الْبَيْتُ الْمَسْكُونُ

الْبَيْتُ الْمَسْكُونُ

This is an Arabic short story for beginners, namely for non-Arabs. It is taken from a book entitled The Legends of Nations. This book is written by Quadri Qualaji. The original text is in more advanced Arabic. This Arabic short story for beginners has been abridged and simplified to be suitable for learners of Arabic as a foreign language. 

Source: Quadri Qualaji - The Legends of Nations (The Haunted House)

مَاتَ فِي مِصْرَ تَاجِرٌ غَنِيٌّ جِدًّا. وَكَانَ لِلتَّاجِرِ اِبْنٌ وَحِيدٌ، اِسْمُهُ عَلِيٌّ. وَكَانَ الْأَبُ قَدْ أَوْصَى اِبْنَهُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ: لَا تُصَاحِبْ رُفَقَاءَ السُّوءِ، وَلَا تَشْرَبِ الْخَمْرَ؛ إِنَّهَا تَأْخُذُ عَقْلَكَ. لَا تَعْصِ اللَّهَ يَا وَلَدِي كَيْ لَا تَنْدَمَ. سَاعِدِ الْفُقَرَاءَ، وَلَا تَبْخَلْ، وَلَا تُبَذِّرْ!

حَزِنَ عَلِيٌّ عَلَى أَبِيهِ، وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ طَوَالَ سَبْعَةِ شُهُورٍ. بَقِيَ عَلِيٌّ يَقْرَأُ وَيَتَعَبَّدُ. وَبَعْدَ مُدَّةٍ، جَاءَ إِلَى مَنْزِلِهِ أَرْبَعَةُ شُبَّانٍ مِنْ أَبْنَاءِ التُّجَّارِ. كَانَ هَؤُلَاءِ الشُّبَّانُ أَصْحَابَ عَلِيٍّ. طَلَبَ مِنْهُ أَصْحَابُهُ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُم. رَفَضَ عَلِيٌّ فِي الْبِدَايَةِ، لَكِنَّهُ وَافَقَ فِي النِّهَايَةِ. ذَهَبَ الشُّبَّانُ إِلَى بُسْتَانٍ، وَهُنَاكَ أَكَلُوا وَشَرِبُوا. رَفَضَ عَلِيٌّ أَنْ يَشْرَبَ الْخَمْرَ. وَفِي اليَوْمِ الثَّانِي، ذَهَبَ مَعَهُم إِلَى بُسْتَانٍ آَخَرَ، وَشَرِبَ الْخَمْرَ. وَعِنْدَمَا حَلَّ اللَّيْلُ، عَادَ عَلِيٌّ إِلَى بَيْتِهِ. كَانَ عَلِيٌّ سَكْرَانَ وَلَمْ يَسْمَعْ زَوْجَتَهُ عِنْدَمَا دَخَلَتْ إِلَى الْغُرْفَةِ، لَكِنَّهُ سَمِعَهَا عِنْدَمَا تَكَلَّمَتْ: عَلِيُّ! هَلْ أَنْتَ سَكْرَانُ؟ هَلْ نَسِيتَ وَصِيَّةَ أَبِيكَ؟

قَالَ عَلِيٌّ: لَا لَا يا اِمْرَأَةُ! لَقَدْ شَرِبْتُ الْقَلِيلَ مَعَ أَصْحَابِي!

قَالَتِ الزَّوْجَةُ: الْقَلِيلَ؟ أَصْحَابُكَ، أَصْحَابُ السُّوءِ؟ لَقَدْ حَذَّرَكَ وَالِدُكَ مِنْهُم.

ضَحِكَ عَلِيٌّ كَثِيرًا ثُمَّ قَالَ: لَيْسُوا أَصْحَابَ سُوءٍ. إِنَّهُم أَصْحَابُ الْفَرَحِ وَالْمَرَحِ!

كَانَ عَلِيٌّ يَذْهَبُ كُلَّ يَوْمٍ مَعَ أَصْحَابِهِ إِلَى الْبَسَاتِينِ. وَبَعْدَ أَيَّامٍ، قَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: حَانَ دَوْرُكَ الآَنَ!

فَقَالَ لَهُم: أَهْلًا وَمَرْحَبًا! أَنَا أَهْلُ الْكَرَمِ.

ثُمَّ دَعَاهُم إِلَى بُسْتَانٍ مِنْ بَسَاتِينِهِ، وَحَمَلَ كَثِيرًا مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْفِرَاشِ وَالْخَدَمِ. وَبَقِيَ شَهْرًا كَامِلًا مَعَ أَصْحَابِهِ ثُمَّ عَادَ إِلَى الْبَيْتِ، وَهُوَ يَحْسُبُ مَالَهُ. قَالَ لَهُ أَحَدُ أَصْحَابِهِ: لَنْ يَقِلَّ مَالُكَ أَبَدًا! لَا تَقْلَقْ!

لَمْ يَسْأَلْ عَلِيٌّ عَنْ زَوْجَتِهِ وَأَبْنَائِهِ عِنْدَمَا عَادَ إِلَى الْبَيْتِ. وَقَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ مَرَّةً أُخْرَى، قَالَتْ زَوْجَتُهُ: هَلْ هَؤُلَاءِ أَصْحَابُكَ يَا عَلِيُّ؟ النَّاسُ يَشْتَكُونَ مِنْهُم! إِنَّهُم أَصْحَابُ سُوءٍ! تَذَكَّرْ وَصِيَّةَ أَبِيكَ.

لَمْ يَرُدَّ عَلِيٌّ عَلَى زَوْجَتِهِ. وَبَعْدَ أَشْهُرٍ، نَفِدَ مَالُ عَلِيٍّ. وَكَانَ عَليٌّ يُرِيدُ أَنْ يَدْعُوَ أَصْحَابَهُ إِلَى بُسْتَانٍ آخَرَ؛ فَبَاعَ مُجَوْهَراتِ زَوْجَتِهِ، ثُمَّ بَاعَ بَعْضَ الدَّكَاكِينِ، ثُمَّ بَاعَهَا كُلَّهَا. وَبَاعَ الْبُيُوتَ وَالْبَسَاتِينِ. وَبَعْدَ شُهُورٍ، بَاعَ بَيْتَهُ. وَعِنْدَمَا طَرَدَهُ صَاحِبُ الْبَيْتِ الْجَدِيدِ، ذَهَبَ يَبْحَثُ عَنْ كُوخٍ قَدِيمٍ.

قَالَتِ الزَّوْجَةُ: لَنْ أَقُولَ إِنَّي حَذَّرْتُكَ!

وَبَعْدَ أَيَّامٍ، سَمِعَ عَلِيٌّ بُكَاءَ أَوْلَادِهِ؛ فَسَأَلَ زَوْجَتَهُ عَنِ السَبَبِ. قَالَتِ الزَّوْجَةُ: أَوْلَادُكَ جَائِعُونَ! لَيْسَ فِي الْكُوخِ شَيْءٌ. قُمْ! اِذْهَبْ إِلَى أَصْحَابِكَ وَاُطْلُبْ مِنْهُم مَالًا.

ذَهَبَ عَلَيٌّ إِلَى صَاحِبِهِ الْأَوَّلِ. كَانَ صَاحِبُهُ الْأَوَّلُ يَنْظُرُ مِنَ النَّافِذَةِ، لَكِنَّهُ أَغْلَقَ السِّتَارَةَ حِينَمَا رَآهُ. طَرَقَ عَلَيٌّ الْبَابَ؛ فَخَرَجَ أَحَدُ خَدَمِ صَاحِبِهِ. قَالَ الْخَادِمُ: سَيِّدِي لَيْسَ هُنَا!

سَأَلَهُ عَليٌّ: هَلْ هُوَ فِي دُكَّانِهِ؟

أَجَابَ الْخَادِمُ: لَا.

سَأَلَهُ عَلِيٌّ: هَلْ هُوَ عِنْدَ أَحَدِ أَصْحَابِنَا؟

أَجَابَ الْخَادِمُ: لَا.

سَأَلَ عَلِيٌّ: أَيْنَ هُوَ؟

أَجَابَ الْخَادِمُ: لَا أَعْلَمْ. إِنَّهُ لَيْسَ فِي الدَّارِ. إِنَّهُ مُسَافِرٌ!

رَفَعَ عَلِيٌّ رَأْسَهُ إِلَى النَّافِذَةِ وَقَالَ: أَدْعُو اللَّهَ أَنْ يَعُودَ سَالِمًا!

ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى مَنْزِلِ صَاحِبِهِ الثَّانِي فَقَالَ لَهُ خَادِمٌ: إِنَّهُ فِي دُكَّانِهِ. فَذَهَبَ عَلِيٌّ إِلَى الدُّكَّانِ. نَادَى عَلِيٌّ صَاحِبَهُ، لَكِنَّهُ لَمْ يَرُد عَلَيْهِ. ظَنَّ عَلِيٌّ أَنَّ صَاحِبَهُ لَمْ يَسْمَعْهُ؛ فَاقْتَرَبَ مِنْهُ. قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: مَاذَا تُرِيدُ يَا عَلِيُّ؟ هَلْ تُرِيدُ مَالًا؟ مَاذَا تَفْعَلُ بِهِ؟ وَبَعْدَ أَنْ يَنْفَدَ، سَوْفَ تَعُودُ لِتَطْلُبَ مِنِّي. هَلْ أَنْتَ شَحَّاذٌ يَا عَلِيُّ؟ لَنْ أُعْطِيَكَ شَيْئًا! لِمَاذا لَمْ تُحَافِظْ عَلَى مَالِكَ؟ اِذْهَبْ مِنْ هُنَا! اِذْهَبْ! أَنْتَ تُزْعِجُنِي!

قَالَ عَلِيٌّ لِنَفْسِهِ: رُبَّمَا يُسَاعِدُنِي صَاحِبِي الثَّالِثُ. ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى دُكَّانِهِ. نَادَى عَلِيٌّ صَاحِبَهُ، فَلَمْ يَرُدّ عَلَيْهِ. نَظَرَ صَاحِبُهُ إِلَيهِ ثُمَّ عَادَ إِلَى عَمَلِهِ. قَالَ عَلِيٌّ لِنَفْسِهِ: سَوْفَ يُسَاعِدُنِي صَاحِبِي الرَّابِعُ. وَجَدَ عَلِيٌّ صَاحِبَهُ الرَّابِعَ فِي الطَّرِيقِ، يُكَلِّمُ رَجُلًا غَنِيًّا. اِقْتَرَبَ عَلِيٌّ؛ فَنَظَرَ إِلَيْهِ صَاحِبُهُ. فَرِحَ عَلِيٌّ كَثِيرًا عِنْدَمَا اِبْتَسَمَ لَهُ صَاحِبُهُ. أَدْخَلَ صَاحِبُهُ يَدَهُ إِلَى جَيْبِهِ وَأَخْرَجَ قِطْعَةً نَقْدِيةً وَقَالَ: اِذْهَبْ وَاشْتَرِ طَعَامًا لَكَ أَيُّهَا الْمِسْكِينَ، لَكِنْ لَا تَتَسَوَّلْ كُلَّ يَوْمٍ.

كَانَ عَلِيٌّ يَنْظُرُ إِلَى صَاحِبِهِ؛ فَضَرَبَهُ صَاحِبُهُ وَصَاحَ: هَيَّا! اِذْهَبْ!

عَادَ عَلِيٌّ إِلَى بَيْتِهِ حَزِينًا. قَالَ عَلِيٌّ لِزَوْجَتِهِ: لَمْ أُحْضِرْ شَيْئًا. رَفَضَ أَصْحَابِي...

سَمِعَ عَلِيٌّ بُكَاءَ أَوْلَادِهِ؛ فَبَكَى. قَامَتِ الزَّوْجَةُ وَخَرَجَتْ مِنَ الْبَيْتِ. ذَهَبَتِ الزَّوْجَةُ إِلَى جَارَتِهَا الْقَدِيمَةِ. سَأَلَتِ الْجَارَةُ: مَاذَا حَدَثَ لَكُم؟

بَكَتِ الزَّوْجَةُ، وَأَخْبَرَتْ جَارَتَهَا عَنْ أَصْحَابِ زَوْجِهَا. قَالَتِ الْجَارَةُ: مَاذَا تُرِيدِين؟ خُذِي كُلَّ شَيْءٍ تَحْتَاجِينَهُ.

أَخَذَتِ الزَّوْجَةُ طَعَامًا وَمَالًا وَشَكَرَتِ الْجَارَةَ. عَادَتِ الزَّوْجَةُ إِلَى الْكُوخِ، وَهِي تَحْمِلُ الْكَثِيرَ. سَأَل عَلِيٌّ زَوْجَتَهُ: مِنْ أَيْنَ أَحْضَرْتِ هَذَا؟

وَبَعْدَ أَنْ أَخْبَرَتْهُ، شَعَرَ عَلِيٌّ بِالْأَلَمِ وَالْحُزْنِ. قَرَّرَ عَلِيٌّ أَنْ يَبْحَثَ عَنْ عَمَلٍ. وَدَّعَ عَلِيٌّ زَوْجَتَهُ وَأَوْلَادَهُ وَغَادَرَ. سَارَ عَلِيٌّ طَوِيلًا، وَلَمْ يَعْرِفْ إِلَى أَيْنَ يَذْهَبُ. وَبَعْدَ أَيَّامٍ، وَصَلَ إِلَى بُولَاقَ. سَمِعَ عَلِيٌّ شَخْصًا يَتَحَدَّثُ عَنْ مَرْكَبٍ. كَانَ المَرْكَبُ مُسَافِرٌ إِلَى دِمْيَاطَ. رَأَى عَلِيٌّ صَاحِبَ أَبِيهِ؛ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ. سَأَلَ الرَّجُلُ عَلِيًّا: إِلَى أَيْنَ تُرِيدُ أَنْ تُسَافِرَ؟

أَجَابَ عَلِيٌّ: أُرِيدُ أَنْ أَذْهَبَ إِلَى دِمْيَاطَ.

دَعَا الرَّجُلُ عَلِيًّا إِلَى بَيْتِهِ. أَكَلَ عَلِيٌّ وَشَرِبَ مَعَ صَاحِبِ أَبِيهِ. وَفِي الْيَوْمِ التَّالِي، أَعْطَى الرَّجُلُ عَلِيًّا كِيسًا مِنَ الدَّنَانِيرِ، ثُمَّ وَدَّعَهُ. سَافَرَ عَلِيٌّ إِلَى دِمْيَاطَ. وَعِنْدَمَا وَصَلَ جَاءَ إِلَيْهِ رَجُلٌ. قَالَ الرَّجُلُ: أَنْتَ عَلِيٌّ اِبْنُ التَّاجِرِ حَسَن.

أَجَابَ عَلِيٌّ: نَعَم! مَنْ أَنْتَ.

أَجَابَ الرَّجُلُ: أَنَا صَالِحٌ، صَاحِبُ أَبِيكَ. رَحِمَ اللَّهُ أَبَاكَ؛ كَانَ رَجُلًا كَرِيمًا.

ثُمَّ دَعَا عَلِيًّا إِلَى بَيْتِهِ وَأَكْرَمَهُ. مَكَثَ عَلِيٌّ فِي بَيْتِ صَالِحٍ أُسْبُوعًا كَامِلًا. شَعَرَ عَلِيٌّ بِالْحَرَجِ. قَرَّرَ عَلِيٌّ أَنْ يَتْرُكَ صَالِحًا وَيُسَافِرَ. سَافَرَ عَلِيٌّ فِي قَافِلَةٍ إِلَى الشَّامِ. ثُمَّ سَافَرَ إِلَى بَغْدَادَ. وَفِي الطَّرِيقِ تَوَقَّفَتِ القَافِلَةُ. سَمِعَ عَلِيٌّ صُرَاخًا. كَانَ النَّاسُ يَصِيحُونَ: لُصُوصٌ! قُطَّاعُ الطَّرِيقِ!

هَرَبَ عَلِيٌّ مِنَ اللُّصُوصِ. لَمْ يَحْمِلْ عَلِيٌّ مَعَهُ شَيْئًا؛ فَوَصَلَ إِلَى بَغْدَادَ سَرِيعًا، لَكِنَّ بَوَّابَةَ المَدِينَةِ كَانَتْ مُغْلَقَةً. رَأَى عَلِيٌّ الْحُرَّاسَ؛ فَصَاحَ: أَنَا رَجُلٌ مِن مِصْرَ. إِنَّ مَعِي تِجَارةً، وَخَدَمًا، وَبِغَالًا، وأَحْمَالًا. لَقَدْ سَبَقْتُهْم كَيْ أَبْحَثَ عَنْ مَسْكَنٍ لَنَا.

فَتَحَ الْحُرَّاسُ بَوَّابَةً صَغِيرَةً، فَدَخَلَ عَلِيٌّ. أَحْضَرَ الْحُرَّاسُ لِعَلِيٍّ طَعَامًا وَفِرَاشًا. وَفِي الصَّبَاحِ، خَرَجَ عَلِيٌّ إِلَى الْمَدِينَةِ. ذَهَبَ مَعَ عَلِيٍّ حَارِسٌ. أَخَذَ الْحَارِسُ عَلِيًّا إِلَى تَاجِرٍ كَبِيرٍ. رَحَّبَ التَّاجِرُ بِعَلِيٍّ، وَأَعْطَاهُ ثِيَابًا وَطَعَامًا. قَالَ التَّاجِرُ الْكَبِيرُ: إِنَّكَ رَجُلٌ غَنِيٌّ يَا عَلِيُّ!

لَمْ يَرُد عَلِيٌّ عَلَى التَّاجِرِ. نَادَى التَّاجِرُ أَحَدَ خَدَمِهِ. قَالَ التَّاجِرُ: خُذِ التَّاجِرَ الْمِصْرِيَّ إِلَى بِيوتِيَ الثَّلَاثَةِ. ثُمَّ قَالَ لِعَلِيٍّ: اِخْتَرِ الْبَيْتَ الَّذِي تُرِيدُ. أَنْتَ ضَيْفِي إِلَى أَنْ تَصِلَ تِجَارَتُكَ.

أَخَذَ الْخَادِمُ عَلِيًّا إِلَى شَارِعٍ جَمِيلٍ. كَانَ فِي الشَّارِعِ ثَلَاثَةُ بِيوتٍ. دَخَلَ عَلِيٌّ الْبَيْتَ الْأَوْلَ، فَوَجَدَهُ جَمِيلًا. ثُمَّ دَخَلَ الْبَيْتَ الثَّانِي، فَكَانَ جَمِيلًا أَيْضًا. قَالَ لَهْ الْخَادِمُ: أيَّ بَيْتٍ أَعْجَبَكَ؟

سأَلَ عَلِيٌّ: لِمَنْ هَذَا الْبَيْتُ الْكَبِيرُ؟

أَجَابَ الْخَادِمُ: لِسَيِّدِي. لَكِنَّ هَذَا الْبَيْتَ مَسْكُونٌ؛ أَيُّ شَخْصٍ يَدْخُلُ فِيهِ حَيًّا وَيَنَامُ، نَجِدُ ذَلِكَ الشَّخْصَ مَيِّتًا فِي الصَّبَاحِ.

قَالَ عَلِيٌّ لِلْخَادِمِ: اِفْتَحْهُ! أُرِيدُ أَنْ أَرَاهُ.

وَقَالَ عَلِيٌّ لِنَفْسِهِ: هَذَا مَا أُرِيدُهُ! أَنْ أَمُوتَ... أُرِيدُ أَنْ أَرْتَاحَ مِنَ الْهُمُومِ.

فَتَحَ الْخَادِمُ بَابَ الْبَيْتِ خَائِفًا. دَخَلَ عَلِيٌّ الْبَيْتَ، فَوَجَدَهُ جَمِيلًا جِدًّا. قَالَ عَلِيٌّ: هَذَا الْبَيْتُ جَمِيلٌ جِدًّا. أُرِيدُ هَذَا الْبَيْتَ. اَعْطِنِي الْمِفْتَاحَ.

رَفَضَ الْخَادِمُ أَنْ يُسَلِّمَ الْمِفْتَاحَ لِعَلِيٍّ. قَالَ الْخَادِمُ: سَوْفَ أَسْأَلُ سَيِّدِي. عَادَ الْخَادِمُ إِلَى سَيِّدهِ. كَانَ عَلِيٌّ جَالِسًا أَمَامَ الْبَيْتِ الْكَبِيرِ عِنْدَمَا عَادَ الْخَادِمُ وَمَعَهُ سَيِّدُهُ. قَالَ التَّاجِرُ الْكَبِيرُ: إِنَّ الْبَيْتَ مَسْكُونٌ.

لَكِنَّ عَلِيًّا قَالَ: أَنَا ضَيْفُكَ. أَنَا أُرِيدُ هَذَا الْبَيْتَ.

وَبَعْدَ دَقَائِقٍ، أَعْطَى الْخَادِمُ عَلِيًّا الْمِفْتَاحَ، ثُمَّ غَادَرَ التَّاجِرُ الْكَبِيرُ وَخَادِمُهُ. جَلَسَ عَلِيٌّ فِي أَجْمَلِ الْغُرَفِ. وَفِي اللَّيْلِ، سَمِعَ عَلِيٌّ صَوْتًا مُخِيفًا يَقُوُل: يَا عَلِيُّ! يَا اِبْنَ حَسَنٍ! هَلْ أُنْزِلُ عَلَيْكَ الذَّهَبَ؟

فَقَالَ عَلِيٌّ: اَنْزِلْهُ!

فَسَقَطَ مِنَ السَّقْفِ الْكَثِيرُ مِنَ الذَّهَبِ، واِمْتَلَأَتِ الْغُرْفَةُ بِالذَّهَبِ. قَالَ الصَّوْتُ الْمُخِيفُ: لَقَدْ أَوْصَلْتُ إِلَيْكَ أَمَانَتَكَ؛ أَعْتِقْنِي.

قَالَ لَهُ عَلِيٌّ: اَخْبِرْنِي قِصَّةَ هَذَا الذَّهَبِ!

قَالَ الْجِنِّيُّ: هَذَا الذَّهَبُ مَحْفُوظٌ لَكَ مُنِ قَدِيمِ الزَّمَانِ. كُنْتُ أٌقُولُ لِكُلِّ مَنْ يَدْخُلُ هَذَا الْبَيْتَ: يَا عَلِيُّ! يَا اِبْنَ حَسَنٍ! هَلْ أُنْزِلُ الذَّهَبَ؟ فَيَخَافُ وَيَصْرُخُ: لَا تُنْزِلْهُ! فَأَنْزِلُ أَنَا كَيْ أَكْسِرَ رَقَبَتَهُ! أَنْتَ قُلْتَ: اَنْزِلْهُ؛ فَعَرَفْتُ أَنَّكَ صَاحِبُ الْكَنْزِ. وَبَقِيَ لَكَ كَنْزٌ فِي الْيَمَنِ. اِذْهَبْ وَخُذْهُ. أَعْتِقْنِي!

قَالَ عَلِيٌّ: لَا! لَنْ أَعْتِقَكَ! أَحْضِرْ لِي كَنْزَ الْيَمَنِ أَوَّلًا.

قَالَ الْجِنِّيُّ: هَلْ تُعْتِقُنِي بَعْدَ أَنْ أُحْضِرَ لَكَ الْكَنْزَ.

قَالَ عَلِيٌّ: نَعَمْ! لَكِنْ أَحْضِرْ زَوْجَتِي وَأَوْلَادِي مِنْ مِصْرَ.

قَالَ الْجِنِّيُّ: سَوْفَ أُحْضُرُ الْكَنْزَ وَأَهْلَكَ فِي مَوْكِبٍ عَظِيمٍ، بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.

وَفِي الصَّبَاحِ، خَرَجَ عَلِيٌّ مِنَ الْبَيْتِ. رَأَى عَلِيٌّ التَّاجِرَ الْكَبِيرَ وَخَدَمَهُ أَمَامَ الْبَيْتِ. وَقَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ عَلِيٌّ صَاحَ الْخَدَمُ: إِنَّهُ حَيٌّ! إِنَّهُ حَيٌّ!

فَرِحَ التَّاجِرُ الْكَبِيرُ بِسَلَامَةِ التَّاجِرِ الْمِصْرِيّ. وَاجْتَمَعَ حَوْلَ عَلِيٍّ الْكَثِيرُ مِنَ التُّجَّارِ. سَأَلَ التُّجَّارُ عَلِيًّا: مَتَى تَصِلُ تِجَارَتُكَ؟

أَجَابَ عَلِيٌّ: بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.

وَبَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، جَاءَ الْجِنِّيُّ إِلَى الْبَيْتِ، وَقَالَ: لَقَدْ ذَهَبْتُ إِلَى مِصْرَ، وَهُنَاكَ رأَيْتُ زَوْجَتَكَ وَأَوْلَادَكَ. كَانَتِ الزَّوْجَةُ تَبْكِي، وَكَانَ الْأَوْلَادُ جَائِعُونَ. لَقَدْ أَطْعَمْتُهُم، وَأَلْبَسْتُهُم، وَأَحْضرْتُهُم إِلَى الْمَدِينَةِ. اِذْهَبْ وَاسْتَقْبِلْهُم... أَعْتِقْنِي!

صَاحَ عَلِيٌّ وَهُوَ يَجْرِي: اِذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ!

وَصَلَ عَلِيٌّ إِلَى الْقَافِلَةِ سَعِيدًا. عَانَقَ عَلِيٌّ زَوْجَتَهُ وَأَوْلَادَهُ. كَانَ النَّاسُ يَنْظُرونَ إِلَى الْقَافِلَةِ. كَانَ النَّاسُ يَقُولُونَ: إِنَ الْمِصْرِيَّ غَنِيٌّ جِدًّا.

عَادَ عَلِيٌّ وَمَعَهُ زَوْجَتُهُ وَأَولَادُهُ إِلَى الْبَيْتِ الْكَبِيرِ. أَخْبَرَ عَلِيٌّ زَوْجَتَهُ بِقِصَّةِ الْكَنْزِ. فَرِحَتِ الزَّوْجَةُ كَثِيرًا لَكِنَّهَا قَالَتْ: لَكِنَّكَ لَنْ تَخْرُجَ مَعَ أَصْحَابِ السُّوءِ، وَلَنْ تَشْرَبَ الْخَمْرَ.

وَبَعْدَ أَشْهُرٍ، جَاءَ رَجُلٌ إِلَى بَيْتِ عَلِيٍّ. قَالَ الرَّجُلُ: أَنَا رَسُولٌ مِنَ الْمَلِكِ. الْمَلِكُ يَدْعُوكَ إِلَى زِيَارَتِهِ!

حَمَلَ عَلِيٌّ هَدِيَّةً رَائِعَةً مِنَ الْجَوَاهِرِ، ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى الْقَصْرِ. قَالَ الْمَلِكُ عِنْدَمَا رَأَى الْهَدِيَّةَ: إِنَّهَا هَدِيَّةٌ جَمِيلَةٌ! هَذِهِ الْجَوَاهِرُ نَادِرَةٌ جِدًّا! كَانَ الْمَلِكُ سَعِيدًا. تَحَدَّثَ الْمَلِكُ وَعَلِيٌّ طَوِيلًا. وَبَعْدَ أَنْ غَادَرَ عَلِيٌّ، قَالَ الْمَلِكُ لِوُزَرَائِهِ: كَمْ مَلِكًا خَطَبَ اِبْنَتِي؟

أَجَابَ الْوُزَرَاءُ: الْكَثِيرُ مِنَ الْمُلُوكِ.

قَالَ الْمَلِكُ: هَلْ أَعْطَانِي أَحَدٌ مِنْهُم مِثْلَ هَذِهِ الْهَدِيَّةِ؟

أَجَابُوا: لَا.

قَالَ الْمَلِكُ: قَرَّرتُ أَنْ أُزَوِّجَ اِبْنَتِي لِوَلَدِ هَذَا التَّاجِرِ.

أَخْبَرَ الْمَلِكُ زَوْجَتَهُ الْمَلِكَةَ، وَاِبْنَتَهُ الْأَمِيرَةَ، فَوَافَقَتَا. وَفِي اليَوْمِ التَّالِي، دَعَا الْمَلِكُ التَّاجِرَ عَلِيًّا الْمِصْرِيَّ، ودَعَا كُلَّ تُجَّارِ بَغْدَادَ، وَقَاضِي الْمَدِينَةِ. قَالَ الْمَلِكُ: أَنَا أُعْطِيكَ الْوِزَارَةَ يَا عَلِيُّ الْمِصْرِيُّ!

قَالَ عَلِيٌّ بِدَهْشَةٍ: إِنَّهُ شَرَفٌ عَظِيمٌ.

نَادَى الْمَلِكُ الْقَاضِيَ، ثُمَّ قَالَ: أَنَا أُزَوِّجُ اِبْنَتِي نُورَ الْوُجُودِ بِأَحْمَدَ ابْنِ الْوَزِيرِ الْمِصْرِيِّ عَلِيٍّ.

فَرِحَ عَلِيٌّ فَرَحًا عَظِيمًا، وَقَالَ: أَنَا سَعِيدٌ جِدًّا! إِنَّهُ شَرَفٌ عَظِيمٌ!

(1) زَوَّجَ المَلِكُ اِبْنَتَهُ بِابنِ عَلِيٍّ المِصْرِيّ؛ ......................

There are no comments for this article at this moment. Add new comment .

Your email address will not be published. Required fields are marked *

@