الْكَذَّابُ وَالْمَرْأَةُ الْبَرِيئَةُ

الْكَذَّابُ وَالْمَرْأَةُ الْبَرِيئَةُ

This Arabic story is for learners of Arabic as an additional language. We took it from a book written by Kamil Keilany, an Egyptian writer and a poet. The original text was written for native speakers of Arabic. To make it suitable for learners of Arabic as an additional language, we have abridged it, rephrased it in an elegant, flowing, and less complicated prose, and added to it our creative writing touch. Besides, we have fully vowelized it to make it more readable and comprehensible. Additionally, sentence structures are tailored for non-Arab learners of Arabic. This Arabic story is suitable for intermediate and/or upper-intermediate learners.

الْكَذَّابُ وَالْمَرْأَةُ الْبَرِيئَةُ 1

فِي بَغْدَادَ، كَانَ الْخَلِيفَةُ هَارُونُ الرَّشِيدُ يَخْرُجُ سِرًّا كَيْ يَتَفَقَّدَ أَحْوَالَ النَّاسِ. كَانَ الْخَلِيفَةُ يَلْبَسُ مَلَابِسَ بَسِيطَةً، وَيَخْرُجُ هُوَ وَوَزِيرُهُ جَعْفَرَ، وَخَادِمُهُ مَسْرُورٌ. وَفِي أَحَدِ الْأَيَّامِ، كَانَ الْخَلِيفَةُ هَارُونُ الرَّشِيدُ يَتَجَوَّلُ قُرْبَ نَهْرِ دِجْلَةَ. رَأَى الْخَلِيفَةُ رَجُلًا جَالِسًا تَحْتَ شَجَرَةٍ، وَأَمَامَهُ شَبَكَةُ صَيْدٍ. كَانَ الرَّجُلُ يُمْسِكُ رَأْسَهُ بِكَفَّيْهِ، وَكَانَ حَزِينًا شَاحِبًا. اِقْتَرَبَ الْخَلِيفَةُ مِنَ الرَّجُلِ، وَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ!

رَفَعَ الرَّجُلُ الشَّاحِبُ رَأْسَهُ، وَرَدَّ: وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

ثُمَّ عَادَ يَنْظُرُ إِلَى شَبَكَتِهِ، فَقَالَ الْخَلِيفَةُ: أَنْتَ صَيَّادٌ، صَحِيح؟

وَقَفَ الرَّجُلُ، وَرَفَعَ شَبَكَتَهُ قَائِلًا: أَنَا صَيَّادٌ ذُو حَظٍّ سَيْءٍ. لَا أَصِيدُ إِلَّا الْخُرْدَةَ الَّتِي يُلْقِيهَا النَّاسُ فِي النَّهْرِ! لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَعُودَ إِلَى الْبَيْتِ دُونَ أَنْ أَصِيدَ شَيْئًا؛ لِأَنِّي فَقِيرٌ، وَلَمْ أُطْعِمْ عَائِلَتِي مُنْذُ يَوْمَيْنِ. لَا أَدْرِي مَا أَفْعَلُ!

تَنَهَّدَ الصَّيَّادُ، وَجَمَعَ الشَّبَكَةَ، وَهَمَّ أَنْ يُغَادِرَ؛ لَكِنَّ الْخَلِيفَةَ قَالَ: اِنْتَظِرْ، أَيُّهَا الصَّيَّادُ! هَلْ سَتَعُودُ إِلَى بَيْتِكَ؟

ضَحِكَ الصَّيَّادُ سَاخِرًا، وَقَالَ: أَعُودُ؟ وَمَاذَا أَقُولُ لَهُم؟! لَا! سَأَذْهَبُ كَيْ أَبْحَثَ عَنْ عَمَلٍ آخَرَ. الْأَبُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَخَاذَلَ؛ لِأَنَّهُ سَوْفَ يَرَى وُجُوهَ أَطْفَالِهِ الْجِيَاعِ حِينَ يَعُودَ.

اِبْتَسَمَ الْخَلِيفَةُ، وَقَالَ: اِنْتَظِرْ! اِقْذِفْ شَبَكَتَكَ فِي النَّهْرِ، وَسَوْفَ أَشْتَرِي أَيَّ شَيْءٍ تَصْطَادُهُ بِمَائَةِ دِينَارٍ. هَلْ أَنْتَ مُوَافِقٌ؟

تَعَجَّبَ الصَّيَّادُ، وَقَالَ: وَمَاذَا سَوْفَ تَسْتَفِيدُ أَنْتَ مِنَ الْخُرْدَةِ؟

اِبْتَسَمَ الْخَلِيفَةُ وَلَمْ يُجِبْ، فَوَافَقَ الصَّيَّادُ. رَمَى الصَّيَّادُ شَبَكَتَهُ، وَاِنْتَظَرَ الْخَلِيفَةُ، وَوَزِيرُهُ جَعْفَرُ، وَخَادِمُهُ مَسْرُورٌ صَامِتِينَ. وَبَعْدَ مُدَّةٍ، جَذَبَ الصَّيَّادُ شَبَكَتَهُ مُتَعَجِّبًا؛ لِأَنَّ الشَّبَكَةَ كَانَتْ ثَقِيلَةً. اِتَّجَهَ الْخَلِيفَةُ نَحْوَهُ وَاِنْتَظَرَ حَتَّى أَخْرَجَ الشَّبَكَةَ، فَرَأَى دَاخِلَهَا صُنْدُوقًا خَشَبِيًّا كَبِيرًا. قَالَ الصَّيَّادُ: هَذِهِ خُرْدَةٌ كَبِيرَةٌ! سَوْفَ أَرَى مَا يُوْجَدُ فِي الدَّاخِلِ.

لَكِنَّ الْخَلِيفَةَ مَنَعَهُ قَائِلًا: سَوْفَ أَشْتَرِي مِنْكَ الصُّنْدُوقَ. لَا يُهِمُّنِي مَا يُوجَدُ فِيهِ!

ثُمَّ مَدَّ الْوَزِيرُ جَعْفَرُ كِيسًا فِيهِ مَائَةُ دِينَارٍ، فَأَخَذَهُ الصَّيَّادُ فَرِحًا وَغَادَرَ. وَحِينَ اِخْتَفَى، أَمَرَ الْخَلِيفَةُ مَسْرُورًا أَنْ يَفْتَحَ الصُّنْدُوقَ. قَالَ الْوَزِيرُ جَعْفَرُ مُتَعَجِّبًا: هَذَا الصُّنْدُوقُ صُنِعَ حَدِيثًا! رُبَّمَا سَرَقَهُ أَحَدٌ و...

الْكَذَّابُ وَالْمَرْأَةُ الْبَرِيئَةُ 2

صَمَتَ الْوَزِيرُ جَعْفَرُ مَصْدُومًا حِينَ فَتَحَ مَسْرُورٌ الصُّنْدُوقَ. كَانَ فِي الصُّنْدُوقِ اِمْرَأَةٌ شَاحِبَةٌ، وَعَلَى رَأْسِهَا أَثَرُ دِمَاءٍ. اِبْتَعَدَ الْخَلِيفَةُ عَنِ الصُّنْدُوقِ، وَنَظَرَ حَوْلَهُ، ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ قَتَلَ أَحَدُهُم هَذِهِ الْمَرْأَةَ، وَرَمَاهَا فِي النَّهْرِ. اِحْمِلِ الصُّنْدُوقَ إِلَى الْقَصْرِ، يَا مَسْرُورُ! وَاُطْلُبْ رَئِيسَ الشُّرْطَةِ، يَا جَعْفَرُ!

عَادَ الْخَلِيفَةُ إِلَى قَصْرِهِ، وَهُوَ مَهْمُومٌ. أَخَذَ الْخَلِيفَةُ يُفَكِّرُ فِي الْمَرْأَةِ الْمَقْتُولَةِ، وَفِي سَبَبِ قَتْلِهَا. وَحِينَ وَصَلَ رَئِيسُ الشُّرْطَةِ إِلَى الْقَصْرِ، كَانَ الْخَلِيفَةُ غَاضِبًا. قَالَ الْخَلِيفَةُ: إِنَّ الْقَاتِلَ يَظُنُّ أَنَّهُ سَوْفَ يَنْجُو مِنَ الْعِقَابِ! يَجِبُ عَلَيْكَ أَنْ تَجِدَهُ!

قَالَ رَئِيسُ الشُّرْطَةِ خَائِفًا وَمُحْتَارًا: نَحْنُ لَا نَمْلِكُ أَيَّ دَلِيلٍ، يَا مَوْلَاي! وَلَا نَعْرِفُ أَيَّ شَيْءٍ عَنِ الْمَرْأَةِ! نَحْنُ لَا نَعْرِفُ أَيْنَ نَبْحَثُ!

صَاحَ الْخَلِيفَةُ غَاضِبًا: يَجِبُ أَنْ تَجِدَ الْقَاتِلَ! دَبِّرْ أَمْرَكَ! يَجِبُ أَنْ تَجِدَ الْقَاتِلَ قَبْلَ صَلَاةِ ظُهْرِ يَوْمِ الْغَدِ. إِذَا لَمْ تَفْعَلْ، سَوْفَ آمُرُ بِقَتْلِكَ أَنْتَ!

خَرَجَ رَئِيسُ الشُّرْطَةِ، وَهُوَ قَلِقٌ وَمَهْمُومٌ. لَمْ يَعْرِفْ رَئِيسُ الشُّرْطَةِ مِنْ أَيْنَ يَبْدَأُ الْبَحْثَ؛ لَكِنَّهُ أَمَرَ الْعَسَاكِرَ أَنْ يَسْأَلُوا عَنْ كُلِّ اِمْرَأَةٍ مَفْقُودَةٍ فِي بَغْدَادَ. وَبَعْدَ مُنْتَصَفِ اللَّيْلِ، عَادَ رَئِيسُ الشُّرْطَةِ إِلَى بَيْتِهِ، وَهُوَ مُرْهَقٌ. لَمْ يَعْرِفْ رَئِيسُ الشُّرْطَةِ شَيْئًا عَنِ الْقَاتِلِ، وَلَمْ يَجِدْ أَيَّ دَلِيلٍ.

جَلَسَ رَئِيسُ الشُّرْطَةِ فِي حَدِيقَةِ بَيْتِهِ مُتْعَبًا، وَأَخَذَ يُفَكِّرُ، وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَى الْأَشْجَارِ. وَبَعْدَ مُدَّةٍ، سَمِعَ رَئِيسُ الشُّرْطَةِ صَوْتًا، فَنَهَضَ، وَاتَّجَهَ نَحْوَ الصَّوْتِ. رَأَى رَئِيسُ الشُّرْطَةِ اِبْنَهُ، وَاِبْنَتَهُ، وَخَادِمَهُ رَيْحَانَ جَالِسِينَ، وَأَمَامَهُم بَعْضُ الطَّعَامِ. سَأَلَ رَئِيسُ الشُّرْطَةِ مُسْتَغْرِبًا: مَاذَا تَفْعَلُونَ فِي هَذَا الْوَقْتِ؟

وَقَفَ الْجَمِيعُ، وَاِتَّجَهُوا نَحْوَ رَئِيسِ الشُّرْطَةِ، ثُمَّ قَالَتِ الْبِنْتُ: لَقَدْ قَلِقْنَا عَلَيْكَ، يَا أَبِي. أَنْتَ تَخْرُجُ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَتَعُودُ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ؛ لَكِنَّكَ تَأَخَّرْتَ الْيَوْمَ.

وَقَالَ الْوَلَدُ: وَلِذَلِكَ قَرَّرْنَا أَنْ نَنْتَظِرَكَ حَتَّى تَعُودَ كَيْ نَعْرِفَ سَبَبَ تَأَخُّرِكَ.

وَقَالَ الْخَادِمُ رَيْحَانَ: لَقَدْ أَصَرَّا عَلَى هَذَا، يَا سَيِّدِي!

تَنَهَّدَ رَئِيسُ الشُّرْطَةِ، وَقَالَ: كَانَ لَدَيَّ عَمَلٌ كَثِيرٌ.

ثُمَّ أَمَرَ اِبْنَهُ وَاِبْنَتَهُ أَنْ يَنَامَا، وَغَادَرَ بَيْتَهُ مُجَدَّدًا. وَحِينَ أَشْرَقَتْ شَمْسُ الْيَوْمِ التَّالِي، كَانَ رَئِيسُ الشُّرْطَةِ قَدْ أَخَذَ يُفَكِّرُ فِي مَوْتِهِ هُوَ؛ لِأَنَّ الْخَلِيفَةَ قَدْ تَوَعَّدَهُ بَالْقَتْلِ إِنْ لَمْ يَجِدِ الْقَاتِلَ. فَكَّرَ رَئِيسُ الشُّرْطَةِ فِي اِبْنِهِ، وَاِبْنَتِهِ، وَزَوْجَتِهِ، وَشَعَرَ بِحُزْنٍ شَدِيدٍ؛ لَكِنَّهُ كَانَ مُسْتَعِدًّا لِلْمَوْتِ حِينَ سَمِعَ أَذَانَ الظُّهْرِ.

وَقَفَ رَئِيسُ الشُّرْطَةِ أَمَامَ الْخَلِيفَةِ، وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَمْ يَجِدِ الْقَاتِلَ؛ فَأَمَرَ الْخَلِيفَةُ وَزِيرَهُ جَعْفَرَ أَنْ يُجَهِّزَ الْمِشْنَقَةَ أَمَامَ الْجَامِعِ. اِجْتَمَعَ النَّاسُ أَمَامَ الْمِشْنَقَةِ، وَهُمْ مُسْتَغْرِبُونَ؛ لِأَنَّهُم لَمْ يَعْرِفُوا الْمُجْرِمَ أَوِ الْجَرِيمَةَ. أَخَذَ الْعَسَاكِرُ رَئِيسَ الشُّرْطَةِ، وَالصُّنْدُوقَ الْخَشَبِيَّ إِلَى أَمَامِ الْجَامِعِ. وَهُنَاكَ، وَقَفَ الْوَزِيرُ جَعْفَرُ، وَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّ رَئِيسَ الشُّرْطَةِ مُكَلَّفٌ بِحِمَايَةِ النَّاسِ، وَبِالْقَبْضِ عَلَى الْمُجْرِمِينَ. وَقَدْ وَجَدْنَا هَذَا الصُّنْدُوقَ فِي نَهْرِ دِجْلَةَ، وَوَجَدْنَا دَاخِلَهُ اِمْرَأَةً مَيِّتَةً. وَبِسَبَبِ هَذَا، أَمَرَ الْخَلِيفَةُ رَئِيسَ الشُّرْطَةِ بِالتَّحْقِيقِ فِي هَذِهِ الْجَرِيمَةِ؛ لَكِنَّ رَئِيسَ الشُّرْطَةِ قَصَّرَ فِي عَمَلِهِ، وَلَمْ يَجِدِ الْقَاتِلَ فِي الْوَقْتِ الْمُحَدَّدِ. وَبِسَبَبِ تَقْصِيرِهِ وَإِهْمَالِهِ، حَكَمَ عَلَيْهِ الْخَلِيفَةُ بِالْقَتْلِ!

صَمَتَ النَّاسُ مُنْزَعِجِينَ، ثُمَّ أَخَذُوا يَتَسَاءَلُونَ عَنْ هُوِيَّةِ الْمَرْأَةِ، وَيَتَكَلَّمُونَ عَنِ الْقَاتِلِ الْحَقِيقِي. أَخَذَ الْجَلَّادُ الْحَبْلَ كَيْ يَضَعَهُ حَوْلَ رَقَبَةِ رَئِيسِ الشُّرْطَةِ؛ لَكِنَّهُ تَوَقَّفَ عِنْدَمَا سَمِعَ رَجُلًا يَصِيحُ: تَوَقَّفُوا! تَوَقَّفُوا! لَا تَقْتُلُوهُ! أَنَا الْقَاتِلُ! أَنَا الْمُجْرِمُ!

الْكَذَّابُ وَالْمَرْأَةُ الْبَرِيئَةُ 3

كَانَ الْمُتَكَلِّمُ شَيْخًا، وَكَانَ يَصِيحُ بَاكِيًا. اِقْتَرَبَ الْوَزِيرُ مِنَ الشَّيْخِ، وَقَالَ: هَلْ أَنْتَ قَاتِلُ هَذِهِ الْمَرْأَةِ؟

فَتَحَ الْعَسَاكِرُ الصُّنْدُوقَ، فَنَظَرَ الشَّيْخُ إِلَى الْمَرْأَةِ طَوِيلًا، ثُمَّ هَزَّ رَأْسَهُ، وَقَالَ: نَعْم! أَنَا قَتَلْتُهَا!

سَأَلَ الْوَزِيرُ جَعْفَرُ: وَلِمَاذَا قَتَلْتَهَا؟

أَجَابَ الشَّيْخُ: إِنَّهَا اِبْنَتِي، وَقَدْ أَخْطَأَتْ!

نَظَرَ الْوَزِيرُ إِلَى الشَّيْخِ طَوِيلًا، ثُمَّ أَمَرَ الْجَلَّادَ أَنْ يَشْنُقَهُ بَدَلَ رَئِيسِ الشُّرْطَةِ. سَحَبَ الْجَلَّادُ الشَّيْخَ، وَوَضَعَ الْحَبْلَ حَوْلَ رَقَبَتِهِ؛ لَكِنَّهُ تَوَقَّفَ حِينَ سَمِعَ رَجُلًا يَصِيحُ: تَوَقَّفُوا! تَوَقَّفُوا! أَنَا هُوَ الْقَاتِلُ الْحَقِيقِيُّ! لَا تُصَدِّقُوهُ!

اِلْتَفَتَ الْجَلَّادُ، فَرَأَى شَابًّا، يَرْكُضُ نَحْوَهُ بَاكِيًا. اِقْتَرَبَ الْوَزِيرُ جَعْفَرُ، وَقَالَ: تَوَقَّفْ! كَيْفَ تَدَّعِي أَنَّكَ الْقَاتِلُ الْحَقِيقِيُّ، وَقَدْ جَاءَ هَذَا الشَّيْخُ بِهَذَا الْكَلَامِ قَبْلَكَ؟!

قَالَ الشَّابُّ: أَرْجُوكَ، أَيُّهَا الْوَزِيرُ! هَذَا الشَّيْخُ عَمِّي، شَقِيقُ أَبِي! وَهَذِهِ الْمَرْأَةُ الَّتِي فِي الصُّنْدُوقِ زَوْجَتِي وَاِبْنَةُ عَمِّي! عَمِّي لَا يُرِيدُ أَنْ أَمُوتَ مِنْ أَجْلِ أَوْلَادِي؛ وَلِذَلِكَ سَلَّمَ نَفْسَهُ.

تَعَجَّبَ الْوَزِيرُ جَعْفَرُ، وَقَرَّرَ أَنْ يَعُودَ إِلَى الْقَصْرِ كَيْ يُخْبِرَ الْخَلِيفَةَ، وَأَخَذَ مَعَهُ الشَّيْخَ، وَالشَّابَّ، وَالْمَرْأَةَ فِي الصُّنْدُوقِ. حَكَى الْوَزِيرُ جَعْفَرُ لِلْخَلِيفَةِ كُلَّ مَا حَدَثَ، فَاِبْتَسَمَ الْخَلِيفَةُ، وَقَالَ: كُنْتُ وَاثِقًا أَنَّ الْقَاتِلَ سَوْفَ يُسَلِّمُ نَفْسَهُ؛ لَكِنَّنِي لَمْ أَتَوَقَّعْ قَاتِلَيْنِ. مَنْ هُوَ الْقَاتِلُ الْحَقِيقِيُّ؟

تَقَدَّمَ الشَّابُّ، وَقَالَ: أَنَا، يَا مَوْلَايَ! سَوْفَ أَحْكِي لَكَ كُلَّ مَا حَصَلَ.

قَبْلَ شَهْرٍ، مَرِضَتْ زَوْجَتِي مَرَضًا شَدِيدًا، وَلَمْ أَجِدْ لَهَا عِلَاجًا عِنْدَ أَيِّ طَبِيبٍ. إِنَّهَا اِمْرَأَةٌ نَشِيطَةٌ وَمَرِحَةٌ؛ لَكِنَّ هَذَا الْمَرَضَ الْخَبِيثَ جَعَلَهَا تَظَلُّ فِي فِرَاشِهَا طَوالَ الْيَوْمِ، وَجَعَلَهَا صَامِتَةً مُتْعَبَةً. لَمْ تَسْتَطِعْ زَوْجَتِي أَنْ تَأْكُلَ شَيْئًا، وَلَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تَهْتَمَّ بِالْأَطْفَالِ. أَنَا أُحِبُّ زَوْجَتِي كَثِيرًا، وَأَصْبَحْتُ أَعِيشُ مُتَأَلِّمًا بِسَبَبِ مَرَضِهَا. وَذَاتَ يَوْمٍ، قَالَتْ لِي إِنَّهَا تَشْتَهِي التُّفَّاحَ، فَفَرِحْتُ فَرَحًا شَدِيدًا، وَخَرَجْتُ أَبْحَثُ عَنِ التُّفَّاحِ فِي كُلِّ دُكَّانٍ، وَعِنْدَ كُلِّ مُزَارِعٍ. سَخِرَ الْجَمِيعُ مِنِّيَ؛ لِأَنَّ هَذَا الْوَقْتَ لَيْسَ مَوْسِمَ التُّفَّاحِ. لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَعُودَ إِلَى مَنْزِلِي خَائِبًا، فَأَخَذَتُ أَسْأَلُ النَّاسَ فِي كُلِّ مَكَانٍ حَتَّى أَخْبَرَنِي أَحَدُ أَصْحَابِي أَنَّنِي أَسْتَطِيعُ أَنْ أَجِدَ تُفَّاحًا فِي أَحَدِ بَسَاتِينَ الْخَلِيفَةِ خَارِجَ بَغْدَادَ. سَافَرْتُ إِلَى ذَلِكَ الْبُسْتَانِ، وَتَوَسَّلْتُ طَوِيلًا حَتَّى اِشْتَرَيْتُ ثَلَاثَ تُفَّاحَاتٍ بِثَلَاثَةِ دَنَانِيرَ، ثُمَّ عُدْتُ إِلَى بَيْتِي فَرِحًا مَسْرُورًا.

وَحِينَ وَصَلْتُ إِلَى الْبَيْتِ، وَجَدْتُ زَوْجَتِي نَائِمَةً، فَوَضَعْتُ التُّفَّاحَ قُرْبَ السَّرِيرِ، وَذَهَبْتُ إِلَى دُكَّانِي. وَبَعْدَ سَاعَةٍ، جَاءَ رَجُلٌ طَوِيلٌ، أَسْمَرُ، أَصْلَعُ إِلَى دُكَّانِي، وَمَعَهُ تُفَّاحَةٌ. كَانَ الرَّجُلُ يلْعَبُ بِالتُّفَّاحَةِ، وَهُوَ يَضْحَكُ، فَقُلْتُ لَهُ: أَيْنَ وَجَدْتَ هَذِهِ التُّفَّاحَةَ؟ لَقَدْ بَحَثْتُ فِي كُلِّ دَكَاكِينِ بَغْدَادَ!

ضَحِكَ الرَّجُلُ، وَقَالَ: لَقَدْ أَعْطَتْنِي صَاحِبَتِي. إِنَّهَا مَرِيضَةٌ، وَقَدْ طَلَبَتْ مِنْ زَوْجِهَا أَنْ يُحْضِرَ لَهَا تُفَّاحًا، فَسَافَرَ إِلَى أَحَدِ بَسَاتِينِ الْخَلِيفَةِ خَارِجَ بَغْدَادَ، وَاِشْتَرَى لَهَا ثَلَاثَ تُفَّاحَاتٍ.

أُصِبْتُ بِالصَّدْمَةِ، فَلَمْ أَتَكَلَّمْ. وَاِنْتَظَرْتُ حَتَّى غَادَرَ الرَّجُلُ، ثُمَّ أَغْلَقْتُ دُكَّانِي، وَعُدْتُ إِلَى مَنْزِلِي. وَحِينَ وَصَلْتُ، وَجَدْتُ زَوْجَتِي مُسْتَيْقِظَةً، وَبَيْنَ يَدَيْهَا تُفَّاحَةٌ، وَفِي الطَّبَقِ، قُرْبَ السَّرِيرِ، تُفَّاحَةٌ أُخْرَى. سَأَلْتُ زَوْجَتِي: هَلْ أَكَلْتِ تُفَّاحَةً قَبْلَ هَذِهِ؟

أَجَابَتْ زَوْجَتِي: لَا، هَذِهِ أَوَّلُ وَاحِدَةٍ.

قُلْتُ: وَأَيْنَ التُّفَّاحَةُ الثَّالِثَةُ؟

بَحَثْتُ عَنِ التُّفَّاحَةِ فِي كُلِّ مَكَانٍ فِي الْبَيْتِ، وَلَمْ أَجِدْهَا، فَعُدْتُ إِلَى زَوْجَتِي وَسَأَلْتُهَا عَنِ التُّفَّاحَةِ الثَّالِثَةِ، فَقَالَتْ: أَنَا لَا أَعْرِفُ! سَأَلْتُهَا مَرَّةً أُخْرَى، لَكِنَّهَا لَمْ تُجِبْ، فَغَضِبْتُ غَضَبًا شَدِيدًا، وَصَفَعْتُهَا؛ فَسَقَطَتْ عَلَى الْأَرْضِ، وَسَالَ الدَّمُ مِنْ رَأْسِهَا. نَادَيْتُهَا، لَكِنَّهَا لَمْ تُجِبْ، فَعَرَفْتُ أَنَّي قَتَلْتُهَا. نَدِمْتُ نَدَمًا شَدِيدًا، لَكِنِّي لَمْ أَعْرِفْ مَا أَفْعَلُ. بَكَيْتُ مُتَأَلِّمًا مِنْ خِيَانَتِهَا لِي، وَمِنْ قَتْلِي إِيَّاهَا. ثُمَّ فَكَّرْتُ أَنَّنِي قَاتِلٌ الْآنَ، وَأَنَّنِي سَوْفَ أُقْتَلُ، فَخِفْتُ عَلَى أَوْلَادِي، وَقَرَّرْتُ أَنْ أَنْجُوَ. وَلِذَلِكَ صَنَعْتُ صُنْدُوقًا، وَوَضَعْتُ زَوْجَتِي فِيهِ، وَأَغْلَقْتُ الصُّنْدُوقَ بِالْمَسَامِيرَ، ثُمَّ أَلْقَيْتُهُ فِي نَهْرِ دِجْلَةَ. ظَنَنْتُ أَنَّ أَحَدًا لَنْ يَعْرِفَ جَرِيمَتِي! ظَنَنْتُ أَنَّنِي سَوْفَ أَنْجُو!

وَبَعْدَ أَنْ رَمَيْتُ الصُّنْدُوقَ، عُدْتُ إِلَى الْبَيْتِ؛ لَكِنِّي لَقِيتُ اِبْنِيَ فِي الطَّرِيقِ. كَانَ اِبْنِيَ يَبْكِي، وَمَلَابِسُهُ مُتَّسِخَةٌ، وَآثَارُ ضَرْبٍ عَلَى وَجْهِهِ. سَأَلْتُ اِبْنِيَ عَنْ مَا حَدَثَ لَهُ، وَأَنَا أَظُنُّ أَنَّهُ يَبْكِي؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ أُمَّهُ؛ لَكِنَّهُ قَالَ لِي: لَقَدْ عُدْتُ إِلَى الْبَيْتِ، يَا أَبِي، وَوَجَدْتُ ثَلَاثَ تُفَّاحَاتٍ. كَانَ لَوْنُهَا أَحْمَرَ، وَكَانَتْ تَبْدُو شَهِيَّةً. أَرَدْتُ أَنْ آكُلَ وَاحِدَةً، فَذَهَبْتُ إِلَى أُمِّيَ كَيْ أَسْتَأْذِنَهَا؛ لَكِنَّهَا كَانَتْ نَائِمَةً، وَلَمْ تَكُنْ أَنتَ فِي الْبَيْتِ. وَلِذَلِكَ أَخَذْتُ تُفَّاحَةً، وَقَرَّرْتُ أَنْ أَذْهَبَ إِلَى دُكَّانِكَ كَيْ أَسْتَأْذِنَ مِنْكَ. وَفِي الطَّرِيقِ، لَقِيَنِي رَجُلٌ طَوِيلٌ، أَسْمَرُ، أَصْلَعُ. طَلَبَ مِنِّيَ الرَّجُلُ أَنْ أُعْطِيَهُ التُّفَّاحَةَ، فَرَفَضْتُ، وَأَخْبَرْتُهُ أَنَّهَا لِأُمِّي، وَأَنَّ أَبِي اِشْتَرَاهَا مِنْ أَحَدِ بَسَاتِينِ الْخَلِيفَةِ خَارِجَ بَغْدَادَ؛ لَكِنَّهُ خَطَفَهَا مِنِّي وَهَرَبَ. لَحِقْتُ بِهِ وَأَمْسَكْتُهُ؛ لَكِنَّهُ ضَرَبَنِي وَهَرَبْ. أَنَا أَبْحَثُ عَنْهُ مُنْذُ ذَلِكَ الْوَقْتِ، يَا أَبِي! أُرِيدُ أَنْ أُعِيدَ التُّفَّاحَةَ إِلَى أُمِّي كَيْ تُشْفَى!

وَحِينَ سَمِعْتُ كَلَامَ اِبْنِي، شَعَرْتُ بِالصَّدْمَةِ، وَالْأَلَمِ، وَالنَّدَمِ. بَكَيْتُ طَوِيلًا؛ لِأَنَّنِي قَتَلْتُ زَوْجَتِي الْبَرِيئَةَ، ثُمَّ ذَهَبْتُ إِلَى عَمِّي وَأَخْبَرْتُهُ بِمَا حَدَثَ. وَبَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ، سَمِعْنَا أَنَّ رَئِيسَ الشُّرْطَةِ سَوْفَ يُقْتَلُ بِسَبَبِ جَرِيمَتِي أَنَا، فَرَكَضْتُ كَيْ أَعْتَرِفَ؛ لَكِنَّ عَمِّي سَبِقَنِي.

وَبَعْدَ سَمَاعِ الْقِصَّةِ، غَضِبَ الْخَلِيفَةُ غَضَبًا شَدِيدًا، وَأَمَرَ رَئِيسَ الشُّرْطَةِ أَنْ يَجِدَ الْكَذَّابَ خَاطِفَ التُّفَّاحَةِ، ثُمَّ قَالَ: سَوْفَ آمُرُ بِقَتْلِكَ إِذَا لَمْ تَجِدْهُ!

خَرَجَ رَئِيسُ الشُّرْطَةِ حَزِينًا مُرْهَقًا، وَأَمَرَ عَسَاكِرَهُ أَنْ يَبْحَثُوا عَنْ رَجُلٍ طَوِيلٍ، أَصْلَعَ، أَسْمَرَ. وَبَعْدَ ذَلِكَ، قَرَّرَ رَئِيسُ الشُّرْطَةِ أَنْ يَعُودَ إِلَى بَيْتِهِ كَيْ يَرْتَاحَ قَلِيلًا. مَشَى رَئِيسُ الشُّرْطَةِ فِي الْحَدِيقَةِ شَارِدًا؛ لَكِنَّهُ اِنْتَبَهَ حِينَ سَمِعَ صَوْتَ اِبْنِهِ وَاِبْنَتِهِ. اِتَّجَهَ رَئِيسُ الشُّرْطَةِ نَحْوَ الصَّوْتِ، فَرَأَى اِبْنَهُ وَاِبْنَتَهُ يَتَشَاجَرَانِ. اِقْتَرَبَ رَئِيسُ الشُّرْطَةِ، وَسَأَلَهُمَا عَنْ سَبَبِ الشِّجَارِ، فَمَدَّتِ الْبِنْتُ تُفَّاحَةً حَمْرَاءَ نَحْوَهُ، وَقَالَتْ: اُنْظُرْ، يَا أَبِي! هَذِهِ التُّفَّاحَةُ كَانَتْ مَعَ رَيْحَانَ أَمْسِ. لَقَدْ طَلَبْتُ مِنْهُ أَنْ يُعْطِيَنِي إِيَّاهَا، فَوَافَقَ؛ لَكِنَّ أَخِي يُرِيدُهَا لَهُ!

تَكَلَّمَ الْوَلَدُ، لَكِنَّ رَئِيسَ الشُّرْطَةِ لَمْ يَسْمَعْ مَا قَالَهُ، بَلْ سَأَلَ: وَمِنْ أَيْنَ أَحْضَرَ رَيْحَانُ التُّفَّاحَةَ؟

أَجَابَتِ الْبِنْتُ: قَالَ إِنَّهُ وَجَدَهَا تَحْتَ شَجَرَةٍ فِي الْحَدِيقَةِ.

تَرَكَ رَئِيسُ الشُّرْطَةِ اِبْنَهُ وَاِبْنَتَهُ، وَذَهَبَ يَبْحَثُ عَنْ رَيْحَانَ. كَانَ رَيْحَانُ يَعْمَلُ فِي الْبُسْتَانِ. نَادَى رَئِيسُ الشُّرْطَةِ رَيْحَانَ، وَسَأَلَهُ: مِنْ أَيْنَ أَحْضَرْتَ التُّفَّاحَةَ، وَنَحْنُ لَسْنَا فِي مَوْسِمِ التُّفَّاحِ؟

خَافَ رَيْحَانُ أَنْ يَتَّهِمَهُ سَيِّدُهُ بِالسَّرِقَةِ مِنْ بُسْتَانِ الْخَلِيفَةِ، فَأَخْبَرَهُ بِالْحَقِيقَةِ. اِرْتَاحَ رَئِيسُ الشُّرْطَةِ؛ لِأَنَّ رَيْحَانَ لَمْ يَكْذِبْ؛ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَبْحَثْ طَوِيلًا. ذَهَبَ رَئِيسُ الشُّرْطَةِ إِلَى قَصْرِ الْخَلِيفَةِ، وَأَخَذَ مَعَهُ رَيْحَانَ.

وَقَفَ رَئِيسُ الشُّرْطَةِ وَرَيْحَانُ فِي مَجْلِسِ الْخَلِيفَةِ، وَأَمَامَهُمَا الصُّنْدُوقُ الْخَشَبِيُّ. قَالَ رَئِيسُ الشُّرْطَةِ لِرَيْحَانَ: لَقَدْ كَذَبْتَ عَلَى رَجُلٍ، وَجَعَلْتَهُ يَقْتُلُ زَوْجَتَهُ! لَقَدْ سَبَّبَتْ كِذْبَتُكَ الْكَثِيرَ مِنَ الْمَشَاكِلِ! هَلْ تَرَى هَذَا الصُّنْدُوقَ؟ لَقَدْ قَتَلَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ، ثُمَّ وَضَعَ جُثَّتَهَا فِيهِ وَفِي النَّهْرِ! أَنْتَ كَذَّابٌ، وَيَجِبُ أَنْ تَتَوَقَّفَ عَنْ كَذِبِكَ! لَقَدْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَكْشِفَ الْحَقِيقَةَ، فَأَظْهَرَ الصُّنْدُوقَ لِلْخَلِيفَةِ.

أَعْلَنَ الْحَاجِبُ قُدُومَ الْخَلِيفَةِ، فَصَمَتَ رَئِيسُ الشُّرْطَةِ، وَأَخْفَضَ رَأْسَهُ. وَحِينَهَا، سَمِعَ صَوْتَ سُعَالٍ وَأَنِينٍ مُنْخَفِضٍ. لَمْ يَعْرِفْ رَئِيسُ الشُّرْطَةِ مَصْدَرَ الصَّوْتِ، فَتَجَاهَلَهُ. وَحِينَ جَلَسَ الْخَلِيفَةُ، رَوَى رَيْحَانُ مَا حَدَثَ، فَقَالَ الْخَلِيفَةُ: أَنْتَ السَّبَبُ فِي مَوْتِ الْمَرْأَةِ، وَيَجِبُ أَنْ تُعَاقَبَ!

صَاحَ رَيْحَانُ مَفْزُوعًا: لَا، يَا مَوْلَاي! أَرْجُوكَ لَا تَقْتُلْنِي، يَا مَوْلَايَ!

سَمِعَ رَئِيسُ الشُّرْطَةِ صَوْتًا غَرِيبًا، فَتَلَفَّتَ حَوْلَهُ، ثُمَّ اِقْتَرَبَ مِنَ الصُّنْدُوقِ. قَالَ الْخَلِيفَةُ: كُنَّا سَنَقْتُلُ زَوْجَ هَذِهِ الْمَرْأَةِ الْمَيِّتَةِ أَيْضًا! هَلْ تَفْهَمُ؟ اِمْرَأَةٌ بَرِيئَةٌ وَرَجُلٌ بَرِيْءٌ!

صَاحَ رَيْحَانُ بَاكِيًا: أَنَا نَادِمٌ، يَا مَوْلَاي! أَنَا كَذَبْتُ وَلَمْ أَقْتُلْ! أَنَا نَادِمٌ! سَوْفَ أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ، وَلَنْ أَكْذِبَ أَبَدًا!

صَاحَ رَئِيسُ الشُّرْطَةِ: اُصْمُتْ! اُصْمُتْ!

صَمَتَ رَيْحَانُ خَائِفًا، وَنَظَرَ الْخَلِيفَةُ إِلَى رَئِيسِ الشُّرْطَةِ مُسْتَغْرِبًا. وَضَعَ رَئِيسُ الشُّرْطَةِ أُذُنَهُ فَوْقَ الصُّنْدُوقِ الْخَشَبِيِّ، ثُمَّ رَفَعَ غِطَاءَهُ، وَصَاحَ: إِنَّهَا حَيَّةٌ، يَا مَوْلَاي!

جَلَسَتِ الْمَرْأَةُ لَاهِثَةً شَاحِبَةً، ثُمَّ سَأَلَتْ: أَيْنَ أَنَا؟ وَمَنْ أَنْتُم؟

ظَلَّ الْخَلِيفَةُ يَنْظُرُ إِلَى الْمَرْأَةِ مَصْدُومًا، ثُمَّ اِلْتَفَتَ إِلَى وَزِيرِهِ جَعْفَرَ، فَقَالَ جَعْفَرُ: نَحْنُ لَمْ نَتَأَكَّدْ إِنْ كَانَتْ مَيِّتَةً... وَيَبْدُو أَنَّ زَوْجَهَا لَمْ يَتَأَكَّدْ أَيْضًا!

تَنَهَّدَ الْخَلِيفَةُ، وَأَمَرَ أَنْ يُحْضِرُوا زَوْجَ الْمَرْأَةِ، ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ أَنَّهَا حَيَّةٌ. وَأَنْتَ، يَا رَيْحَانُ! لَقَدْ عَاقَبَكَ اللَّهُ بِالْخَوْفِ؛ فَتُبْ وَلَا تَعُدْ إِلَى الْكَذِبِ!

You can buy our stories on Amazon. They are also available on other Amazon Marketplaces. Type the author’s name (Mansour Seraj) on the search bar.

(1) Arabic Short Stories for Learners of Arabic as an Additional Language (High Beginners)

Mansour Seraj (High Beginners)

(2) Arabic Short Stories for Learners of Arabic as an Additional Language (Low Intermediate)

Mansour Seraj (Low Intermediate)

(3) Arabic Short Stories for Learners of Arabic as an Additional Language (Intermediate)

Mansour Seraj (Intermediate)

(4) Arabic Short Stories for Learners of Arabic as an Additional Language (Upper Intermediate)

Mansour Seraj (Upper Intermediate)

(5) Juha: 50 Arabic Short Stories for Learners of Arabic as an Additional Language (Low Intermediate)

Juha 50 Arabic Short Stories for Learners of Arabic as an Additional Language (Low Intermediate)

(1) تَوَقَّعَ ...................... أَنْ يُسَلِّمَ الْقَاتِلُ نَفْسَهُ.

There are no comments for this article at this moment. Add new comment .

Your email address will not be published. Required fields are marked *

@