْزِلِ حَتَّى شَبِعَا. قَالَ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ لِنَفْسِهِ: هَذِهِ مِنْضَدَةٌ عَجِيبَةٌ! إِذَا أَخَذْتُهَا، سَوْفَ أَفْتَحُ مَطْعَمًا.
وَبَعْدَ أَنْ نَامَ أَحْمَدُ، سَرَقَ صَاحِبُ الْبَيْتِ الْمِنْضَدَةَ، وَتَرَكَ لِأَحْمَدَ مِنْضَدَةً تُشْبِهُهَا. وِعِنْدَمَا اسْتَيْقَظَ أَحْمَدُ صَبَاحًا، غَادَرَ ذَلَكَ الْمَنْزِلَ، وَذَهَبَ إِلَى بَيْتِ أَبِيهِ. وَحِينَمَا وَصَلَ أَحْمَدُ، فَرِحَ الْأَبُ كَثِيرًا. سَأَلَ الْأَبُ اِبْنَهُ: أَيْنَ كُنْتَ يَا أَحْمَدُ؟ وَمَاذَا فَعَلْتَ؟
أَخْبَرَ أَحْمَدُ أَبَاهُ بِكُلِّ مَا فَعَلَهُ، وَأَرَاهُ الْمِنْضَدَةَ الْعَجِيبَةَ، ثُمَّ قَالَ: اُدْعُ كُلَّ أَصْحَابِكَ إِلَى الْغَدَاءِ يَا أَبِي، كَيْ تَرَى أَنَّ الْمِنْضَدَةَ عَجِيبَةٌ.
وَبَعْدَ أَنْ أَتَى الْأَصْحَابُ، صَاحَ أَحْمَدُ مَرَّاتٍ كَثِيرَةً: أَعِدِّي الْمَائِدَةَ! وَلَمْ يَحْدُثْ شَيْءٌ أَبَدًا. خَجِلَ أَحْمَدُ، وَحَزِنَ الْأَبُ، وَخَرَجَ الْأَصْحَابُ غَاضِبِينَ. عَرَفَ أَحْمَدُ أَنَّ مِنْضَدَتَهُ سُرِقَتْ؛ فَغَادَرَ حَزِينًا.
أَمَّا مُصْطَفَى فَقَدْ عَمِلَ عِنْدَ سَائِقٍ لِلْعَرَبَاتِ. تَعَلَّمَ مُصْطَفَى الْكَثِيرَ عَنِ الْأَحْصِنَةِ، وَالْحَمِيرِ، والْعَرَبَاتِ. وَبَعْدَ عَامٍ كَامِلٍ، فَكَّرَ أَنْ يَعُودَ إِلَى بَيْتِ أَبِيهِ، ثُمَّ أَخْبَرَ سَائِقَ الْعَرَبَاتِ، فَقَالَ لَهُ سَائِقُ الْعَرَبَاتِ: لَقَدْ عَمِلْتَ مَعِي جَيِّدًا يَا مُصْطَفَى. وَسَوْفَ أُعْطِيكَ مُكَافَأَةً. أَعْطَى سَائِقُ الْعَرَبَاتِ مُصْطَفَى حِمَارًا، وَقَالَ لَهُ: لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَرْكَبَ هَذَا الْحِمَارَ، وَلَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَحْرِثَ بِهِ.
فَسَأَلَ مُصْطَفَى: فَمَا الْفَائِدَةُ مِنْهُ؟
قَالَ سَائِقُ الْعَرَبَاتِ: هَذَا الْحِمَارُ عَجِيبٌ جِدًّا؛ إِذَا تَكَلَّمَ خَرَجَ الْكَلَامُ مِنْ فَمِهِ. وَإِذَا وَضَعْتَ صُنْدُوقًا فَارِغًا، وَقُلْتَ لَهُ «بِرْكِلْبِرْتَ» نَزَلَ الذَّهَبُ مِنْ فَمِهِ حَتَّى يَمْتَلِئَ الصُّنْدُوقُ.
فَرَحَ مُصْطَفَى كَثِيرًا، وَشَكَرَ سَائِقَ الْعَرَبَاتِ، وَسَافَرَ. كَانَ مُصْطَفَى يَتَصَدَّقُ عَلَى الْمُحْتَاجِينَ طَوَالَ الطَّرِيقِ. وَبَعْدَ أَيَّامٍ، رَأَى مَنْزِلًا قَرِيبًا مِنْ قَرْيَةِ أَبِيهِ؛ فَذَهَبَ إِلَيْهِ. طَرَقَ مُصْطَفَى الْبَابَ، ثُمَّ سَألَ صَاحِبَ الْمَنْزِلِ: هَلْ يُمْكِنُ أَنْ أَبِيتَ اللَّيْلَةَ هُنَا؟ أَنَا مُسَافِرٌ، وَقَدْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ.
قَالَ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ: أُدْخُلْ... لَكِنْ اِدْفَعْ ثَمَنَ طَعَامِكَ وَفِرَاشِكَ.
وَافَقَ مُصْطَفَى ثُمَّ أَكَلَ طَعَامَهُ. وَعِنْدَمَا طَلَبَ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ الْمَالَ، لَمْ يَجِدْ مُصْطَفَى فِي جَيْبِهِ شَيْئًا، فَقَالَ: اِنْتَظِرْ لَحْظَةً! سَوْفَ أَذْهَبُ وَأُحْضِرُ الْمَالَ.
خَرَجَ مُصْطَفَى؛ فَتَبِعَهُ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ، وَهُوَ يَقُولُ لِنَفْسِهِ: سَوْفَ أَرَى أَيْنَ يُخَبِئُ مَالَهُ، ثُمَّ آخُذُهُ عِنْدَمَا يَنَامُ. وَرَأَى صَاحِبُ الْمَنْزِلِ الْحِمَارَ، وَهُوَ يَمْلَئُ الصُّنْدُوقَ بِالذَّهَبِ، فَفَرِحَ كَثِيرًا. وَبَعْدَ أَنْ نَامَ مُصْطَفَى، بَحَثَ عَن حِمَارٍ يُشْبِهُ الْحِمَارَ الْعَجِيبَ، ثُمَّ أَخَذَ الْحِمَارَ الْعَجِيبَ. وَعِنْدَمَا اِسْتَيْقَظَ مُصْطَفَى، لَمْ يَعْرِفْ أَنَّ صَاحِبَ الْمَنْزِلِ أَخَذَ حِمَارَهُ.
وَصَلَ مُصْطَفَى إِلَى بَيْتِ أَبِيهِ؛ فَفَرِحَ أَبُوهُ كَثِيرًا، وَسَأَلَهُ: أَيْنَ كُنْتَ يَا مُصْطَفَى؟ وَمَاذَا فَعَلْتَ؟
أَخْبَرَ مُصْطَفَى أَبَاهُ بكُلِّ مَا تَعَلَّمَهُ، ثُمَّ أَخْبَرَهُ عَنِ الْحِمَارِ، وَقَالَ لَهُ: اُدْعُ أَصْدِقَاءَكَ يَا أَبِي. سَوْفَ أُعْطِيهِمْ مَا يُرِيدُونَ مِنَ الذَّهَبِ.
وَبَعْدَ أَنْ جَاءَ أَصْدِقَاءُ الْأَبِ، صَاحَ مُصْطَفَى مَرَّاتٍ كَثِيرَةً: بِرْكِلْبِرْتَ! وَلَمْ يَحْدُثْ شَيْءٌ أَبَدًا. شَعَرَ مُصْطَفى بِالْخَجَلِ، وشَعَرَ الْأَبُ بِالْحُزْنِ، وَشَعَرَ الْأَصْدِقَاءُ بِالغَضَبِ. ثُمَّ غَادَرَ مُصْطَفَى بَيْتَ أَبِيهِ حَزِينًا. وَحِينَمَا وَجَدَ أَخَاهُ أَحْمَدَ، كَتَبَا لِأَخِيهِمَا كَمَالٍ. أَخْبَرَ أَحْمَدُ وَمُصْطَفَى أَخَاهُمَا بِقِصَّتِهِمَا، وَحَذَّرَاهُ مِنْ صَاحِبِ الْمَنْزِلِ. وَكَانَ كَمالُ يَعْمَلُ عِنْدَ خَشَّابٍ، يَصْنَعُ الْعِصِيَّ. وَقَدْ تَعَلَّمَ كَمَالٌ الْكَثِيرَ مِنَ الْأَشْيَاءَ، ثُمَّ قَرَّرَ أَنْ يَعُودَ إِلَى أَبِيهِ. وَبَعْدَ أَنْ أَخْبَرَ الْخَشَّابَ، قَالَ لَهُ الْخَشَّابُ: لَقَدْ عَمِلْتَ مَعِي جَيِّدًا يَا كَمَالُ. وَسَوْفَ أُعْطِيكَ مُكَافَأَةً. ثُمَّ أَعْطَاهُ صُنْدُوقًا جَمِيلًا، فِي دَاخِلِهِ عَصًا. قَالَ الْخَشَّابُ: هَذَا الصُّنْدُوقُ جَمِيلٌ جِدًّا، لَكِنَّ الْعَصَا ثَمِينَةٌ جِدًّا. إِذَا ظَلَمَكَ أَحَدٌ، أَوْ قَسَا عَلَيْكَ، فَقُلْ «اُخْرُجِي أَيَّتُهَا الْعَصَا مِنَ الصُّنْدُوقِ» وَسَوْفَ تَخْرجُ الْعَصَا مِنَ الصُّنْدُوقِ، وَتَضْرِبُ الشَّخْصَ الَّذِي تُرِيدُ. وَحِينَمَا تَقُولُ «عُودِي أَيَّتُهَا العَصَا إِلَى الصُّنْدُوقِ» تَعُودُ.
فَرِحَ كَمَالٌ بِالْهَدِيَّةِ كَثِيرًا، وَشَكَرَ الْخَشَّابَ، ثُمَّ سَافَرَ. وَفِي الطَّرِيقِ اسْتَخْدَمَ الْعَصَا مَرَّاتٍ كَثِيرَةٍ. وَعِنْدَمَا وَصَلَ إِلَى الْمَنْزِلِ الْقَرِيبِ مِنْ قَرْيَةِ أَبِيهِ، سَأَلَ صَاحِبَ الْمَنْزِلِ: هَلْ يُمْكِنُنِي أَنْ أَبْقَى هُنَا اللَّيْلَةَ؟
قَالَ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ: اِدْفَعْ ثَمَنَ طَعَامِكَ وَفِرَاشِكَ.
فَدَفَعَ كَمَالٌ ثُمَّ دَخَلَ. وَبَعْدَ أَنْ أَحْضَرَ لَهُ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ الطَّعَامَ، قَالَ: إِنَّهُ طَعَامٌ لَذِيذٌ جِدًّا. سَمِعْتُ أّنَّ هُنَالِكَ مِنْضَدَةٌ تَقُولُ لَهَا «أَعِدِّي الْمَائِدَةَ» فَتِجِدُ عَلَيْهَا طَعَامًا لَذِيذًا جِدًّا. هَلْ تُصَدِّقُ هَذَا؟ وَسَمِعْتُ أَيْضًا عَنْ حِمَارٍ تَقُولُ لَهُ كَلِمَةً غَرِيبَةً فَيَمْلَئُ لَكَ صُنْدُوقًا بِالذَّهَبِ. هَلْ تُصَدِّقُ هَذَا أَيْضًا؟ أَنَا لَا أُصَدِّقُ. لَكِنَّ أَخَوَيَّ لَا يَكْذِبَانِ أَبَدًا. إِذَا كَانَ هَذَا حَقِيقَةً، فَأَنَا أَمْلِكُ أَثْمَنَ مِنَ الْمِنْضَدَةِ وَالْحِمَارِ. أَمْلِكُ شَيْئًا ثَمِينًا جِدًّا دَاخِلَ هَذَا الصُّنْدُوقِ.
وَبَعْدَ أَنْ اِنْتَهَى مِنْ طَعَامَهِ، ذَهَبَ إِلَى الْغُرْفَةِ. أَغْمَضَ كَمَالٌ عَيْنَيْهِ، وَانْتَظَرَ صَاحِبَ الْمَنْزِلِ. قَرَّرَ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ أَنْ يَسْرِقَ صُنْدُوقَ كَمَالٍ. وَبَعْدَ سَاعَةٍ، دَخَلَ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ، وَسَحَبَ الصُّنْدُوقَ. فَقَامَ كَمَالٌ وَصَاحَ: اُخْرُجِي أَيَّتُهَا الْعَصَا مِنَ الصُّنْدُوقِ!
قَفَزَتِ الْعَصَا مِنَ الصُّنْدُوقِ. ضَرَبَتِ الْعَصَا صَاحِبَ الْمَنْزِلِ فِي ظَهْرِهِ، وَذِرَاعَيْهِ، وَرَأْسِهِ. كَانَ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ يَهْرُبُ، وَالْعَصَا تَلْحَقُ بِهِ. صَاحَ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ: أَرْجُوكَ! أَرْجُوكَ! أَوْقِفْ هَذِهِ الْعَصَا! لَنْ أَفْعَلَ شَيْئًا، لَنْ أَسْرِقَ شَيْئًا! أَوْقِفِ الْعَصَا!
قَالَ كَمَالٌ: أَعْطِنِي الْمِنْضَدَةَ وَالْحِمَارَ أَوَّلًا أَيُّهَا السَّارِقُ! هَيَّا أَيُّهَا الْخَائِنُ!
صَاحَ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ: سَوْفَ أُعْطِيكَ! سَوْفَ أُعْطِيكَ! أُقْسِمُ بِاللَّهِ!
قَالَ كَمَالُ: اِرْجِعِي إِلَى الصُّنْدُوقِ أَيَّتُهَا الْعَصَا!
أَعْطَى صَاحِبُ الْمَنْزِلِ كَمَالًا الْمِنْضَدَةَ وَالْحِمَارَ، وَقَالَ: أَنَا آسِفٌ يَا سَيِّدِي! لَنْ أَخُونَ أَحَدًا بَعْدَ الْيَوْمِ! أَنَا آسِفٌ جِدًّا!
حَمَلَ كَمَالٌ الْمِنْضَدَةَ، وَأَمْسَكَ الْحِمَارَ، وَعَادَ إِلَى بَيْتِ أَبِيهِ. فَرَحِ الْأَبُ الْمُزَارِعُ كَثِيرًا، وَسَأَلَ اِبْنَهُ: أَيْنَ كُنْتَ يَا كَمَالُ؟ وَمَاذَا فَعَلْتَ؟ وَمَاذَا أَحْضَرْتَ مَعَكَ؟
أَجَابَ كَمَالٌ: عَمِلْتُ عِنْدَ خَشَّابٍ، وَتَعَلَّمْتُ صُنْعَ الْعِصِّيَ. وَأَحْضَرْتُ مَعِي هَذِهِ الْعَصَا الْجَمِيلَةُ.
نَظَرَ الْأَبُ إِلَى الْعَصَا ثُمَّ قَالَ: جَمِيلَةٌ؟ هُنَالِكُ عِصِّيُّ كَثِيرَةٌ تُشْبِهُهَا هُنَا!
فَأَخْبَرَ كَمَالٌ أَبَاهُ بِقِصَّةِ الْعَصَا، ثُمَّ طَلَبَ مِنْهُ أَنْ يُرْسِلَ إِلَى أَحْمَدَ وَمُصْطَفَى، وَيَطْلُبَ مِنْهُمَا الْعَوْدَةَ. وَبَعْدَ أَنْ عَادَ أَحْمَدُ وَمُصْطَفَى، أَعْطَاهُمَا كَمَالٌ الْمِنْضَدَةَ وَالْحِمَارَ. فَرَحَ الْأَبُ كَثِيرًا عِنْدَمَا رَأَى الطَّعَامَ عَلَى الْمَائِدَةِ، وَعِنْدمَا رَأَى الْحَمَارَ يَمْلَئُ صُنْدُوقًا بِالذَّهَبِ. وَفِي الْيَوْمِ التَّالِي، دَعَا الْأَبُ كُلَّ أَصْحَابِهِ، وَأطْعَمَهُم مِنْ طَعَامِ الْمِنْضَدَةِ، وَأَعْطَاهُم مِنْ ذَهَبِ الْحِمَارِ.
أَمَّا الْبَقَرَةُ الْكَاذِبَةُ، فَقَدْ بَحَثَ عَنْهَا الْأَبُ بَعْدَ أَنْ طَرَدَهَا. ثُمَّ أَخَذَهَا إِلَى مَكَانٍ بِعِيدٍ جِدًّا، وَقَالَ لَهَا: فِي هَذِهِ الصَّحْرَاءِ، أَيَّتُهَا الْبَقَرَةُ الْقَبِيحَةُ الْكَاذِبَةُ، سَوْفَ تَشْبَعِينَ كُلَّ يَوْمٍ. ثُمَّ ذَهَبَ وَتَرَكَهَا.