This story has been taken from Brothers Grimm’s Folk Tale Collections. To make it more interesting, we have elaborated upon it in order to depict the characters' emotions and give it more meaning and humanity. For every behavior of theirs, we gave a reason to rid the story of ambiguity and simplicity that is common in folktales. The story is meant for learners of Arabic as an additional language. We have fully vowelized it to make it more readable and comprehensible. Additionally, sentence structures are tailored for non-Arab learners of Arabic. This Arabic story is suitable for intermediate and/or upper-intermediate learners.
فِي إِحْدَى الْمَمَالِكِ، عَاشَتْ أَمِيرَةٌ جَمِيلَةٌ جِدًّا، وَكَانَتْ تُحِبُّ كُلَّ شَيْءٍ جَمِيلٍ، وَتَحْتَقِرُ كُلَّ شَيْءٍ قَبِيحٍ. وَحِينَ كَبُرَتِ الْأَمِيرَةُ، تَقَدَّمَ لِخِطْبَتِهَا رِجَالٌ كَثِيرُونَ؛ مِنْهُمِ الْمَلِكُ، وَالْأَمِيرُ، وَالْقَائِدُ، وَالْفَارِسُ، وَالْغَنِيُّ؛ لَكِنَّ الْأَمِيرَةَ لَمْ يُعْجِبْهَا أَحَدٌ مِنْهُم، وَكَانَتْ تَرَى أَنَّهُم قَبِيحُونَ؛ وَلِذَلِكَ رَفَضَتِ الزَّوَاجَ مِنَ الْجَمِيعِ. وَفِي أَحَدِ الْأَيَّامِ، كَلَّمَ الْمَلِكُ اِبْنَتَهُ الْأَمِيرَةَ. قَالَ لَهَا: اِسْمَعِي، يَا اِبْنَتِي. لَا يُمْكِنُ أَنْ تَظَلِّي عَزْبَاءَ! أَنْتِ جَمِيلَةٌ جِدًّا، وَقَدْ تَقَدَّمَ لِخِطْبَتِكِ رِجَالٌ شُرَفَاءُ!
قَالَتِ الْأَمِيرَةُ: أَعْلَمُ، لَكِنَّهُم قَبِيحُونَ، وَلَمْ يُعْجِبْنِي أَحَدٌ.
قَالَ الْمَلِكُ: لَا تَنْظُرِي إِلَى أَشْكَالِهِم فَقَطْ. اُنْظُرِي إِلَى أَرْوَاحِهِم.
قَالَتِ الْأَمِيرَةُ: وَمَاذَا أَفْعَلُ بِأَرْوَاحِهِم؟ هُمْ تَقَدَّمُوا لِخِطْبَتِي بِسَبَبِ شَكْلِي. إِنَّ مَوْقِفِي لَا يَخْتَلِفُ عَنْ مَوْقِفِهِم!
أَجَابَ الْمَلِكُ: لَكِنَّكِ تَخْتَلِفِينَ عَنْهُم فِي السُّخْرِيَةِ. أَنْتِ صَرِيحَةٌ وَسَاخِرَةٌ، وَهَذَا يَجْعَلُكِ مَغْرُورَةً.
جَادَلَتِ الْأَمِيرَةُ قَائِلَةً: أَنَا أَصِفُ أَشْكَالَهُم فَقَطْ! وَأَنَا صَرِيحَةٌ لِأَنِّي لَا أُحِبُّ النِّفَاقَ!
تَنَهَّدَ الْمَلِكُ حَزِينًا، ثُمَّ قَالَ: بَعْدَ أُسْبُوعٍ، سَوْفَ أَدْعُو جَمِيعَ خُطَّابِكِ إِلَى حَفْلٍ، وَسَوْفَ تَدْخُلِينَ وَتَنْظُرِينَ إِلَيْهِم، وَسَوْفَ تَخْتَارِينَ وَاحِدًا مِنْهُم كَي تَتَزَوَّجِينَهُ هَذَا الْعَامَ!
ثُمَّ غَادَرَ الْمَلِكُ قَبْلَ أَنْ يَسْمَعَ اِعْتِرَاضَ الْأَمِيرَةِ. وَبَعْدَ أُسْبُوعٍ، حَضَرَ جَمِيعُ الْخُطَّابِ مَسْرُورِينَ، وَاِنْتَظَرُوا قُدُومَ الْأَمِيرَةِ مُبْتَسِمِينَ. وَحِينَ دَخَلَتِ الْأَمِيرَةُ، نَظَرُوا إِلَيْهَا جَمِيعًا؛ لَكِنَّهَا لَمْ تَنْظُرْ إِلَيْهِم. مَشَتِ الْأَمِيرَةُ نَحْوَ عَرْشِ أَبِيهَا، وَجَلَسَتْ قُرْبَهُ، وَنَظَرَتْ إِلَى النُّقُوشِ فِي السَّقْفِ.
طَلَبَ الْمَلِكُ مِنَ الْخُطَّابِ أَنْ يُسَلِّمُوا عَلَى الْأَمِيرَةِ فَرْدًا فَرْدًا، ثُمَّ أَمَرَ الْأَمِيرَةَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِم جَيِّدًا وَتَقُولَ لَهُ رَأْيَهَا. تَقَدَّمَ الْكَثِيرُ مِنَ الْأَشْخَاصِ، وَكَانَتِ الْأَمِيرَةُ تَصِفُ كُلَّ شَخْصٍ بِمَا فِيهِ. قَالَتِ الْأَمِيرَةُ: هَذَا طَوِيلٌ كَأَنَّهُ شَجَرَةٌ! وَهَذَا بَدِينٌ كَأَنَّهُ بِرْمِيلٌ! وَهَذَا قَصِيرٌ كَأَنَّهُ كُوبٌ! وَهَذَا أَحْمَرُ كَأَنَّهُ دِيكٌ!
وَعِنْدَمَا تَقَدَّمَ مَلِكٌ مَعْرُوفٌ، نَظَرَتْ إِلَيْهِ الْأَمِيرَةُ، ثُمَّ قَالَتْ: وَهَذَا لَهُ ذِقْنٌ كَأَنَّهُ مِنْقَارٌ!
نَظَرَ الْمَلِكُ إِلَى الْأَمِيرَةِ حَزِينًا، ثُمَّ عَادَ إِلَى مَقْعَدِهِ. سَخِرَتِ الْأَمِيرَةُ مِنْ جَمِيعِ الرِّجَالِ، وقَالَتْ لِأَبِيهَا: لَنْ أَتَزَوَّجَ! لَمْ يُعْجِبْنِي أَحَدٌ!
فَصَاحَ الْمَلِكُ غَاضِبًا: بَلْ سَتَتَزَوَّجِينَ! أُقْسِمُ أَنِّي سَأُزَوِّجُكِ أَوَّلَ شَحَّاذٍ يَأْتِي إِلَى الْقَصْرِ.
صَاحَتِ الْأَمِيرَةُ، لَكِنَّ الْمَلِكَ قَالَ: هَذَا عِقَابُ غُرُورِكِ! إِنَّ جَمَالَكِ شَرٌّ فَقَطْ!
ثُمَّ غَادَرَ وَتَرَكَهَا تَبْكِي؛ لَكِنَّهَا فِي الْيَوْمِ التَّالِي قَالَتْ لِنَفْسِهَا: لَا يُمْكِنُ لِمَلِكٍ أَنْ يُزَوِّجَ اِبْنَتَهُ شَحَّاذًا! هَذَا مُسْتَحِيلٌ! أَبِي لَنْ يَفْعَلَ هَذَا!
مَرَّ شَهْرٌ، وَنَسِيَتِ الْأَمِيرَةُ قَسَمَ أَبِيهَا، وَتَلَاشَى خَوْفُهَا. وَفِي أَحَدِ الْأَيَّامِ، اِقْتَرَبَ شَحَّاذٌ مِنْ قَصْرِ الْمَلِكِ، وَأَخَذَ يَعْزِفُ وَيُغَنِّي. سَمِعَ الْمَلِكُ غِنَاءَهُ وَعَزْفَهُ، فَأَمَرَ الْحَرَسَ أَنْ يُدْخِلُوهُ، ثُمَّ أَمَرَ الْأَمِيرَةَ أَنْ تَحْضُرَ. دَخَلَ الشَّحَّاذُ لَابِسًا ثِيَابًا قَدِيمَةً وَمُتَّسِخَةً، وَشَعْرُهُ مُتَّسِخٌ وَمَنْكُوشٌ، وَوَجْهُهُ مَلِيءٌ بِالْبُثُورِ. سَخِرَتِ الْأَمِيرَةُ مِنْ شَكْلِ الشَّحَّاذِ، لَكِنَّ الْمَلِكَ تَجَاهَلَهَا وَسَأَلَ الشَّحَّاذَ عَنِ الْمَكَانِ الَّذِي جَاءَ مِنْهُ، فَأَجَابَ الشَّحَّاذُ: أَنَا شَحَّاذٌ، يَا مَوْلَايَ، لَكِنِّي أَمْلِكُ هَذَا الْعُودَ الْقَدِيمَ. وَقَدْ أَتَيْتُ مِنَ الْمَمْلَكَةِ الْمُجَاوِرَةِ؛ لِأَنَّنِي سَمِعْتُ أَنَّكَ تُحِبُّ الْمُوسِيقَا! لَقَدْ جَئِتُ كَيْ تُعْطِيَنِي بَعْضَ الْمَالِ، يَا مَوْلَايَ.
اِبْتَسَمَ الْمَلِكُ، وَأَمَرَ الشَّحَّاذَ أَنْ يُغَنِّي لَهُمَا. غَنَّى الشَّحَّاذُ أُغْنِيَةً جَمِيلَةً، وَكَانَ صَوْتُهُ رَائِعًا وَعَزْفُهُ بَدِيعًا؛ فَقَالَ الْمَلِكُ لِاِبْنَتِهِ: شَكْلُهُ قَبِيحٌ، لَكِنَّهُ يَمْلِكُ صَوْتًا جَمِيلًا. أَتَرَيْنَ؟ أَنْتِ لَمْ تَنْظُرِي إِلَى شَيْءٍ سِوَى شَكْلِهِ!
نَظَرَتِ الْأَمِيرَةُ إِلَى الشَّحَّاذِ طَوِيلًا، وَشَعَرَتْ بِالنُّفُورِ. اِنْتَظَرَ الْمَلِكُ حَتَّى أَنْهَى الشَّحَّاذُ أُغْنِيَتَهُ، ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ أَحْبَبْتُ غِنَاءَكَ! وَلِهَذَا سَوْفَ أُزَوِّجُكَ اِبْنَتِي!
صَاحَتِ الْأَمِيرَةُ مُسْتَنْكِرَةً، وَوَقَفَتْ مُعْتَرِضَةً؛ لَكِنَّ الْمَلِكَ قَالَ: لِمَاذَا تَعْتَرِضِينَ؟ لَقَدْ أَقْسَمْتُ عَلَى هَذَا!
أَمَرَ الْمَلِكُ الْحَرَسَ أَنْ يُحْضِرُوا الْمَأْذُونَ كَيْ يَعْقِدَ قِرَانَ الْأَمِيرَةِ. وَبَعْدَ ذَلِكَ، نَظَرَ إِلَى اِبْنَتِهِ الْبَاكِيَةِ، ثُمَّ قَالَ: الْآنَ أَصْبَحْتِ اِمْرَأَةً مُتَزَوِّجَةً؛ يَجِبُ أَنْ تُغَادِرِي مَعَ زَوْجِكِ إِلَى بَيْتِكُمَا!
أَمْسَكَ الشَّحَّاذُ يَدَ زَوْجَتِهِ، وَغَادَرَ الْقَصْرَ صَامِتًا؛ بَيْنَمَا ظَلَّتِ الْأَمِيرَةُ تَبْكِي طَوَالَ الطَّرِيقِ. دَخَلَ الشَّحَّاذُ وَزَوْجَتُهُ الْمَمْلَكَةَ الَّتِي جَاءَ مِنْهَا، فَنَظَرَتِ الْأَمِيرَةُ حَوْلَهَا مُتَعَجِّبَةً، ثُمَّ قَالَتْ: مَنْ مَلِكُ هَذِهِ الْمَمْلَكَةِ؟
أَجَابَ الشَّحَّاذُ: الْمَلِكُ مِنْقَارُ.
تَعَجَّبَتِ الْأَمِيرَةُ، وَقَالَتْ: هَذَا اِسْمٌ غَرِيبٌ!
قَالَ الشَّحَّاذُ: إِنَّهُ الْاِسْمُ الَّذِي أَطْلَقْتِهِ عَلَيْهِ حِينَ ذَهَبَ إِلَى قَصْرِ أَبِيكِ قَبْلَ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ. إِنَّهُ رَجُلٌ شُجَاعٌ وَحَكِيمٌ؛ لَكِنَّ الْجَمِيعَ يُلَقِّبُهُ الْآنَ بِالْمَلِكِ مِنْقَارَ بِسَبَبِكِ! لَوْ أَنَّكِ تَزَوَّجْتِهِ، لَكُنْتِ الْآنَ مَلِكَةَ هَذِهِ الْمَمْلَكَةِ الْجَمِيلَةِ!
بَكَتِ الْأَمِيرَةُ قَائِلَةً: لَيْتَنِي تَزَوَّجْتُهُ هُوَ!
غَضِبَ الشَّحَّاذُ، وَقَبَضَ يَدَ زَوْجَتِهِ قَبْضَةً قَوِيَّةً، ثُمَّ أَخَذَ طَرِيقَ الْغَابَةِ. سَارَ الزَّوْجَانِ فِي الْغَابَةِ طَوِيلًا، وَالْأَمِيرَةُ لَا تَزَالُ تَبْكِي نَادِمَةً. وَحِينَ جَلَسَا كَيْ يَسْتَرِيحَا، نَظَرَتِ الْأَمِيرَةُ إِلَى الْمَكَانِ حَوْلَهَا، ثُمَّ سَأَلَتِ الشَّحَّاذَ: مَنْ صَاحِبُ هَذِهِ الْأَرْضِ؟ أَنَا لَمْ أَرَ غَابَةً جَمِيلَةً مِثْلَ هَذِهِ الْغَابَةِ!
أَجَابَ الشَّحَّاذُ: إِنَّهَا مِلْكُ الْمَلِكِ مِنْقَارَ! لَوْ أَنَّكِ تَزَوَّجْتِ الْمَلِكَ مِنْقَارَ، لَكُنْتِ مَالِكَةَ هَذِهِ الْأَرْضِ!
بَكَتِ الْأَمِيرَةُ مُجَدَّدًا، وَقَالَتْ: لِمَاذَا تُذَكِّرُنِي بِهِ؟ لَيْتَنِي تَزَوَّجْتُ الْمَلِكَ مِنْقَارَ وَلَمْ أَتَزَوَّجْكَ!
صَمَتَ الشَّحَّاذُ، وَلَمْ يَنْظُرْ إِلَيْهَا أَبَدًا. وَبَعْدَ سَاعَةٍ، تَابَعَا السَّيْرَ، وَالْأَمِيرَةُ صَامِتَةٌ حَزِينَةٌ. وَحِينَ وَصَلَا إِلَى الْمَدِينَةِ، نَظَرَتِ الْأَمِيرَةُ حَوْلَهَا مُنْبَهِرَةً، وَقَالَتْ: مَا أَجْمَلَ هَذِهِ الْمَدِيْنَةَ!
قَالَ الشَّحَّاذُ: إِنَّكِ فِي مَدِينَةِ الْمَلِكِ مِنْقَارَ!
وَقَبْلَ أَنْ يُكْمِلَ كَلَامَهُ، صَاحَتِ الْأَمِيرَةُ: لَيْتَنِي تَزَوَّجْتُهُ هُوَ!
قَالَ الشَّحَّاذُ مُتَعَجِّبًا: لَكِنَّهُ قَبِيحٌ وَلَمْ يُعْجِبْكِ!
صَمَتَتِ الْأَمِيرَةُ وَجَلَسَتْ حَزِينَةً؛ لَكِنَّ الشَّحَّاذَ أَمْسَكَ يَدَهَا وَشَدَّهَا قَائِلًا: يَجِبُ أَنْ نَصِلَ إِلَى بَيْتِي اللَّيْلَةَ! لَا أُرِيدُ أَنْ أُنْفِقَ مَالِيَ فِي الْفَنَادِقِ! كُنْتِ أَمِيْرَةً، لَكِنَّكِ الْآنَ زَوْجَةُ رَجُلٍ فَقِيرٍ، وَيَجِبُ أَنْ تَعْرِفِي أَهَمِيَّةَ الْمَالِ! أَتَفْهَمِينَ؟
كَانَتْ نَبْرَةُ الشَّحَّاذِ حَازِمَةً غَاضِبَةً؛ فَخَافَتِ الْأَمِيْرَةُ، وَوَقَفَتْ كَيْ يُتَابِعَا السَّيْرَ. غَادَرَ الزَّوْجَانِ الْمَدِينَةَ، وسَارَا فِي طَرِيقٍ خَالِيَةٍ مِنَ الْمَنَازِلِ حَتَّى وَصَلَا إِلَى كُوخٍ صَغِيرٍ. فَتَحَ الشَّحَّاذُ الْبَابَ وَدَخَلَ؛ لَكِنَّ الْأَمِيرَةَ ظَلَّتْ وَاقِفَةً فِي الْخَارِجِ. نَظَرَتِ الْأَمِيرَةُ إِلَى الْكُوخِ طَوِيلًا، وَشَعَرَتْ بِنُفُورٍ كَبِيرٍ. صَاحَتِ الْأَمِيرَةُ غَاضِبَةً: مَا هَذَا الْبَيْتُ الْحَقِيرُ!
أَجَابَ الشَّحَّاذُ: هَذَا الْبَيْتُ الْحَقِيرُ بَيْتِي أَنَا! وَلِأَنَّكِ زَوْجَتِي، سَوْفَ تَدْخُلِينَ صَامِتَةً وَتَقُومِينَ بِعَمَلِكِ فِيهِ!
صَاحَتِ الْأَمِيْرَةُ بَاكِيَةً: لَيْتَنِي تَزَوَّجْتُ الْمَلِكَ مِنْقَارَ!
صَاحَ الشَّحَّاذُ غَاضِبًا: اِسْمَعِي، يَا اِمْرَأَةُ! لَقَدْ أَغْضَبْتِنِي طَوَالَ الطَّرِيقِ بِنَدَمِكِ وَحَسْرَتِكِ! أَنَا زَوْجُكِ الْآنَ، وَإِنْ سَمِعْتُكِ تَذْكُرِينَ الْمَلِكَ مِنْقَارَ أَوْ أَحَدَ خُطَّابِكِ السَّابِقِينَ، فَسَوْفَ أَضْرِبُكِ!
صَاحَتْ غَاضِبَةً، لَكِنَّ غَضَبَ زَوْجِهَا أَخَافَهَا؛ فَصَمَتَتْ. كَانَ بَابُ الْبَيْتِ مُنْخَفِضًا؛ فَاِنْحَنَتِ الْأَمِيرَةُ كَيْ تَدْخُلَ. وَحِينَ وَقَفَتْ فِي الدَّاخِلِ، لَمْ تَرَى شَيْئًا أَمَامَهَا؛ كَانَ الْبَيْتُ مُظْلِمًا، وَكَانَتِ النَّوَافِذُ ضَيِّقَةً. أَمَرَ الشَّحَاذُ زَوْجَتَهُ أَنْ تَبْحَثَ عَنْ شَمْعَةٍ فِي الرَّفِ، وَأَنْ تُشْعِلَهَا؛ ثُمَّ أَمَرَهَا أَنْ تُوقِدَ النَّارَ، وَتَطْبُخَ الطَّعَامَ. صَاحَتِ الْأَمِيرَةُ: أَنَا لَا أَعْرِفُ شَيْئًا! تَعَالَ وَاِفْعَلْ هَذَا بِنَفْسِكَ، أَيُّهَا الشَّحَّاذُ الْقَبِيحُ! أُرِيدُ خَدَمًا!
اِلْتَفَتَ الشَّحَّاذُ إِلَى زَوْجَتِهِ غَاضِبًا. تَسَرَّبَ شُعَاعُ الْقَمَرِ مِنَ النَّافِذَةِ؛ فَاِسْتَطَاعَتْ الْأَمِيرَةُ أَنْ تَرَى وَجْهَ زَوْجِهَا. وَحِينَ رَأَتْ غَضَبَهُ، خَافَتْ وَبَكَتْ. صَاحَتِ الْأَمِيرَةُ: أَنَا لَا أَعْرِفُ شَيْئًا! لَقَدْ أَخَذْتَنِي مِنْ قَصْرِ مَلِكٍ!
تَنَهَّدَ الشَّحَّاذُ يَائِسًا، وَسَاعَدَ زَوْجَتَهُ فِي إِعْدَادِ الطَّعَامِ. وَبَعْدَ أَنْ تَنَاوَلَ حَسَاءً رَدِيئًا، ذَهَبَا إِلَى السَّرِيرِ الْقَدِيمِ وَنَامَا. نَامَتِ الْأَمِيرَةُ بِسُرْعَةٍ، وَبِدُونِ أَنْ تَشْتَكِي؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ مُتْعَبَةً جِدًّا مِنَ السَّفَرِ. وَقَبْلَ أَنْ تُشْرِقَ شَمْسُ الْيَوْمِ التَّالِي، أَيْقَظَ الشَّحَّاذُ زَوْجَتَهُ الْأَمِيرَةُ، فَقَالَتْ: أَنَا مُتْعَبَةٌ، وَالشَّمْسُ لَمْ تُشْرِق! لِمَاذَا تُرِيدُ أَنْ أَسْتَيْقِظَ الْآنَ؟!
أَجَابَ الشَّحَّاذُ: إِنَّنِي أَنْهَضُ كُلَّ يَوْمٍ فِي هَذَا الْوَقْتِ، وَيَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَنْهَضَ مَعَ زَوْجِهَا! هَيَّا! سَوْفَ أَخْرُجُ كَيْ أَتَسَوَّلَ، وَأَنْتِ اِنْهَضِي كَيْ تُنَظِّفِي الْبَيْتَ، وَتَطْبُخِي الطَّعَامَ!
كَانَ الْكُوخُ قَدِيمًا، وَمَلِيئًا بِالْغُبَارِ وَالشُّقُوقِ. وَكَانَ الْأثَاثُ قَدِيمًا رَثًّا. لَمْ تَسْتَطِعِ الْأَمِيرَةُ أَنْ تُنَظِّفَ الْبَيْتَ أَوْ تَطْبُخَ الطَّعَامَ. وَحِينَ عَادَ الشَّحَّاذُ فِي الْمَسَاءِ، رَأَى زَوْجَتَهُ تَبْكِي، وَالْبَيْتُ مُظْلِمٌ، وَبَارِدٌ، وَمُتَّسِخٌ. جَلَسَ الشَّحَّاذُ أَمَامَ زَوْجَتِهِ، وَتَنَهَّدَ، ثُمَّ قَالَ: أَنَا أَيْضًا لَمْ أَحْصُلْ عَلَى شَيْءٍ الْيَوْمَ. إِنَّ حَيَاتَنَا هَكَذَا سَيِّئَةٌ، وَسَوْفَ نَمُوتُ مِنَ الْجُوعِ. اِسْمَعِي! سَوْفَ أُعَلِّمُكِ أَعْمَالَ الْبَيْتِ، وَلَا أُرِيدُ أَنْ أَرَاكِ تَبْكِينَ بَعْدَ الْيَومِ.
ظَلَّ الشَّحَّاذُ فِي الْكُوخِ أُسْبُوعًا كَامِلًا كَيْ يُعَلِّمَ زَوْجَتَهُ كُلَّ شَيْءٍ. فِي الْبِدَايَةِ، كَانَتِ الزَّوْجَةُ بَطِيئَةَ التَّعَلُّمِ، وَكَثِيرَةَ الشَّكْوَى. وَفِي نِهَايَةِ الْأُسْبُوعِ، رَأَى الشَّحَّاذُ أَنَّ زَوْجَتَهُ أَصْبَحَتْ تَفْعَلُ بَعْضَ الْأَشْيَاءِ وَحْدَهَا، وَلَمْ تَعُدْ تَشْتَكِي. وَفِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ، قَالَ الشَّحَّاذُ لِزَوْجَتِهِ: لَمْ يَعُدْ لَدَيْنَا طَعَامٌ فِي الْبَيْتِ! سَوْفَ يَقْتُلُنَا الْجُوعُ! اِسْمَعِي! سَوْفَ أَجْمَعُ بَعْضَ الْأَغْصَانِ كَيْ تَصْنَعِي بِهَا سِلَالًا، وَسَوْفَ أَبِيعُ السِّلَالَ.
وَحِينَ أَحْضَرَ الْأَغْصَانَ، لَمْ تَسْتَطِعِ الْأَمِيرَةُ أَنْ تَضْفِرَهَا. وَفِي كُلِّ مَرَّةٍ تُحَاوِلُ، تَجْرَحُ يَدَهَا. وَبِسَبَبِ هَذَا، قَالَ الشَّحَّاذُ: أَنْتِ فَاشِلَةٌ فِي هَذَا! سَوْفَ أُحْضِرُ لَكِ خِيُوطًا وَمِغْزَلًا.
وَحِينَ أَحْضَرَ لَهَا ذَلِكَ، لَمْ تَسْتَطِعِ الْأَمِيرَةُ أَنْ تَغْزِلَ، وَجَرَحَتِ الْخُيُوطُ يَدَهَا. تَنَهَّدَ الشَّحَّاذُ، وَقَالَ: أَنْتِ فَاشِلَةٌ فِي هَذَا أَيْضًا! إِنَّنِي نَادِمٌ؛ لِأَنِي ذَهَبْتُ إِلَى أَبِيكِ كَيْ أَحْصُلَ عَلَى مَالٍ! لَمْ أَرْبَحْ شَيْئًا مِنْ زَوَاجِي هَذَا!
بَكَتِ الْأَمِيرَةُ؛ لِأَنَّهَا شَعَرَتْ بِالْإِهَانَةِ. قَالَتِ الْأَمِيرَةُ: أَلَا يَكْفِي جَمَالِي؟
أَجَابَ الشَّحَّاذُ: وَمَاذَا أَفْعَلُ بِجَمَالِكِ؟ هَلْ سَتَطْبُخِينَ بِهِ، أَوْ تُنَظِّفِينَ بِهِ؟ مَا هَذَا الْكَلَامُ الْفَارِغُ! الْجَمَالُ لَيْسَ كُلَّ شَيْءٍ!
بَكَتِ الْأَمِيرَةُ، وَقَالَتْ: لَمْ يَعُدْ لِيَ قِيمَةٌ بَعْدَ أَنْ تَزَوَّجْتُكَ! لَيْتَنِي تَزَوَّجْتُ الْمَلِكَ مِنْقَارَ!
صَاحَ الشَّحَّاذُ: اِخْرَسِي!
صَمَتِتِ الْأَمِيرَةُ خَائِفَةً، فَتَنَهَّدَ الشَّحَّاذُ، وَقَالَ: لَا فَائِدَةَ مِنَ النَّدَمِ الْآنَ! سَوْفَ أَشْتَرِي صُحُونًا وَقُدُورًا، وَسَوْفَ تَذْهَبِينَ كَيْ تَبِيعِيهَا فِي السُّوْقِ.
فَزِعَتِ الْأَمِيرَةُ مِنْ ذَلِكَ، وَتَخَيَّلَتْ نَفْسَهَا جَالِسَةً تَصِيحُ فِي الشَّارِعِ، وَهِي تَجْلِسُ أَمَامَ قُدُورٍ فَخَّارِيَّةً. قَالَتِ الْأَمِيرَةُ فِي نَفْسِهَا: سَوْفَ يَسْخَرُ الْجَمِيعُ مِنِّي إِنْ عَرَفُوا أَنِّي كُنْتُ أَمِيرَةً.
وَرَغْمَ أَفْكَارِهَا، لَمْ تَجْرُؤِ الْأَمِيرَةُ عَلَى قَوْلِ شَيْءٍ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ جَائِعَةً، وَلَمْ تَأْكُلْ إِلَّا وَجْبَةً صَغِيرَةً مُنْذُ يَوْمَيْنِ. وَفِي الْيَوْمِ التَّالِي، ذَهَبَتِ الْأَمِيرَةُ إِلَى السُّوقِ، وَجَلَسَتْ أَمَامَ الْقُدُورِ. نَظَرَتِ الْأَمِيرَةُ حَوْلَهَا، فَرَأَتِ الْجَمِيعَ يُنَادِي؛ لَكِنَّهَا لَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تَفْعَلَ مِثْلَهُم. وَبَعْدَ دَقَائِقَ، اِقْتَرَبَ شَابٌّ وَنَظَرَ إِلَيْهَا طَوِيلًا. لَمْ تَسْتَطِعِ الْأَمِيرَةُ أَنْ تَتَكَلَّمَ؛ لَكِنَّهَا أَخْبَرَتْهُ بِالسِّعْرِ حِينَ سَأَلَ عَنْهُ. وَحِينَ اِنْتَهَى الْيَوْمُ، عَادَتِ الْأَمِيرَةُ إِلَى الْكُوخِ، وَمَعَهَا مَالٌ كَثِيرٌ وَبَاقِي الْقُدُورِ. وَحِينَ رَأَى الزَّوْجُ ذَلِكَ، عَرَفَ أَنَّ النَّاسَ اِشْتَرَوا مِنْهَا بِسَبَبِ جَمَالِهَا. قَالَتِ الْأَمِيرَةُ لِزَوْجِهَا: بَعْضُ النَّاسِ كَانُوا يَضَعُونَ مَالًا، وَلَا يَأْخُذُونَ الْقُدُورَ الَّتِي اِخْتَارُوهَا.
نَظَرَ إِلَيْهَا زَوْجُهَا سَاخِرًا، ثُمَّ قَالَ: هَذَا يَعْنِي أَنَّكِ أَصْبَحْتِ شَحَّاذَةً مِثْلِي!
حَزِنَتِ الزَّوْجَةُ، وَقَالَتْ: هَذَا لَيْسَ مُهِمًّا! أَنَا أَمْلِكُ رُوحًا طَيِّبَةً، وَلَا يُهِمُّ شَكْلِي أَوْ عَمَلِي!
قَالَ الزَّوْجُ: قَبْلَ عَامٍ، كُنْتِ تَقُولِينَ كَلَامًا مُخْتَلِفًا. هَلْ نَسِيتِ الْمَلِكَ مِنْقَارَ؟ لَقَدْ نَسِيَ الْجَمِيعُ اِسْمَهُ الْحَقِيقِيَّ بِسَبَبِكِ.
صَمَتَتِ الزَّوْجَةُ، وَغَادَرَتِ الْكُوخَ، وَلَمْ تَدْخُلْ إِلَّا بَعْدَ أَنْ نَامَ زَوْجُهَا. وَفِي الْيَوْمِ التَّالِي، اِسْتَيْقَظَتْ بَاكِرًا، وَذَهَبَتْ إِلَى السُّوقِ. وَحِينَ عَادَتْ، كَانَتْ قَدْ بَاعَتْ كُلَّ بِضَاعَتِهَا، وَاِشْتَرَتْ لَحْمًا. وَحِينَ رَآهَا زَوْجُهَا، قَالَتْ: نَحْنُ نَتَنَاوَلُ الْحَسَاءَ مُنْذُ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ. يَجِبُ أَنْ نَأْكُلَ شَيْئًا شَهِيًّا.
ضَحِكَ الزَّوْجُ، وَقَالَ: وَهَلْ تَعْرِفِينَ طَبْخَهُ؟
ضَحِكَتِ الزَّوْجَةُ سَعِيدَةً، وَقَالَتْ: سَوْفَ أُحَاوِلُ.
وَحِينَ نَامَتِ الْأَمِيرَةُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، كَانَتْ سَعِيدَةً جِدًّا. وَفِي الْيَوْمِ التَّالِي، اِشْتَرَى الزَّوْجُ صُحُونًا وَقُدُورًا جَدِيدَةً، فَحَمَلَتْهَا الزَّوْجَةُ وَذَهَبَتْ إِلَى السُّوقِ. لَمْ تَجِدِ الْأَمِيرَةُ مَكَانًا مُنَاسِبًا لَهَا فِي السُّوقِ، فَحَمَلَتِ الْبِضَاعَةَ وَذَهَبَتْ إِلَى طَرَفِ السُّوقِ. وَبعْدَ أَنْ رَتَّبَتْ بِضَاعَتَهَا، جَلَسَتْ أَمَامَهَا وَاِنْتَظَرَتْ. حَوَّلَتِ الْأَمِيرَةُ بَصَرَهَا نَحْوَ بَابِ السُّوقِ، فَرَأَتْ فَارِسًا مُسْرِعًا. كَانَ الْحِصَانُ يَجْرِي، وَهُوَ يَتَّجِهُ نَحْوَهَا. وَقَفَتِ الْأَمِيرَةُ خَائِفَةً، وَهَرَبَتْ؛ لَكِنَّ الْحِصَانَ كَسَرَ كُلَّ الصُّحُونِ وَالْقُدُورِ.
فَزِعَتِ الْأَمِيرَةُ، وَصَاحَتْ: حَطَّمْتَ كُلَّ بِضَاعَتِي! حَطَّمْتَهَا! عُدْ وَاِدْفَعْ ثَمَنَهَا!
لَكِنَّ الْفَارِسَ هَرَبَ مُسْرِعًا. نَظَرَتِ الْأَمِيرَةُ إِلَى بِضَاعَتِهَا، وَبَكَتْ قَائِلَةً: مَاذَا سَيَقُولُ زَوْجِيَ الْآنَ؟
عَادَتِ الْأَمِيرَةُ إِلَى الْكُوخِ كَيْ تُخْبِرَ زَوْجَهَا؛ لَكِنَّهَا لَمْ تَجِدْهُ. اِنْتَظَرَتِ الْأَمِيرَةُ، وَهِي خَائِفَةٌ. وَحِينَ عَادَ الشَّحَّاذُ فِي الْمَسَاءِ، حَكَتْ لَهُ مَا حَدَثَ، فَقَالَ: أَنْتِ اِمْرَأَةٌ حَمْقَاءُ، وَلَا فَائِدَةَ مِنْكِ!
أَخَذَتِ الْأَمِيرَةُ تَبْكِي، فَصَاحَ: اِخْرَسِي!
كَتَمَتِ الْأَمِيرَةُ بُكَاءَهَا، فَتَنَهَّدَ الشَّحَّاذُ، وَقَالَ: لَقَدْ ذَهَبْتُ الْيَوْمَ إِلَى الْمَلِكِ مِنْقَارَ كَيْ أَتَسَوَّلَ؛ لَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا. لَكِنِّي سَأَلْتُهُمْ إِنْ كَانُوا يَقْبَلُونَكِ خَادِمَةً، فَوَافَقُوا. سَتَعْمَلِينَ فِي الْمَطْبَخِ، وَسَوْفَ تَأْكُلِينَ مَجَّانًا.
وَفِي الْيَوْمِ التَّالِي، ذَهَبَتِ الْأَمِيرَةُ إِلَى الْقَصْرِ الْمَلَكِيِّ، وَنَظَرَتْ إِلَيْهِ طَوِيلًا، ثُمَّ ذَهَبَتْ إِلَى الْمَطَابِخِ. وَفِي الْمَطَابِخِ، عَمِلَتِ الْأَمِيرَةُ مُسَاعِدَةً لِلطَّبَّاخِ، وَكَانَتْ تَحْمِلُ مَعَهَا وِعَاءَيْنِ. كَانَتْ تَضَعُ فِي الْوِعَاءَيْنِ بَقَايَا الطَّعَامِ. وَفِي اللَّيْلِ، كَانَتْ تَعُودُ إِلَى الْكُوخِ، وَالْوِعَاءَانِ مَلِيئَانِ بالطَّعَامِ. وَفِي تِلْكَ الْفَتْرَةِ، كَانَتْ تَشْعُرُ بِالسَّعَادَةِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَشْعُرْ بِالْجُوعِ.
وَفِي يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامِ، أُقِيمَتْ حَفْلَةٌ كَبِيرَةٌ فِي الْقَصْرِ. كَانَتِ الْأَمِيرَةُ تَسْمَعُ الْمُوسِيقَى وَالضَّحِكَ طَوَالَ الْيَوْمِ. وَبِسَبَبِ هَذَا، شَعَرَتْ بِفُضُولٍ وِشَوْقٍ كَبِيرٍ. أَرَادَتِ الْأَمِيرَةُ أَنْ تَذْهَبَ لِرُؤْيَةِ الْحَفْلَةِ. غَادَرَتِ الْأَمِيرَةُ الْمَطْبَخَ، وَوَقَفَتْ تَنْظُرُ إِلَى النِّسَاءِ. كَانَتْ مُعْظَمُ النِّسَاءِ جَمِيلَاتٍ، وَكُنَّ يَرْتَدِينَ مَلَابِسَ جَمِيلَةً، وَيَضْحَكْنَ. وَبِسَبَبِ هَذَا، شَعَرَتِ الْأَمِيرَةُ بِنَدَمٍ كَبِيرٍ. قَالَتِ الْأَمِيرَةُ لِنَفْسِهَا: لَوْ لَمْ أَكُنْ مَغْرُورَةً، لَكُنْتُ الْآنَ فِي قَصْرِ أَبِي. لَقَدْ رَمَانِي بِسَبَبِ غُرُورِي، وَلَمْ يَنْفَعْنِي جَمَالِي فِي شَيْءٍ.
مَرَّ الْخَدَمُ مِنْ أَمَامِ الْأَمِيرَةِ، وَرَمُوا لَهَا بَعْضَ الطَّعَامِ، فَجَمَعَتِ الْكَثِيرَ فِي وَعَاءَيْهَا. قَالَتِ الْأَمِيرَةُ لِنَفْسِهَا: سَوْفَ آكُلُ أَنَا وَزَوْجِي طَعَامًا شَهِيًّا اللَّيْلَةَ.
وَقَبْلَ أَنْ تُغْلِقَ الْأَمِيرَةُ الْوِعَاءَيْنِ، رَأَتِ الْمَلِكَ مِنْقَارَ قَادِمًا. تَأَمَّلَتِ الْأَمِيرَةُ وَجْهَهُ، وَقَالَتْ لِنَفْسِهَا: إِنَّ ذِقْنَهُ لَا يُشْبِهُ الْمِنْقَارَ أَبَدًا! لَكِنَّ النَّدَمَ لَنْ يُفِيدَنِيَ الْآنَ!
ثُمَّ اِسْتَدَارَتْ كَيْ تُغَادِرَ؛ لَكِنَّ الْمَلِكَ أَمْسَكَهَا. اِلْتَفَتَتِ الْأَمِيرَةُ خَائِفَةً، فَقَالَ الْمَلِكُ: اُرْقُصِي مَعِي، أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ الْجَمِيلَةُ.
خَافَتِ الْأَمِيرَةُ أَنْ يَعْرِفَهَا الْمَلِكُ، فَقَالَتْ: أَنَا... أَنَا خَادِمَةٌ فِي الْمَطْبَخِ، يَا مَوْلَايَ! لَقَدْ جِئْتُ إِلَى هُنَا بِسَبَبِ فُضُولِي فَقَط! أَنَا آسِفَةٌ!
ثُمَّ أَرَادَتْ أَنْ تَهْرُبَ؛ لَكِنَّ الْمَلِكَ دَخَلَ إِلَى الْقَاعَةِ، وَسَحَبَهَا خَلْفَهُ. وَبِسَبِبِ ذَلِكَ، سَقَطَ مِنْهَا الْوِعَاءَانِ، وَاِنْسَكَبَ كُلُّ مَا فِي الْوِعَاءَيْنِ. وَبِسَبَبِ الضَّجَّةِ، اِلْتَفَتَ كُلُّ مَنْ فِي الْقَاعَةِ نَحْوَ الْخَادِمَةِ الْفَقِيرَةِ، ثُمَّ ضَحِكَ الْجَمِيعُ. وَبِسَبَبِ ذَلِكَ الضَّحِكِ السَّاخِرِ، هَرَبَتِ الْأَمِيرَةُ مِنَ الْقَاعَةِ. كَانَتْ تَشْعُرُ بِالْخَجَلِ وَالْأَلَمِ، وَأَرَادَتْ أَنْ تَمْوتَ وَيَنْسَاهَا الْجَمِيعُ.
وَقَبْلَ أَنْ تُغَادِرَ الْأَمِيرَةُ الْقَصْرَ، لَحِقَ بِهَا الْمَلِكُ مِنْقَارُ، وَأَمْسَكَهَا. اِلْتَفَتَتِ الْأَمِيرَةُ إِلَى الْمَلِكِ، فَرَأَتْ اِبْتِسَامَتَهُ. عَرَفَتِ الْأمِيرَةُ أَنَّ الْمَلِكَ عَرَفَهَا، وَأَنَّهُ سَوْفَ يَسْخَرُ مِنْهَا. وَقَبْلَ أَنْ تَتَكَلَّمَ، أَمْسَكَ الْمَلِكُ كَفَّيْهَا، وَقَالَ: لَا تَخَافِي! أَنَا زَوْجُكِ الشَّحَّاذُ. لَقَدْ تَنَكَّرُتُ بِذَلِكَ الشَّكْلِ بِسَبَبِ حُبِّيَ الْكَبِيرِ لَكِ. وَأَنَا الْفَارِسُ الَّذِي حَطَّمَ قُدُورَكِ. لَقَدْ فَعَلْتُ كُلَّ هَذَا بِسَبَبِ غُرُورِكِ وَسُخْرِيَّتِكِ؛ لَكِنِّي لَا أَمْلِكُ فِي قَلْبِي إِلَّا الْحُبَّ.
بَكَتِ الْأَمِيرَةُ، وَقَالَتْ: لَقَدْ نَدِمْتُ عَلَى كُلِّ مَا فَعَلْتُ. أَنَا سَعِيدَةٌ الْآنَ، لَكِنِّي لَا أَسْتَحِقُّ أَنْ أَكُونَ زَوْجَتَكَ بَعْدَ أَنْ سَخِرْتُ مِنْكَ، وَجَعَلْتُ النَّاسَ يُنَادُونَكَ بِالْمَلِكِ مِنْقَارَ.
ضَحِكَ الْمَلِكُ، وَقَالَ: لَقَدْ نَسِيتُ ذَلِكَ، وَسَوْفَ يَنْسَى النَّاسُ ذَلِكَ أَيْضًا. لَقَدْ اِنْتَهَتْ أَيَّامُ الشَّقَاءِ وَالْجُوعِ.
ثُمَّ أَدْخَلَ الْمَلِكُ الْأَمِيرَةَ إِلْى الْقَصْرِ، وَنَادَى الْوَصِيفَاتِ. وَبَعْدَ أَنْ لَبِسَتِ الْأَمِيرَةُ ثَوْبًا فَخْمًا، دَخَلَ وَالِدُهَا الْمَلِكُ بَاسِمًا، وَزَفَّهَا إِلَى زَوْجِهَا الْمَلِكِ مِنْقَارَ.