This story has been taken from Brothers Grimm’s Folk Tales Collections. To make it more delightful, we have elaborated upon it in order to depict the characters' emotions and give it more meaning and humanity. For every behavior of the theirs, we gave a reason to rid the story of ambiguity and simplicity that is a distinctive feature of folktales. The story is meant for learners of Arabic as an additional language. Therefore, we have fully vowelized it to make it more readable and comprehensible. Additionally, sentence structures are tailored for non-Arab learners of Arabic. This Arabic story is suitable for intermediate and/or upper-intermediate learners.
فِي إِحْدَى الْقُرَى، عَاشَ فَلَّاحٌ فَقِيرٌ، لَمْ يَمْلِكْ غَنَمًا أَوْ بَقَرَةً. وَكَانَ كُلُّ سُكَّانِ الْقَرْيَةِ أَغْنِيَاءَ؛ وَلِذَلِكَ لَقَّبُوا الْفَلَّاحَ الْفَقِيرَ بِفَلُّوحٍ. كَانَ عِنْدَ فَلُّوحٍ وَزَوْجَتِهِ أُمْنِيَّةٌ. كَانَا يُرِيدَانِ أَنْ يَحْصُلَا عَلَى بَقَرَةٍ؛ لَكِنْ لَيْسَ لَدَيْهِمَا مَالٌ كَافٍ. وَكُلَّ يَوْمٍ، كَانَتِ الزَّوْجَةُ تَتَخَيَّلُ أَنَّ مَعَهَا بَقَرَةً كَيْ تَحْلِبَهَا؛ وَلِذَلِكَ قَالَ فَلُّوحٌ لِزَوْجَتِهِ: مَا رَأْيُكِ أَنْ أَطْلُبَ مِنْ قَرِيبِنَا النَّجَّارِ أَنْ يَصْنَعَ لَنَا عِجْلًا خَشَبِيًّا؟
قَالَتِ الزَّوْجَةُ: وَمَاذَا نَفْعَلُ بِعِجْلٍ خَشَبِيٍّ؟
أَجَابَ فَلُّوحٌ: سَوْفَ نَتْرُكُهُ يَرْعَى مَعَ بَقِيَّةِ الْعُجُولِ حَتَّى يَكْبُرَ وَيُصْبِحَ بَقَرَةً. وَعِنْدَهَا، سَوْفَ يَكُونُ مَعَنَا بَقَرَةٌ!
فَرِحَتِ الزَّوْجَةُ، وَوَافَقَتْ عَلَى اِقْتِرَاحِ فَلُّوحٍ. وَفِي الْيَوْمِ التَّالِي، سَافَرَ فَلُّوحٌ إِلَى قَرْيَةِ قَرِيبِهِ، وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَصْنَعَ لَهُ عِجْلًا خَشَبِيًّا، وَأَنْ يَجْعَلَ رَأْسَهُ مُنْحَنِيًا نَحْوَ الْأَسْفَلِ كَيْ يَسْتَطِيعَ أَنْ يَأْكُلَ الْعَلَفَ. وَبَعْدَ شَهْرٍ، عَادَ فَلُّوحٌ إِلَى قَرْيَةِ قَرِيبِهِ، فَوَجَدَ عِجْلَهُ جَاهِزًا. كَانَ الْعِجْلُ مُتْقَنَ الصُّنْعِ، وَكَانَ مَطْلِيًّا بِلَوْنٍ بُنِّيٍ، وَكَانَ رَأْسُهُ مُنْحَنِيًا. فَرِحَ فَلُّوحٌ، وَحَمَلَ الْعِجْلَ بَيْنَ ذِرَاعَيْهِ، ثُمَّ عَادَ إِلَى الْقَرْيَةِ.
وَفِي صَبَاحِ الْيَوْمِ التَّالِي، خَرَجَ فَلُّوحٌ مِنْ بَيْتِهِ، وَوَقَفَ فِي الطَّرِيقِ، وَهُوَ يَحْمِلُ الْعِجْلَ. اِنْتَظَرَ فَلُّوحٌ قُدُومَ رَاعِيِ الْقَرْيَةِ. وَحِينَ رَأَى الْأَبْقَارَ قَادِمَةً، وَرَاعِيَ الْقَرْيَةِ خَلْفَهَا، رَكَضَ نَحْوَهُ. قَالَ فَلُّوحٌ لِلرَّاعِي: لَقَدْ أَصْبَحَ عِنْدِي عِجْلٌ! أُنْظُرْ إِلَيْهِ! أُرِيدُ مِنْكَ أَنْ تَأْخُذَهُ كَيْ يَرْعَى مَعَ بَقِيَّةِ الْأَبْقَارِ.
قَالَ الرَّاعِي مُتَذَمِّرًا: لَقَدْ تَعِبْتُ مِنْ هَذَا الْعَمَلِ كُلَّ يَوْمٍ! لِمَاذَا لَا تَتَوَقَّفُ عَنْ زِرَاعَةِ أَرْضِكَ الصَّغِيرَةِ وَتَرْعَى أَنْتَ الْأَبْقَارَ!
ضَمَّ فَلُّوحٌ عِجْلَهُ الْخَشَبِيُّ، وَقَالَ ضَاحِكًا: لَا! لَا! كُلُّ شَخْصٍ وُلِدَ كَيْ يَعْمَلَ عَمَلًا مُعَيَّنًا!
تَذَمَّرَ الرَّاعِي قَائِلًا: لَا! أَظُنُّ أَنَّنِي وُلِدْتُ كَيْ أَكُونَ مُخْتَارَ هَذِهِ الْقَرْيَةِ، وَلَيْسَ الرَّاعِي!
تَنَهَّدَ فَلُّوحٌ، وَقَالَ: حَسَنًا! أَظُنُّ أَنَّكَ سَوْفَ تُصْبِحُ مَا تُرِيدُ إِذَا عَمِلْتَ عَمَلَكَ جَيِّدًا! وَالْآنَ، خُذْ هَذَا العِجْلَ الْجَمِيلَ كَيْ يَرْعَى. إِنَّهُ صَغِيرٌ وَلَا يَسْتَطِيعُ الْمَشْيَ؛ لِذَلِكَ اِحْمِلْهُ مَعَكَ حَتَّى الْحَقْلِ.
وَافَقَ الرَّاعِي، وَحَمَلَ الْعِجْلَ إِلَى الْحَقْلِ. وَحِينَ وَصَلَ، تَرَكَ الْعِجْلَ وَجَلَسَ كَيْ يَتَنَاوَلَ طَعَامَهُ. نَظَرَ الرَّاعِي إِلَى الْعِجْلِ، فَرَآهُ مُنْحَنِيًا عَلَى الْعَلَفِ، فَقَالَ: إِنَّهُ عِجْلٌ أَكُولٌ، وَسَوفَ يَكْبُرُ بِسُرْعَةٍ. وَقَبْلَ الْغُرُوبِ، أَخَذَ الرَّاعِي يَجْمَعُ الْأَبْقَارَ وَيُنَادِيهَا، فَرَأَى أَنَّ الْعِجْلَ الصَّغِيرَ لَا يَزَالُ مُنْحَنِيًا عَلَى الْعَلَفِ، فَنَادَاهُ: تَعَالَ، يَا عِجْلَ فَلُّوحٍ!
لَكِنَّ الْعِجْلَ لَمْ يَتَحَرَّكْ، فَقَالَ الرَّاعِي: لَقَدْ أَكَلْتَ طَوَالَ الْيَوْمِ، وَأَنَا وَاثِقٌ أَنَّكَ أَصْبَحْتَ قَادِرًا عَلَى الْمَشْي! هَيَّا تَعَالَ! لَكِنَّ الْعِجْلَ لَمْ يَتَحَرَّكْ؛ فَصَاحَ الرَّاعِي غَاضِبًا: عُدْ بِمُفْرَدِكَ إِذَنْ!
ثُمَّ مَضَى الرَّاعِي خَلْفَ الْأَبْقَارِ، وَهُوَ يَتَذَمَّرُ مِنْ عَمَلِهِ. وَحِينَ سَارَ فِي الطَّرِيقِ، رَأَى فَلُّوحًا يَنْتَظِرُهُ. سَأَلَ فَلُّوحٌ الرَّاعِيَ عَنْ عِجْلِهِ، فَقَالَ الرَّاعِي: إِنَّهُ فِي الْحَقْلِ! وَيَبْدُو أَنَّهُ لَا يُرِيدُ أَنْ يَتَوَقَّفَ عَنْ أَكْلِ الْعَلَفِ! إِنَّهُ يَأْكُلُ مُنْذُ الصَّبَاحِ!
صَاحَ فَلُّوحٌ غَاضِبًا: مَا هَذَا الْكَلَامُ؟ لَقَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنَّهُ صَغِيرٌ وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْشِيَ!
وَبَّخَ فَلُّوحٌ الرَّاعِيَ، فَقَرَّرَ الرَّاعِي أَنْ يَعُودَ إِلَى الْحَقْلِ كَيْ يُحْضِرَ الْعِجْلَ، وَذَهَبَ فَلُّوحٌ مَعَهُ. وَحِينَ وَصَلَا، لَمْ يَجِدَا الْعِجْلَ، فَصَاحَ فَلُّوحٌ: سَرَقُوا عِجْلِي! لَقَدْ سَرَقَهُ اللُّصُوصُ!
قَالَ الرَّاعِي: أَظُنُّ أَنَّهُ نَسِيَ طَرِيقَ الْبَيْتِ. لِنَبْحَثْ عَنْهُ!
لَكِنَّ فَلُّوحًا كَانَ وَاثِقًا أَنَّ لِصًّا سَرَقَ عِجْلَهُ، فَذَهَبَ إِلَى مُخْتَارِ الْقَرْيَةِ، وَاِشْتَكَى إِلَيْهِ. أَخْبَرَ فَلُّوحٌ مُخْتَارَ الْقَرْيَةِ أَنَّ الرَّاعِيَ أَهْمَلَ مَسْؤُولِيَّتَهُ، وَأَنَّهُ تَرَكَ عِجْلَهُ الصَّغِيرَ وَلَمْ يَهْتَمَّ بِهِ. وَبِسَبَبِ هَذَا، حَكَمَ مُخْتَارُ الْقَرْيَةِ أَنْ يُقَدِّمَ الرَّاعِي بَقَرَةً لِفَلُّوحٍ بَدَلَ عِجْلِهِ الضَّائِعِ.
عَادَ فَلُّوحٌ إِلَى بَيْتِهِ سَعِيدًا، وَهُوَ يَسْحَبُ الْبَقَرَةَ خَلْفَهُ. فَرِحَتْ زَوْجَةُ فَلُّوحٍ بِالْبَقَرَةِ كَثِيرًا، وَأَصْبَحَتْ تَنْهَضُ كُلَّ صَبَاحٍ كَيْ تَحْلِبَهَا. وَبَعْدَ أَيَّامٍ، أَخْبَرَتِ الزَّوْجَةُ فَلُّوحًا أَنَّهَا قَدْ أَطْعَمَتِ الْبَقَرَةَ كُلَّ الْعَلَفِ الَّذِي اِشْتَرَوهُ. فَأَخْبَرَهَا فَلُّوحٌ أَنَّهُ لَمْ يَعُدْ يَمْلِكُ مَالًا كَيْ يَشْتَرِيَ عَلَفًا. وَبَعْدَ أَيَّامٍ، ذَبَحَ فَلُّوحٌ الْبَقَرَةَ، وَمَلَّحَ لَحْمَهَا وَخَزَّنَهُ، ثُمَّ نَظَّفَ الْجِلْدَ كَيْ يَبِيعَهُ. وَفِي الْيَوْمِ التَّالِي، أَخَذَ فَلُّوحٌ جِلْدَ الْبَقَرَةِ، وَسَافَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ. وَفِي الطَّرِيقِ، رَأَى فَلُّوحٌ غُرَابًا يَسِيرُ عَلَى الْأَرْضِ، وَجَنَاحُهُ مَكْسُورٌ. تَوَقَّفَ فَلُّوحٌ، وَجَلَسَ أَمَامَ الْغُرَابِ قَائِلًا: أَنْتَ غُرَابٌ مِسْكِينٌ!
اِبْتَعَدَ الْغُرَابُ عَنْ فَلُّوحٍ، لَكِنَّ فَلُّوحًا أَمْسَكَهُ، وَوَضَعَهُ دَاخِلَ جِلْدِ الْبَقَرَةِ قَائِلًا: سَوْفَ أَحْمِلُكَ مَعِي إِلَى الْبَيْتِ كَيْ تُعَالِجَكَ زَوْجَتِي. وَقَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الْمَدِينَةِ، نَزَلَ مَطَرٌ شَدِيدٌ، وَهَبَّتْ عَاصِفَةٌ قَوِيَّةٌ. لَمْ يَسْتَطِعْ فَلُّوحٌ أَنْ يُوَاصِلَ طَرِيقَهُ، فَمَشَى نَحْوَ بَيْتٍ قُرْبَ طَاحُونَةٍ، وَطَرَقَ الْبَابَ بِقُوَّةٍ. فَتَحَتْ اِمْرَأَةٌ النَّافِذَةَ، وَسَأَلَتْهُ مَا يُرِيدُ، فَأَجَابَ: أَنَا عَابِرُ سَبِيلٍ، وَأُرِيدُ أَنْ أَذْهَبَ إِلَى الْمَدِينَةِ؛ لَكِنَّ الْعَاصِفَةَ شَدِيدَةٌ! أَرْجُوكِ، يَا سَيِّدَةُ، أَدْخِلِينِي حَتَّى تَتَوَقَّفَ الْعَاصِفَةُ!
نَظَرَتِ الْمَرْأَةُ إِلَى فَلُّوحٍ طَوِيلًا، ثُمَّ فَتَحَتْ لَهُ الْبَابَ. وَضَعَتِ الْمَرْأَةُ قَشًّا قُرْبَ الْبَابِ، وَأَمَرَتْ فَلُّوحًا أَنْ يَجْلِسَ فَوْقَهُ، ثُمَّ أَحْضَرَتْ لَهُ رَغِيفَ خُبْزٍ، وَقِطْعَةَ جُبْنٍ، وَكُوبَ مَاءٍ. شَكَرَ فَلُّوحٌ الْمَرْأَةَ، وَأَكَلَ الطَّعَامَ صَامِتًا، وَهُوَ يَضُمُّ الْغُرَابَ. وَبَعْدَ دَقَائِقَ، سَمِعَ فَلُّوحٌ شَخْصًا يَطْرُقُ الْبَابَ، وَرَأَى الْمَرْأَةَ تَجْرِي فَرِحَةً مَسْرُورَةً، وَقَدْ لَبِسَتْ ثَوْبًا جَمِيلًا. تَعَجَّبَ فَلُّوحٌ، لَكِنَّهُ لَمْ يَتَكَلَّمْ.
فَتَحَتِ الْمَرْأَةُ الْبَابَ، فَدَخَلَ قَسٌّ. جَفَّفَ الْقَسُّ عِبَاءَتَهُ السَّوْدَاءَ، وَسَأَلَ الْمَرْأَةَ عَنْ حَالِهَا، فَقَالَتْ: أَنَا سَعِيدَةٌ بِقُدُومِكَ! لَقَدْ غَادَرَ زَوْجِي فِي الصَّبَاحِ، فَتَعَالَ كَيْ نَتَعَشَّى مَعًا.
حَضَّرَتِ الْمَرْأَةُ لَحْمًا، وَفَاكِهَةً، وَحَلْوَى، وَنَبِيذًا. كَانَ الْقَسُّ وَالْمَرْأَةُ يَضْحَكَانِ وَيَمْزَحَانِ، وَكَانَ فَلُّوحٌ يُرَاقِبُ ذَلِكَ غَاضِبًا مَصْدُومًا. وَقَبْلَ أَنْ يَأْكُلَا الطَّعَامَ، سَمِعُوا طَرْقًا عَلَى الْبَابِ وَنِدَاءً، فَصَاحَتِ الْمَرْأَةُ: هَذَا زَوْجِي! اِخْتَبِئْ!
ثُمَّ خَبَّأَتِ الْمَرْأَةُ اللَّحْمَ فِي الْمَوْقِدِ، وَالْفَاكِهَةَ تَحْتَ الْفِرَاشِ، والْحَلْوَى تَحْتَ السَّرِيرِ، وَالنَّبِيذَ تَحْتَ الْوِسَادَةِ؛ ثُمَّ خَبَّأتِ الْقَسَّ فِي الْخِزَانَةِ، وَأَغْلَقَتْهَا بِالْمِفْتَاحِ. وَبَعْدَ أَنْ اِطْمَأَنَّتِ المَرْأَةُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَتَحَتِ الْبَابَ لِزَوْجِهَا، وَقَالَتْ: أَهْلًا! أَهْلًا، يَا زَوْجِي! لَقَدْ عُدْتَ بَاكِرًا! لَقَدْ قُلْتَ إِنَّكَ لَنْ تَعُودَ إِلَّا فِي الْغَدِ، بَعْدَ أَنْ تَشْتَرِيَ الْحُبُوبَ مِنَ النَّاسِ!
قَالَ الزَّوْجُ: عُدْتُ بِسَبَبِ هَذِهِ الْعَاصِفَةِ! أَنَا جَائِعٌ! حَضِّرِي لِيَ بَعْضَ الطَّعَامِ.
قَالَتِ الْمَرْأَةُ: لَيْسَ فِي الْبَيْتِ إِلَّا خُبْزٌ وَجُبْنٌ.
تَنَهَّدَ الزَّوْجُ، وَقَالَ: أَنَا رَاضٍ! كَانَ مَحْصُولُ هَذَا الْعَامِ قَلِيلًا؛ وَلِذَلِكَ لَمْ نَجْنِ مَالًا وَفِيرًا مِنْ طَحْنِ الْحُبُوبِ!
ثُمَّ نَظَرَ إِلَى فَلُّوحٍ، وَسَأَلَ مُسْتَغْرِبًا: مَنْ هَذَا الرَّجُلُ؟
نَظَرَتِ الْمَرْأَةُ إِلَى فَلُّوحٍ مُحْتَقِرَةً، وَقَالَتْ: رَجُلٌ مِسْكِينٌ طَلَبَ أَنْ يَبِيتَ هُنَا حَتَّى تَتَوقَّفَ الْعَاصِفَةُ.
اِبْتَسَمَ الزَّوْجُ لِفَلُّوحٍ، وَاقْتَرَبَ مِنْهُ قَائِلًا: هَلْ أَكَلْتَ؟
أَجَابَ فَلُّوحٌ بِنَعَمْ، فَقَالَ الزَّوْجُ: لَكِنَّكَ سَتَأْكُلُ مَعِي! إِنِّي أَسْتَحِي أَنْ آكُلَ وَحْدِي.
وَحِينَ قَدَّمَتِ الزَّوْجَةُ الطَّعَامَ، سَأَلَ الزَّوْجُ فَلُّوحًا: مَاذَا يُوجَدُ دَاخِلَ هَذَا الْجِلْدِ؟
نَظَرَ فَلُّوحٌ إِلَى الْجِلْدِ الَّذِي يَتَحَرَّكُ دَاخِلَهُ الْغُرَابُ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى الزَّوْجَةِ وَأَجَابَ: يُوْجَدُ عَرَّافٌ! إِنَّهُ يَقْرَأُ الْغَيْبَ!
قَالَ الزَّوْجُ: دَعْهُ يَقْرَأُ لِي إِذَنْ! إِنَّنِي أُرِيدُ أَنْ أَعْرِفَ كَيْفَ سَيَكُونُ الْعَامُ الْقَادِمُ!
قَالَ فَلُّوحٌ: إِنَّهُ لَا يَقْرَأُ إِلَّا مَا يُرِيدُ، وَلَا يَقْرَأُ إِلَّا أَرْبَعَةَ أُمُورٍ، وَيُبْقِيِ الْأَمْرَ الْخَامِسَ لِنَفْسِهِ.
اِبْتَسَمَ الزَّوْجُ، وَقَالَ: دَعْهُ يَقْرَأُ لِيَ الْأَمْرَ الْأَوَّلَ!
ضَغَطَ فَلُّوحٌ عَلَى رَأْسِ الْغُرَابِ، فَنَعَقَ الْغُرَابُ بِصَوْتٍ عَالٍ. سَأَلَ الزَّوْجُ مُتَلَهِّفًا: مَاذَا قَالَ؟
أَجَابَ فَلُّوحٌ: قَالَ إِنَّ تَحْتَ الْوِسَادَةِ نَبِيذًا!
قَامَ الزَّوْجُ، وَرَفَعَ الْوِسَادَةَ، فَرَأَى النَّبِيذَ. صَاحَ الزَّوْجُ: هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ! إِنَّ هَذَا الْبَيْتَ خَالٍ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.
عَادَ الزَّوْجُ إِلَى فَلُّوحٍ، وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَسْمَعَ الْأَمْرَ الثَّانِيَ. ضَغَطَ فَلُّوحٌ عَلَى رَأْسِ الْغُرَابِ، فَنَعَقَ بِصَوْتٍ عَالٍ. قَالَ فَلُّوحٌ: قَالَ إِنَّ تَحْتَ الْفِرَاشِ فَاكِهَةً. وَحِينَ أَخْرَجَ الزَّوْجُ الْفَاكِهَةَ، صَاحَ: هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ أَيْضًا! أَنَا لَمْ آكُلْ فَاكِهَةً مُنْذُ عَامٍ كَامِلٍ!
سَأَلَ الزَّوْجُ عَنِ الْأَمْرِ الثَّالِثِ، فَضَغَطَ فَلُّوحٌ عَلَى رَأْسِ الْغُرَابِ، ثُمَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ فِي الْمَوْقِدِ لَحْمًا. وَحِينَ أَخْرَجَهُ الزَّوْجُ، صَاحَ: هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ أَيْضًا! أَنَا لَا أَذْكُرُ آخِرَ مَرَّةٍ أَكَلْتُ فِيهَا لَحْمًا!
سَأَلَ الزَّوْجُ عَنِ الْأَمْرِ الرَّابِعِ، فَضَغَطَ فَلُّوحٌ عَلَى رَأْسِ الْغُرَابِ، ثُمَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ تَحْتَ السَّرِيرِ حَلْوَى. وَحِينَ أَخْرَجَ الزَّوْجُ الْحَلْوَى، صَاحَ: هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ أَيْضًا. أَنَا لَا أَمْلِكُ مَالًا لِشِرَاءِ هَذِهِ الْحَلْوَى، وَزَوْجَتِي لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصْنَعَهَا!
اِلْتَفَتَ الزَّوْجُ إِلَى زَوْجَتِهِ، فَقَالَتْ: صَحِيحٌ! هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ. كَانَتِ الزَّوْجَةُ خَائِفَةً وَمُرْتَبِكَةً. خَافَتِ الزَّوْجَةُ أَنْ يَنْكَشِفَ الْقَسُّ، فَجَمَعَتْ كُلَّ الْمَفَاتِيحِ، وَأَخْبَرَتْ زَوْجَهَا أَنَّهَا سَتَنَامُ. عَادَ الزَّوْجُ يَجْلِسُ أَمَامَ فَلُّوحٍ، وَقَدَّمَ لَهُ اللَّحْمَ قَائِلًا: أَنَا أَمْلِكُ مَالًا كَثِيرًا، لَكِنِّي لَا أُنْفِقُهُ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ.
سَأَلَ فَلُّوحٌ: لِمَاذَا؟ إِنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ خُلِقَتْ كَيْ تُؤْكَلَ!
قَالَ الزَّوْجُ: أَنَا أُرِيدُ أَنْ أُرَمِّمَ طَاحُونَتِي، وَأَنْ أَشْتَرِيَ طَاحُونَةً فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى كَيْ أَجْنِيَ مَالًا كَثِيرًا.
سَأَلَ فَلُّوحٌ: وَمَاذَا سَتَفْعَلُ بِهَذَا الْمَالِ الْكَثِيرِ؟
أَجَابَ الزَّوْجُ: أَجْمَعُهُ.
قَالَ فَلُّوحٌ مُتَعَجِّبًا: أَنَا أُرِيدُ أَنْ أَجْنِيَ مَالًا كَيْ أَشْتَرِيَ بَقَرَةً، ثُمَّ أَشْتَرِيَ ثَوْرًا، وَأَشْتَرِيَ لَهُمَا عَلَفًا، وَأَشْتَرِيَ أَرْضًا. أُرِيدُ أَنْ أَشْرَبَ مِنْ حَلِيبِ الْبَقَرَةِ، وَآكُلَ لَحْمَ الْعُجُولِ الصَّغِيرَةِ، وَآكُلَ مِنْ ثِمَارِ أَرْضِي. يَجِبُ أَنْ تُنْفِقَ الْمَالَ عَلَى نَفْسِكَ حَتَّى لَا يَأْكُلَهُ الشَّيْطَانُ بَدَلًا مِنْكَ!
ضَحِكَ الزَّوْجُ، وَقَالَ: أَنْتَ لَمْ تُخْبِرْنِي بِالْأَمْرِ الْخَامِسِ حَتَّى الْآنَ!
ضَمَّ فَلُّوحٌ الْغُرَابَ، وَقَالَ: لَا! إِذَا كَشَفْتُهُ، فَسَوْفَ تَجِدُ الشَّيْطَانَ نَفْسَهُ.
قَالَ الزَّوْجُ: أَخْبِرْنِي بِالْأَمْرِ الْخَامِسِ، وَسَوْفَ أَدْفَعُ لَكَ مَا تَشَاءُ مِنَ الْمَالِ.
فَرِحَ فَلُّوحٌ بِمَا قَالَهُ الزَّوْجُ، وَقَالَ لَهُ: اِشْتَرِ هَذَا الْجِلْدَ، وَسَوْفَ يُخْبِرُكَ الْغُرَابُ بِالْأَمْرِ الْخَامِسِ. ثُمَّ سَاوَمَهُ عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ دِينَارٍ. وَعِنْدَمَا اِتَّفَقَا، ضَغَطَ فَلُّوحٌ رَأْسَ الْغُرابِ ضَغْطَةً قَوِيَّةً. نَعَقَ الْغُرَابُ، فَقَالَ فَلُّوحٌ: قَالَ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَخْتَبِئُ فِي الْخِزَانَةِ.
قَامَ الزَّوْجُ إِلَى الْخِزَانَةِ، لَكِنَّهُ وَجَدَهَا مُغْلَقَةً؛ فَذَهَبَ كَيْ يُوقِظَ زَوْجَتَهُ، وَطَلَبَ مِنْهَا أَنْ تُحْضِرَ الْمِفْتَاحَ. قَامَتِ الزَّوْجَةُ، وَهِيَ تَرْتَجِفُ. صَاحَ الزَّوْجُ: اِفْتَحِيِ الْخِزَانَةَ، وَسَوْفَ أَفْتَحُ بَابَ الْبَيْتِ كَيْ يَخْرُجَ الشَّيْطَانُ! إِنَّهُ سَبَبُ فَقْرِنَا!
فَتَحَ الزَّوْجُ الْبَابَ، وَفَتَحَتِ الزَّوْجَةُ الْخِزَانَةَ، فَجَرَى الْقَسُّ إِلَى الْخَارِجِ. صَاحَ الزَّوْجُ: إِنَّهُ الشَّيْطَانُ! لَقَدْ رَأَيْتُ عِبَاءَتَهُ السَّوْدَاءَ! لَقَدْ صَدَقَ الْغُرَابُ!
وَقَبْلَ الْفَجْرِ، عَادَ فَلُّوحٌ إِلَى قَرْيَتِهِ، وَهُوَ يَحْمِلُ الْغُرَابَ، وَكِيسًا فِيهِ ثَلَاثُمِائَةِ دِينَارٍ. عَالَجَتْ زَوْجَةُ فَلُّوحٍ الْغُرَابَ، وَحِينَ شُفِيَ، أَطْلَقَهُ فَلُّوحٌ قَائِلًا: لَا أَعْرِفُ لِمَاذَا قَالُوا إِنَّكَ نَذِيرُ شُؤْمٍ! لَقَدْ حَصَلْتُ عَلَى الْخَيْرِ حِينَ وَجَدْتُكَ!
بَنَى فَلُّوحٌ بَيْتًا جَمِيلًا، وَاِشْتَرَى قِطْعَةَ أَرْضٍ، وَبَقَرَةً، وَغَنَمًا. وَأَصْبَحَتِ الزَّوْجَةُ تعْمَلُ طَوَالَ الْيَوْمِ، وَأَصْبَحَ فَلُّوحٌ يَلْبَسُ مَلَابِسَ جَدِيدَةً فِي الْمُنَاسَبَاتِ. وَبِسَبَبِ هَذَا التَّغَيُّرِ، اِسْتَغْرَبَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ. قَالَ النَّاسُ إِنَّ فَلُّوحًا وَجَدَ كَنْزًا، وَقَالُوا إِنَّهُ ضَاعَ فِي الْعَاصِفَةِ، فَدَخَلَ أَرْضًا مَلِيئَةً بِالذَّهَبِ. وَبِسَبَبِ هَذِهِ الشَّائِعَاتِ، طَلَبَ الْمُخْتَارُ مِنَ فَلُّوحٍ أَنْ يَأْتِيَ إِلَى اِجْتِمَاعِ كِبَارِ الْقَرْيَةِ. وَفِي الْاِجْتِمَاعِ، سَأَلَ الْمُخْتَارُ فَلُّوحًا: مِنْ أَيْنَ أَتَيْتَ بِمَالِكَ؟ لَقَدْ كُنْتَ فَقِيرًا جِدًّا، وَلَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تَشْتَرِيَ عَلَفًا.
أَجَابَ فَلُّوحٌ: لَقَدْ بِعْتُ جِلْدَ بَقَرَتِي، فَحَصَلْتُ عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ دِينَارٍ.
صَدَّقَ الْحَاضِرُونَ مَا قَالَهُ فَلُّوحٌ، فَذَبَحُوا أَبْقَارَهُم، وَسَافَرُوا إِلَى الْمَدِينَةِ. وَحِينَ رَأَى تَاجِرُ الْجُلُودِ ذَلِكَ، صَاحَ: مَاذَا أَفْعَلُ بِكُلِّ هَذِهِ الْجُلُودِ؟ أَنَا أَشْتَرِي جِلْدَ كُلِّ بَقَرَةٍ بِثَلَاثَةِ دَنَانِيرَ!
سَأَلَ أَحَدُ الرِّجَالِ: أَلَمْ تَشْتَرِ جِلْدَ بَقَرَةٍ بِثَلَاثِمِائَةِ دِينَارٍ؟
ضَحِكَ تَاجِرُ الْجُلُودِ، وَقَالَ: جِلْدُ بَقَرَةٍ بِثَلَاثِمِائَةٍ؟ مَنْ هُوَ الْخَبِيثُ الَّذِي كَذَبَ عَلَيْكُم؟
عَرَفَ الرِّجَالُ أَنَّ فَلُّوحًا كَذَبَ عَلَيْهِم، فَعَادُوا إِلَى الْقَرْيَةِ وَأَخْبَرُوا الْمُخْتَارَ. طَلَبَ الرِّجَالُ مِنَ الْمُخْتَارِ أَنْ يُعَاقِبَ فَلُّوحًا الْكَذَّابَ، فَأَمَرَ الْمُخْتَارُ فَلُّوحًا أَنْ يَحْضُرَ. وَعِنْدَمَا حَضَرَ فَلُّوحٌ، قَالَ الْمُخْتَارُ: لَقَدْ ذَبَحَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ كُلُّهُم أَبْقَارَهُم بِسَبَبِ كَذِبِكَ.
قَالَ فَلُّوحٌ: أَنَا لَمْ أَكْذِبْ! لَقَدْ اِشْتَرَاهُ مِنِّي طَحَّانٌ!
صَاحَ الْمُخْتَارُ غَاضِبًا: لَقَدْ كَذَبْتَ عَلَيْنَا؛ وَلِذَلِكَ نَحْكُمُ عَلَيْكَ بِالْمَوْتِ غَرَقًا.
أَخَذَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ فَلُّوحًا إِلَى الْبُحَيْرَةِ، وَأَحْضَرُوا بِرْمِيلًا مَثْقُوبًا كَيْ يَضَعُوا فَلُّوحًا فِيهِ. وَبَعْدَ ذَلِكَ، أَحْضَرُوا قَسًّا كَيْ يَتْلُوا عَلَيْهِ صَلَاةَ الرُّوحِ. وَحِينَ جَاءَ الْقَسُّ، ذَهَبَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ وَاِنْتَظَرُوا بَعِيدًا حَتَّى يَنْتَهِيَ الْقَسُّ.
نَظَرَ فَلُّوحٌ حَوْلَهُ، فَلَمْ يَرَ أَحَدًا، فَاِلْتَفَتَ إِلَى الْقَسِّ، وَقَالَ لَهُ: هَلْ تَذْكُرُنِي؟ لَقَدْ أَنْقَذْتُكَ ذَلِكَ الْيَوْمَ عِنْدَمَا كُنْتَ فِي بَيْتِ الطَّحَّانِ!
قَالَ الْقَسُّ: أَنْتَ لَمْ تُنْقِذْنِي! لَقَدْ فَضَحْتَنِي!
قَالَ فَلُّوحٌ: لَا! بَلَ أَنْقَذْتُكَ! أَنَا لَمْ أُخْبِرِ الطَّحَّانَ شَيْئًا عَنْكَ، بَلْ اِدَّعَيْتُ أَنَّكَ شَيْطَانٌ! لَكِنَّنِي أَسْتَطِيعُ الْآنَ أَنْ أُخْبِرَ النَّاسَ أَنَّكَ شَيْطَانٌ حَقًّا؛ لِأَنَّكَ تَخْدَعُ النِّسَاءَ وَالرِّجَالَ، وَتَدَّعِيِ الدِّينَ.
اِحْمَرَّ وَجْهُ القَسِّ، وَقَالَ لَهُ: مَاذَا تُرِيدُ؟
أَجَابَ فَلُّوحٌ: تَظَاهَرْ أَنَّكَ تَقْرَأُ عَلَيَّ فِي الْبِرْمِيلِ، وَأَنَا سَأَذْهَبُ كَيْ أَجِدَ حَلًّا!
وَافَقَ الْقَسُّ، فَرَكَضَ فَلُّوحٌ بَعِيدًا، وَأَخَذَ يَنْظُرُ حَوْلَهُ قَلِقًا مُحْتَارًا حَتَّى رَأَى رَاعِيَ الْقَرْيَةِ. كَانَ الرَّاعِي يَسُوقُ أَغْنَامًا كَثِيرَةً أَمَامَهُ، فَفَكَّرَ فَلُّوحٌ قَلِيلًا، ثُمَّ صَاحَ: أَنَا لَا أُرِيدُ! لَا أُرِيدُ! لَا تَطْلُبُوا مِنِّي ذَلِكَ، فَأَنَا لَنْ أَفْعَلَهُ وَإِنْ جَاءَ مَلِكُ الْمُلُوكِ!
اِقْتَرَبَ الرَّاعِي مُتَعَجِّبًا، وَسَأَلَهُ عَنْ سَبَبِ صِيَاحِهِ، فَأَجَابَ فَلُّوحٌ: إِنَّهُم يُرِيدُونَ أَنْ يَجْعَلُونِي مُخْتَارَ الْقَرْيَةِ، وَأَنَا لَا أُرِيدُ! لَنْ أَجْلِسَ فِي ذَلِكَ الْبِرْمِيلِ أَبَدًا!
نَظَرَ الرَّاعِي إِلَى الْبِرْمِيلِ وَالْقَسُّ أَمَامَهُ، ثُمَّ قَالَ: هَلْ هَذَا هُوَ الْمَطْلُوبُ؟ أَنْ تَجْلِسَ فِي الْبِرْمِيلِ؟
أَجَابَ فَلُّوحٌ: أَجَلْ! وَذَلِكَ الْقَسُّ سَيَقْرَأُ عَلَيَّ قَسَمَ التَّنْصِيبِ؛ لَكِنِّي لَا أُرِيدُ!
ضَحِكَ الرَّاعِي، وَصَاحَ: أَنْتَ أَحْمَقُ مَجْنُونٌ! سَوْفَ أَذْهَبُ أَنَا بَدَلًا عَنْكَ!
قَالَ فَلُّوحٌ: اِذْهَبْ! سَوْفَ يَجْعَلُونَكَ الْمُخْتَارَ!
صَاحَ الرَّاعِي فَرِحًا، ثُمَّ رَمَى قُبَّعَتَهُ وَعَصَاهُ، وَرَكَضَ إِلَى الْبِرْمِيلِ، وَجَلَسَ دَاخِلَهُ. أَغْلَقَ فَلُّوحٌ الْغِطَاءَ، وَثَبَّتَهُ بِالْمَسَامِيرِ، وَالرَّاعِي فَرِحٌ مُتَلَهِّفٌ. وَحِينَ اِنْتَهَى فَلُّوحٌ، وَضَعَ قُبَّعَةَ الرَّاعِي عَلَى رَأْسِهِ، وَأَخَذَ عَصَاهُ، ثُمَّ سَاقَ الْأَغْنَامَ أَمَامَهُ، وَسَارَ مُبْتَعِدًا. وَحِينَ رَأَى الْقَسُّ ذَلِكَ، ذَهَبَ إِلَى أَهْلِ الْقَرْيَةِ الْمُنْتَظِرِينَ، وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ اِنْتَهَى مِنَ الصَّلَاةِ، ثُمَّ غَادَرَ الْقَرْيَةَ.
ذَهَبَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ إِلَى الْبِرْمِيلِ، وَرَفَعُوهُ ثُمَّ رَمَوْهُ إِلَى الْبُحَيْرَةِ. حِينَذَاكَ، صَاحَ الرَّاعِي: إِنَّهَا الْمِهْنَةُ الَّتِي وُلِدْتُ لَهَا! لَكِنَّ أَحَدًا لَمْ يَسْمَعَهُ. وَحِينَ اِطْمَأَنَّ الْمُخْتَارُ وَأَهْلُ الْقَرْيَةِ أَنَّ الْبِرْمِيلَ قَدْ غَرِقَ، عَادُوا إِلَى الْقَرْيَةِ مُرْتَاحِينَ. وَفِي الطَّرِيقِ، أَصَابَتِ الصَّدْمَةُ الرِّجَالَ؛ لِأَنَّ فَلُّوحًا كَانَ يَسِيرُ وَأَمَامَهُ قَطِيعُ أَغْنَامٍ.
صَاحَ الْمُخْتَارُ: فَلُّوح! لِمَاذَا أَنْتَ حَيٌّ؟ هَلْ خَرَجْتَ مِنَ الْبُحَيْرَةِ؟ وَكَيْفَ حَصَلْتَ عَلَى هَذِهِ الْأَغْنَامِ؟
نَظَرَ فَلُّوحٌ إِلَيْهِم مُحْتَارًا، ثُمَّ قَالَ: أَنَا حَيٌّ طَبْعًا! لَا يُمْكِنُ أَنْ يَمُوتَ الْإِنْسَانُ هُنَاكَ! لَقَدْ غَرِقْتُ وَغَرِقْتُ إِلَى أَسْفَلَ؛ لَكِنِّي وَجَدْتُ هَذِهِ الْأَغْنَامَ، فَرَفَعَتْنِي وَأَتَتْ مَعِي! إِنَّ تَحْتَ الْمَاءِ حُقُولًا جَمِيلَةً، وَأَغْنَامًا كَثِيرَةً!
صَاحَ الرِّجَالُ: هَلْ بَقِيَ هُنَالِكَ غَيْرُ هَذِهِ الْأَغْنَامِ؟
أَجَابَ فَلُّوحٌ: طَبْعًا! هُنَالِكَ الْكَثِيرُ!
قَرَّرَ الرِّجَالُ أَنْ يَنْزِلُوا إِلَى قَاعِ الْبُحَيْرَةِ كَيْ يَحْصُلُوا عَلَى الْأَغْنَامِ؛ لَكِنَّ الْمُخْتَارَ قَالَ: سَوْفَ أَنْزِلُ أَوَّلًا كَيْ أَسْتَطْلِعَ الْوَضْعَ! إِذَا سَمِعْتُم نِدَائِيَ، اِقْفِزُوا خَلْفِي!
ذَهَبَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ إِلَى الْبُحَيْرَةِ، فَرَأَوا اِنْعِكَاسَ السَّحَابِ عَلَى الْمَاءِ؛ لَكِنَّهُم قَالُوا: إِنَّنَا نَرَى الْأَغْنَامَ!
فَرِحَ الْمُخْتَارُ، وَقَفَزَ. سَمِعَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ صَوْتَ غَرَقِ الْمُخْتَارِ؛ لَكِنَّهُم ظَنُّوا أَنَّهُ يُنَادِيهِم، فَقَفَزُوا جَمِيعًا. وَقَفَ فَلُّوحٌ يُرَاقِبُ الرِّجَالَ، وَهُمْ يَغْرَقُونَ، ثُمَّ قَالَ: لَمْ يَعُدْ فِي الْقَرْيَةِ رَجُلٌ غَيْرِي! يَبْدُو أَنَّنِي سَوْفَ أُصْبِحُ الْمُخْتَارَ!
You can buy our stories on Amazon. They are also available on other Amazon Marketplaces. Type the author’s name (Mansour Seraj) on the search bar.
(1) Arabic Short Stories for Learners of Arabic as an Additional Language (High Beginners)
(2) Arabic Short Stories for Learners of Arabic as an Additional Language (Low Intermediate)
(3) Arabic Short Stories for Learners of Arabic as an Additional Language (Intermediate)
(4) Arabic Short Stories for Learners of Arabic as an Additional Language (Upper Intermediate)
(5) Juha: 50 Arabic Short Stories for Learners of Arabic as an Additional Language (Low Intermediate)