بِنْتُ الصَّبَّاغ

بِنْتُ الصَّبَّاغ

This Arabic story is for learners of Arabic as a foreign language. We took it from a book written by Kamil Keilany, an Egyptian writer and a poet. The original text was written for native speakers of Arabic. To make it suitable for learners of Arabic as a foreign language, it has been abridged, appropriately simplified, and slightly modified. Some of the details in the original story have been left out. Also, sentence structures are tailored for learners of Arabic as a foreign language. This Arabic story is suitable for intermediate to upper-intermediate learners.

learners of Arabic as foreign language

source: Hindawi Foundation for Education and Culture

فِي قَدِيمِ الزَّمَانِ، عَاشَ وَلَدَانِ فِي بَغْدَادَ، وَدَرَسَا فِي نَفْسِ الْمَدْرَسَةِ. كَانَ الْوَلَدَانِ ذَكِيَّانِ؛ وَلِذَلِكَ كَانَا يَتَنَافَسَانَ. كَبُرَ الْوَلَدَانِ، وَأَصْبَحَا شَابَّيْنِ، لَكِنَّهُمَا ظَلَّا يَتَنَافَسَانِ. كَانَ اِسْمَا الشَّابَّيْنِ أَبُو حَمْزَةَ وَأَبُو ثَعْلَبَةَ. أَصْبَحَ أَبُو حَمْزَةَ قَائِدًا لِلشُّرْطَةِ، وَأَصْبَحَ أَبُو ثَعْلَبَةَ حَاكِمًا لِبَغْدَادِ.

كَانَ أَبُو حَمْزَةَ رَجُلًا طَيِّبَ الْقَلْبِ، وَكَرِيمَ الطَّبْعِ، وَحَسَنَ الْأَخْلَاقِ؛ وَلِذَلِكَ أَحَبَّهُ النَّاسُ، وَلَقَّبُوهُ بِالْمُوَفَّقِ. وَكَانَ أَبُو ثَعْلَبَةَ رَجُلًا مُخَادِعًا، وَشِرِّيرًا، وَخَبِيثًا، وَحَقُودًا؛ وَلِذَلِكَ كَرِهَهُ النَّاسُ، وَلَقَّبُوهُ بِالمُرَامِقِ.

كَانَ أَبُو ثَعْلَبَةَ يَكْرَهُ أَبَا حَمْزَةَ، وَيَتَمَنَّى لَهُ الشَّرَّ. كَانَ أَبُو ثَعْلَبَةَ طَمُوحًا جِدًّا، وَكَانَ يُرِيدُ أَنْ يُصْبِحَ الْأَفْضَلَ. كَانَ النَّاسُ يُعْرِفُونَ الْمُنَافَسَةَ الَّتِي بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ. وَعِنْدَمَا عَزَلَ الْخَلِيفَةُ أَبَا حَمْزَةَ مِنْ مَنْصِبِهِ، عَرَفَ النَّاسُ أَنَّ أَبَا ثَعْلَبَةَ سَبَبُ عَزْلِ أَبِي حَمْزَةَ.

كَانَ أَبُو حَمْزَةَ يَعْرِفُ شَرَّ أَبِي ثَعْلَبَةَ؛ وَلِذَلِكَ اِبْتَعَدَ عَنْهُ. قَرَّرَ أَبُو حَمْزَةَ أَنْ يَبْتَعِدَ عَنِ السُّلْطَةِ؛ لِأَنَّهَا تَجْلِبُ الشَّرَّ عَلَيْهِ. قَالَ أَبُو حَمْزَةَ لِنَفْسِهِ: أَنَا رَاضٍ بِمَا حَصَلْتُ عَلَيْهِ. أَنَا شَيْخٌ الْآنَ، وَعِنْدِي اِبْنَةٌ جَمِيلَةٌ وَذَكِيَّةٌ، وَقَصْرٌ جَمِيلٌ، وَبَسَاتِينُ كَثِيرَةٌ. النَّاسُ يَعْرِفُونَنِي. أَنَا أَرْضَى بِكُلِّ هَذَا. لَنْ أَبْحَثَ عَنِ السُّلْطَةِ بِالْحِيلَةِ؛ إِنَّهَا سِلَاحُ الْخُبَثَاءِ! السُّلْطَةُ شَرٌّ كَبِيرٌ؛ سَوْفَ أُبْعِدُ عَائِلَتِي عَنِ الشَّرِّ.

شَعَرَ أَبُو ثَعْلَبَةَ بِالسَّعَادَةِ؛ لِأَنَّهُ تَخَلَّصَ مِنْ أَبِي حَمْزَةَ. قَالَ أَبُو ثَعْلَبَةَ لِنَفْسِهِ: سَوْفَ أَتَخَلَّصُ مِنْ كُلِّ مُنَافِسٍ. سَوْفَ أَكُونُ الْأَفْضَلَ. سَوْفَ أَكُونُ الْوَحِيدَ فِي الْمَيْدَانِ! لَوْ كُنْتُ أَمِيرًا لَأَصْبَحْتُ الْخَلِيفَةَ! بَقِيَ أَبُو ثَعْلَبَةَ يَضَعُ خُطَطًا كَيْ يَعْزِلَ كُلَّ الْأَذْكِيَاءِ.

وَذَاتَ لَيْلَةٍ، كَانَ حَرَسُ أَمْنِ بَغْدَادِ يَتَجَوَّلُونَ فِي أَطْرَافِ بَغْدَادَ. سَمِعَ الْحَرَسُ أَصْوَاتًا هَامِسَةً؛ فَاِقْتَرَبُوا مِنْهَا. كَانَتِ الْأَصْوَاتُ تَصْدُرُ مِنَ مَقْبَرَةٍ. قَالَ رَئِيسُ الْحَرَسِ بِصَوْتٍ مُنْخَفِضٍ: هُنَالِكَ أَشْخَاصٌ فِي الْمَقْبَرَةِ. هَلْ تَرَوْنَ تِلْكَ الظِّلَالَ؟ إِنَّهُم أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةِ أَشْخَاصٍ. اِقْتَرِبُوا بِهُدُوءٍ؛ يَجِبُ أَنْ نُمْسِكَ بِهِم.

اِقْتَرَبَ الْحَرَسُ مِنْ سُورِ الْمَقْبَرَةِ، فَنَظَرُوا إِلَى الدَّاخِلِ. كَانَ فِي الْمَقْبَرَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ رَجُلًا. كَانَ هُنَالِكَ رَجُلٌ بَدِينٌ، كَثِيفُ اللِّحْيَةِ، طَوِيلُ الشَّعْرِ، وَكَانَ جَالِسًا فَوْقَ أَحَدِ الْقُبُورِ. تَكَلَّمَ الرَّجُلُ الْبَدِينُ: أَنَا أَعْرِضُ عَلَيْكَ عَرْضًا رَائِعًا أَيُّهَا الشَّابُّ. تَكَلَّمْ! لَنْ أَنْتَظِرَكَ طَوَالَ اللَّيْلِ!

رَأَى رَئِيسُ الْحَرَسِ شَابًّا جَالِسًا أَمَامَ الرَّجُلِّ الْبَدِينِ. كَانَ الشَّابُّ يَرْتَجِفُ، وَكَانَتْ ثِيَابُهُ مُمَزَّقَةٌ، وَوَجْهُهُ مُتَّسِخٌ. حَرَّكَ الشَّابُّ رَأْسَهُ وَهَمَسَ. لَمْ يَسْمِعِ الْحَرَسُ كَلَامَ الشَّابِّ. قَالَ شَخْصٌ وَاقِفٌ: إِنَّهُ خَائِفٌ يَا زَعِيمُ! إِنَّهُ يَرْتَجِفُ مِثْلَ النِّسَاءِ.

قَالَ شَخْصٌ آخَرُ: يَجِبُ أَنْ تَفْرَحَ أَيُّهَا الشَّابُّ؛ سَوْفَ تَحْصُلُ عَلَى الْكَثِيرِ مِنَ الْمَالِ، وَالطَّعَامِ، وَالنِّسَاءِ. أَنْتَ نَحِيلٌ، وَخَفِيفُ الْحَرَكَةِ. اُنْظُرُوا إِلَى أَصَابِعِهِ الطَّوِيلَةِ، سَوْفَ تَكُونُ لِصًّا مَاهِرًا.

هَمَسَ أَحَدُ الْحَرَسِ: سَيِّدِي، يَبْدُو أَنَّهُم جَمَاعَةٌ مِنَ اللُّصُوصِ.

هَمَسَ رَئِيسُ الْحَرَسِ: نَعَمْ. تَفَرَّقُوا الْآنَ حَوْلَ الْمَقْبَرَةِ. سَوْفَ نُمْسِكُ بِالْجَمِيعِ. سَوْفَ يَحْرُسُ خَمْسَةٌ مَدْخَلَ الْبَوَّابَةِ.

مَشَى الْحَرَسُ بِهُدُوءٍ، وَهُمْ يَرْفَعُونَ سُيُوفَهُم. دَخَلَ الْحَرَسُ إِلَى الْمَقْبَرَةِ، فَصَاحَ رَئِيسُ الْحَرَسِ: لَا تَتَحَرَّكُوا. أَنَا رَئِيسُ حَرَسِ الْأَمْنِ. أَنْتُم مُحَاصَرُونَ!

حَاوَلَ اللُّصُوصُ أَنْ يَهْرِبُوا، لَكِنَّ الْحَرَسَ أَمْسَكُوهُم، وَأَخَذُوا أَسْلِحَتَهُم. بَقِيَ الشَّابُّ جَالِسًا فِي مَكَانِهِ، يَنْظُرُ إِلَى الْحَرَسِ وَاللُّصُوصِ، وَهُوَ صَامِتٌ. سَأَلَ رَئِيسُ الْحَرَسِ الشَّابَّ: هَلْ أَنْتَ مِنْهُم؟

كَانَ الشَّابُّ هَادِئًا. اِبْتَسَمَ الشَّابُّ وَأَجَابَ: لَا، لَقَدْ أَمْسَكُونِي. أَرَادُوا أَنْ أُصْبِحَ لِصًّا.

قَالَ رَئِيسُ الْحَرَسِ: سَوْفَ آخُذُكُم إِلَى قَصْرِ حَاكِمِ بَغْدَادَ. سَوْفَ يَحْكُمُ أَبُو ثَعْلَبَةَ عَلَيْكُم.

سَحَبَ الْحَرَسُ اللُّصُوصَ وَالشَّابَّ إِلَى قَصْرِ أَبِي ثَعْلَبَةَ. وَضَعَ الْحَرَسُ اللُّصُوصَ وَالشَّابَّ فِي السِّجْنِ. قَالَ رَئِيسُ اللُّصُوصِ لِلشَّابِّ: أَنْتَ السَّبَبُ. لَوْ تَرَكْتُكَ نَائِمًا فِي ذَلِكَ الْقَبْرِ! مَنْ سَحَبَ هَذَا الْأَحْمَقَ مِنْ ذَلِكَ الْقَبْرِ؟

تَصَايَحَ اللُّصُوصُ طَوَالَ اللَّيْلِ. وَفِي الصَّبَاحِ، أَخَذَ الْعَسَاكِرُ اللُّصُوصَ وَالشَّابَّ إِلَى مَجْلِسِ الْحَاكِمِ. نَظَرَ أَبُو ثَعْلَبَةَ إِلَى اللُّصُوصِ، وَسَأَلَ رَئِيسَ الْحَرَسِ عَنْهُم. أَمَرَ رَئِيسُ الْحَرَسِ اللُّصُوصَ: اِعْتَرِفُوا بِجَمِيعِ أَعْمَالِكُم، وَأخْبِرُونِي عَنْ مَكَانِ كُنُوزِكُم.

رَفَضَ اللُّصُوصُ أَنْ يَتَكَلَّمُوا. أَخَذَ رَئِيسُ الْحَرَسِ سَوْطًا، وَلَوَّحَ بِهِ. قَالَ أَبُو ثَعْلَبَةَ: سَوْفَ أَقْتُلُكُم جَمِيعًا... إِذَا لَمْ تَعْتَرِفُوا!

اِعْتَرَفَ اللُّصُوصُ بِكُلِّ شَيْءٍ. أَعَادَ الْعَسَاكِرُ اللُّصُوصَ إِلَى السِّجْنِ، وَبَقِيَ الشَّابُّ. نَظَرَ أَبُو ثَعْلَبَةَ إِلَى الشَّابِّ وَسَأَلَهُ: هَلْ أَنْتَ لِصٌّ صَغِيرٌ؟

أَجَابَ الشَّابُّ: لَا يَا سَيِّدِي، لَقَدْ كَانَ حَظًّا سَيِّئًا مَا حَدَثَ لَيْلَةَ أَمْسِ. لَقَدْ وَجَدَنِي اللُّصُوصُ. لَقَدْ عَرَفْتُ مَكَانَ كُنُوزِهِم، فَلَمْ يَكُنْ أَمَامَهُم إِلَّا حَلَّانِ: إِمَّا أَنْ يَقْتُلُونَنِي، وَإِمَّا أَنْ أُصْبِحَ لِصًّا. رَأَى اللُّصُوصُ جَسَدِي، فَقَرَّرُوا أَنَّهُم سَوْفَ يَسْتَفِيدُونَ مِنِّي.

ضَحِكَ أَبُو ثَعْلَبَةَ، وَقَالَ: أَنْتَ شَابٌّ تُجِيدُ الْحَدِيثَ. مَا اِسْمُكَ؟

أَجَابَ الشَّابُّ: اِسْمِي فَضْلُ اللَّهِ.

اِبْتَسَمَ أَبُو ثَعْلَبَةَ وَقَالَ: أَنَا أَعْرِفُ الْبَرِيءَ عِنْدَمَا أَنْظُرُ إِلَى عَيْنَيهِ. أَنْتَ بَرِيءٌ يَا فَضْلَ اللَّهِ، لَكِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَجْلِسَ هُنَا وَتُحَدِّثَنِي. إِنَّ كَلَامَكَ جَمِيلٌ. تَعَالَ، وَاجْلِسْ هُنَا!

قَالَ فَضْلُ اللَّهِ: لَا أُرِيدُ أَنْ يَسْقُطُ الْوَسَخُ مِنْ ثِيَابِي إِلَى هَذِهِ السَّجَاجِيدِ الْجَمِيلَةِ، يَا سَيِّدِي. سَوْفَ أَبْقَى وَاقِفًا.

ضَحِكَ أَبُو ثَعْلَبَةَ، وَقَالَ: أَنْتَ لَسْتَ مِنْ بَغْدَادَ. مِنْ أَيْنَ جِئْتَ؟

أَجَابَ فَضْلُ اللَّهِ: لَقَدْ جِئْتُ مِنَ الْمَوْصِلِ.

قَالَ أَبُو ثَعْلَبَةَ: وَكَيْفَ وَصَلْتَ إِلَى مَقْبَرَةٍ؟

أَجَابَ فَضْلُ اللَّهِ: إِنَّهُ الْحَظُّ السَّيِّءُ يَا سِيِّدِي! لَقَدْ كُنْتُ جَائِعًا وَمُتْعَبًا، لَمْ يَكُنْ لَدَيَّ مَالٌ كَيْ أَشْتَرِيَ طَعَامًا. بَقِيتُ أَمْشِي طَوَالَ الْيَوْمِ، حَتَّى وَصَلْتُ إِلَى أَرْضٍ خَضْرَاءَ جَمِيلَةٍ. سَأَلْتُ النَّاسَ: لِمَنْ هَذِهِ الْأَرْضُ؟ فَأَخْبَرُونِي أَنَّهَا مِلْكٌ لِرَجُلٍ اِسْمُهُ أَبُو حَمْزَةَ الْمُوَفَّقُ. مَشَيْتُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ وَأنَا خَجْلَانُ مِنْ ثِيَابِي. رَأَيْتُ قَصْرًا جَمِيلًا، فَجَلَسْتُ أَمَامَهُ. لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَطْلُبَ طَعَامًا، فَبَقِيتُ أَنْظُرُ إِلَى بَوَّابَةِ الْقَصْرِ، وَأَنَا صَامِتٌ. وَبَعْدَ مُدَّةٍ، خَرَجَتْ خَادِمَةٌ عَجُوزٌ. نَظَرَتِ الْعَجُوزُ إِلَيَّ، ثُمَّ سَأَلَتْنِي: مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ أَخْبَرْتُ الْعَجُوزَ أَنَّنِي مِنَ الْمَوْصِلِ. عَادَتِ الْعَجُوزُ إِلَى الْقَصْرِ، وَبَعْدَ مُدَّةٍ، خَرَجَتْ. كَانَتْ الْعَجُوزُ تَحْمِلُ طَعَامًا وَشَرَابًا. أَعْطَتْنِي الْعَجُوزُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ وَعَادَتْ إِلَى الْقَصْرِ. وَبَعْدَ أَنْ شَبِعْتُ، لَمْ يَكُنْ عِنْدِي مَكَانٌ أَنَامُ فِيهِ. خَرَجْتُ مِنْ أَرْضِ الْمُوَفَّقِ، وَمَشَيْتُ. لَمْ أَنْتَبِهْ لِلظَّلَامِ الَّذِي حَلَّ. رَأَيْتُ مَقْبَرَةً أَمَامِي، فَقَرَّرتُ أَنْ أَنَامَ فِيهَا. قُلْتُ لِنَفْسِي إِنَّ النَّوْمَ بِدَاخِلِ قَبْرٍ أَكْثَرُ أَمْنًا مِنَ النَّوْمِ فِي الشَّارِعِ. لَقَدْ خِفْتُ أَنْ يَسْحَبَنِي حَرَسُ الْأَمْنِ إِلَى السِّجْنِ. دَخَلْتُ قَبْرًا وَنِمْتُ، وَبَعْدَ مُدَّةٍ، سَمِعْتُ أَصْوَاتًا، فَقُمْتُ. رَآنِي لِصٌّ فَسَحَبَنِي مِنَ الْقَبْرِ. ثُمَّ جَاءَ حَرَسُ الْأَمْنِ، وَأَخَذُونَا.

ضَحِكَ أَبُو ثَعْلَبَةَ وَقَالَ: وَهَلْ رَأَيْتَ الْمُوَفَّقَ؟

أَجَابَ فَضْلُ اللَّهِ: لَا. يَقُولُ النَّاسُ أَنَّ أَبَا حَمْزَةَ الْمُوَفَّقَ رَجُلٌ كَرِيمٌ.

اِبْتَسَمَ أَبُو ثَعْلَبَةَ بِحِقْدٍ. نَظَرَ أَبُو ثَعْلَبَةَ إِلَى فَضْلِ اللَّهِ، وَقَالَ لِنَفْسِهِ: إِنَّهُ شَابٌّ وَسِيمٌ جِدًّا، وَيَبْدُو حَكِيمًا. فِي تِلْكَ اللَّحْظَةِ، خَطَرَتْ لِأَبِي ثَعْلَبَةَ فِكْرَةٌ، فَاِبْتَسَمَ وَقَالَ: وَمَاذَا يَقُولُ النَّاسُ أَيْضًا؟

أَجَابَ فَضْلُ اللَّهِ: يَقُولُونَ إِنَّهُ طَيِّبُ الْقَلْبِ... وَيَقُولُونَ أَنَّكُمَا كُنْتُمَا تَتَنَافَسَانِ.

ضَحِكَ أَبُو ثَعْلَبَةَ، وَقَالَ: نَعَمْ، كَانَ ذَلِكَ فِي الْمَاضِي. نَحْنُ صَدِيقَانِ الْآنَ... لَقَدْ أَصْبَحَ الْمُوَفَّقُ شَيْخًا ضَعِيفًا... لَكِنَّهُ يَمْلِكُ اِبْنَةً جَمِيلَةً وَذَكِيَّةً. سَوْفَ يُزَوِّجُهَا لِرَجُلٍ نَبِيلٍ.

هَزَّ فَضْلُ اللَّهِ رَأْسَهُ، لَكِنَّهُ لَمْ يَتَكَلَّمْ. وَقَفَ أَبُو ثَعْلَبَةَ، وَقَالَ: أَنْتَ شَابٌّ وَسِيمٌ يَا فَضْلَ اللَّهِ، وَمُؤَدَّبٌ، وَحَكِيمٌ، وَذَكِيٌّ، وَحَسَنُ الْحَدِيثِ. أَنْتَ تَسْتَحِقُ اِبْنَةَ الْمُوَفَّقِ. سَوْفَ أَذْهَبُ كَيْ أَخْطِبَهَا لَكَ، هَلْ أَنْتَ مُوَافِقٌ؟

اِرْتَبَكَ فَضْلُ اللَّهِ، وَنَظَرَ إِلَى مَلَابِسِهِ؛ فَقَالَ أَبُو ثَعْلَبَةَ: هَلْ تَخْجَلُ مِنْ مَلَابِسِكَ؟ لَا! إِنَّ الرَّجُلَ يَفْخَرُ بِأَخْلَاقِهِ وَعَقْلِهِ. سَوْفَ أُحْضَرُ لَكَ أَجْمَلَ الثِّيَابِ فِي بَغْدَادَ. وَالْآنَ، سَوْفَ تَذْهَبُ مَعَ هَذَا الْخَادِمِ إِلَى الْحَمَّامِ؛ كَيْ تُبْعِدَ تُرَابَ الطَّرِيقِ عَنْكَ.

دَفَعَ أَبُو ثَعْلَبَةَ فَضْلَ اللَّهِ، وَهُوَ يَضْحَكُ. ذَهَبَ فَضْلُ اللَّهِ مَعَ الْخَادِمِ، وَهُوَ يَقُولُ لِنَفْسِهِ: إِنَّهُ رَجُلٌ طَيِّبٌ وَكَرِيمٌ! لَقَدْ قَالَ النَّاسُ إِنَّهُ مُخَادِعٌ، وَبَخِيلٌ، وَلَئِيمٌ. لَقَدْ أَخْطَأَ النَّاسُ! كَيْفَ عَرَفَ حَقِيقَتِي؟ كَيْفَ عَرَفَ مَا أُرِيدُ؟ إِنَّهُ رَجُلٌ ذَكِيٌّ وَكَرِيمٌ! أَنَا مَحْظُوظٌ؛ لِأَنَّي قَابَلْتُهُ!

كَانَ أَبُو ثَعْلَبَةَ يَبْتَسِمُ وَهُوَ يَقُولُ: حَانَ الْوَقْتُ أَيُّهَا الْمُوَفَّقُ! سَوْفَ أَجْعَلُ النَّاسَ يَضْحَكُونَ عَلَيْكَ، وَيَسْخَرُونَ مِنْكَ. لَنْ يَنْسَى النَّاسُ هَذِهِ الْفَضِيحَةَ.

نَادَى أَبُو ثَعْلَبَةَ خَادِمًا، وَأَمَرَهُ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى قَصْرِ الْمُوَفَّقِ، وَيُحْضِرَ الْمُوَفَّقَ مَعَهُ. وَبَعْدَ أَنْ جَاءَ أَبُو حَمْزَةَ الْمُوَفَّقُ، رَحَّبَ بِهِ أَبُو ثَعْلَبَةَ. اِسْتَغْرَبَ أَبُو حَمْزَةَ الْمُوفَّقُ، لَكِنَّهُ لَمْ يَتَكَلَّمْ. قَالَ أَبُو ثَعْلَبَةَ: أَنْتَ تَسْأَلُ نَفْسَكَ الْآنَ عَنْ سَبَبِ سَعَادَتِي، صَحِيحٌ؟ أَنَا سَعِيدٌ يَا صَدِيقِي؛ سَوْفَ يَنْتَهِي زَمَنُ الْخِصَامِ، سَوْفَ نُصْلِحُ مَا بَيْنَنَا. لَقَدْ جَاءَتْ فُرْصَةٌ رَائِعَةٌ. هَلْ تَعْلَمْ مَا الَّذِي حَدَثَ؟

سَأَلَ أَبُو حَمْزَةَ: مَاذَا حَدَثَ يَا أَبَا ثَعْلَبَةَ؟ مَا هُوَ الْجَدِيدُ؟ هَلْ هِيَ حِيلَةٌ جَدِيدَةٌ؟

جَلَسَ أَبُو ثَعْلَبَةَ، وَقَالَ: سَامَحَكَ اللَّهُ يَا أَبَا ثَعْلَبَةَ! أَنَا لَا أَنْوِي الشَّرَّ أَبَدًا. لَقَدَ جَاءَ الْأَمِيرُ فَضْلُ اللَّهِ أَمْسِ، إِنَّهُ أَمِيرُ الْمَوْصِلِ. يُرِيدُ الْأَمِيرُ أَنْ يَتَزَوَّجَ اِبْنَتَكَ. لَقَدْ طَلَبَ مِنِّي أَنْ أَكُونَ وَسِيطًا. لَقَدْ سَمِعَ الْأَمِيرُ النَّاسَ وَهُمْ يَتَحَدَّثُونَ عَنْ جَمَالِ اِبْنَتِكَ، وَعَنْ ذَكَائِهَا، وَعَنْ نَسَبِهَا النَّبِيلِ. إِنَّهَا فُرْصَةٌ كَيْ نُصْلِحَ مَا بَيْنَنَا يَا أَبَا حَمْزَةَ.

اِبْتَسَمَ أَبُو حَمْزَةَ، وَقَالَ: حَقًّا؟ إِنَّهُ خَبَرٌ جَمِيلٌ! هَذِهِ الْمَرَّةُ الْأُولَى الَّتِي أَجِدُ الْخَيْرَ فِي قَصْرِكَ!

تَذَمَّرَ أَبُو ثَعْلَبَةَ: مَا هَذَا الْكَلَامُ يَا أَبَا حَمَزَةَ؟ أَنْتَ تُذَكِّرُنَا بِالْأَيَّامِ السَّوْدَاءِ. يَجِبُ أَنْ تَنْسَى الْمَاضِي!

اِبْتَسَمَ أَبُو حَمْزَةَ، وَقَالَ: أَنَا آسِفٌ. أَيْنَ هُوَ الْأَمِيرُ الْآنَ؟

أَجَابَ أَبُو ثَعْلَبَةَ: سَوْفَ يَأْتِي الْآنَ. أَيُّهَا الْخَادِمُ، اُنْظُرْ هَلْ اِنْتَهَتْ جَوْلَةُ الْأَمِيرِ؟

خَرَجَ الْخَادِمُ مُسْرِعًا، وَبَعْدَ مُدَّةٍ دَخَلَ فَضْلُ اللَّهِ وَهُوَ يَلْبَسُ ثِيَابًا غَالِيَةً، وَحِذَاءً لَامِعًا، وَعِمَامَةً جَمِيلَةً. وَقَفَ أَبُو ثَعْلَبَةَ، وَقَالَ بِسَعَادَةٍ: أَهْلًا بِأَمِيرِ الْمَوْصِلِ، أَهْلًا! هَذَا هُوَ أَبُو حَمْزَةَ الْمُوَفَّقُ.

وَقَفَ أَبُو حَمْزَةَ، وَهُوَ يَبْتَسِمُ وَيُرَحِّبُ بِالْأَمِيرِ. اِسْتَغْرَبَ فَضْلُ اللَّهِ مِنْ كَلَامِ أَبِي ثَعْلَبَةَ وَأَبِي حَمْزَةَ. أَرَادَ فَضْلُ اللَّهِ أَنْ يَتَكَلَّمَ، لَكِنَّ أَبَا ثَعْلَبَةَ لَمْ يَسْمَحْ لَهُ. كَانَ أَبُو ثَعْلَبَةَ يَقُولُ: إِنَّ الْأَمِيرَ يُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَ اِبْنَتَكَ، وَأَنَا أَرَى أَنْ يَتَزَوَّجَا الْآنَ. لَيْسَ هُنَالِكَ شَيْءٌ يَمْنَعُ هَذَا؛ إِنَّ اِبْنَتَكَ غَنِيَّةٌ، وَالْأَمِيرُ مَعْرُوفٌ. الْجَمِيعُ يَعْرِفُ كَرَمَ الْأَمِيرِ فَضْلِ اللَّهِ، وَأَخْلَاقَهُ، وَعِلْمَهُ. لَا دَاعِي لِلتَّأْخِيرِ. أَيُّهَا الْخَادِمُ، أَحْضِرِ الْمَأْذُونَ. هَيَّا يَا أَبَا حَمْزَةَ، اِقْتَرِبْ! يَا اللَّهُ! أَنَا سَعِيدٌ جِدًّا! إِنَّ هَذَا الزَّوَاجَ مُبَارَكٌ. أَيْنَ الْمَأْذُونُ؟

كَانَ أَبُو حَمْزَةَ سَعِيدًا، وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ مُرْتَبِكًا. قَالَ فَضْلُ اللَّهِ لِنَفْسِهِ: إِنَّهُ تَرْتِيبُ اللَّهِ لِلْأُمُورِ؛ لَقَدْ خَرَجْتُ كَيْ أَتَزَوَّجَ هَذِهِ الْفَتَاةَ. إِنَّ أَبَا ثَعْلَبَةَ غَرِيبُ الطِّبَاعِ، لَكِنَّهُ سَاعَدَنِي. سَوْفَ أَشْكُرُ أَبَا ثَعْلَبَةَ طَوَالَ عُمُرِي.

حَضَرَ الْمَأْذُونُ، وَتَمَّ الزَّوَاجُ. أَعْطَى أَبُو ثَعْلَبَةَ لِفَضْلِ اللَّهِ حِصَانًا جَمِيلًا. رَكِبَ فَضْلُ اللَّهِ الْحِصَانِ، وَمَشَى قُرْبَ أَبِي حَمْزَةَ. وَعِنْدَمَا وَصَلُوا إِلَى الْقَصْرِ، دَخَلَا مَجْلِسًا فَخْمًا. رَحَّبَ أَبُو حَمْزَةَ بِفَضْلِ اللَّهِ، ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى اِبْنَتِهِ. أَخْبَرَ الْأَبُ اِبْنَتَهُ عَنْ زَوْجِهَا، قَالَ: نَحْنُ نَسْمَعُ عَنْ كَرَمِهِ، وَأَخْلَاقِهِ، وَأَدَبِهِ، وَعِلْمِهِ، لَقَدْ وَافَقَتُ يَا اِبْنَتِي، فَهَلْ أَنْتِ مُوَافِقَةٌ يَا زُمُرُّدُ؟

وَافَقَتِ زُمُرُّدُ عَلَى الزَّوَاجِ، وَقَالَتْ: إِنَّكَ تَفْعَلُ الصَّوَابَ دَائِمًا، يَا أَبِي. فَفَرِحَ أَبُو حَمْزَةَ. ذَهَبَ فَضْلُ اللَّهِ كَيْ يُقَابِلَ زُمُرُّدَ، فُأُعْجِبَ بِجَمَالِهَا، وَبِأَخْلَاقِهَا، وَبِأَدَبِهَا؛ وَقَرَّرَ أَنْ يَشْكُرَ أَبَا ثَعْلَبَةَ عَلَى مُسَاعَدَتِهِ.

وَفِي الْيَوْمِ التَّالِي، سَمِعَ فَضْلُ اللَّهِ طَرْقًا عَلَى الْبَابِ؛ فَاِسْتَيْقَظَ. فَتَحَ فَضْلُ اللَّهِ الْبَابَ، فَرَأَى خَادِمًا طَوِيلَ الْقَامَةِ، أَسْوَدَ الْبَشَرَةِ، خَشِنَ الشَعْرِ، وَيَحْمِلُ صُرَّةً. كَانَ الرَّجُلُ خَادِمَ أَبَي ثَعْلَبَةَ؛ فَظَنَّ فَضْلُ اللَّهِ أَنَّهُ يَحْمِلُ هَدِيَّةً مِنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ. نَظَرَ فَضْلُ اللَّهِ إِلَى وَجْهِ الْخَادِمِ، فَاسْتَغْرَبَ؛ لِأَنَّ الْخَادِمَ كَانَ يَبْتَسمُ بِسُخْرِيَّةٍ. قَالَ الْخَادِمُ: خُذْ هَذِهِ الْمَلَابِسَ الْقَدِيمَةَ. قَالَ سِيِّدِي أَبُو ثَعْلَبَةَ: اِخْلَعْ هَذِهِ الْمَلَابِسَ الْغَالِيَةَ، وَاَلْبَسْ مَلَابِسَكَ الْقَدِيمَةَ الْمُتَّسِخَةَ. سَوْفَ يَرَى الْمُوَفَّقُ حَقِيقَتَكَ.

شَعَرَ فَضْلُ اللَّهِ بِالدَّهْشَةِ، لَكِنَّهُ عَرَفَ أَنَّ أَبَا ثَعْلَبَةَ أَرَادَ أَنْ يَسْخَرَ مِنْ أَبِي حَمْزَةَ، وَيَنْتَقِمُ مِنْهُ. خَلَعَ أَبُو ثَعْلَبَةَ مَلَابِسَهُ الْجَدِيدَةَ الْغَالِيةَ، وَلَبِسَ ثِيَابَهُ الْقَدِيمَةَ. غَادَرَ الْخَادِمُ، وَتَرَكَ فَضْلَ اللَّهِ وَاقِفًا أَمَامَ الْبَابِ. سَمِعَ فَضْلُ اللَّهِ صَوْتَ زَوْجَتِهِ زُمُرُّدَ: لِمَاذَا تَلْبَسُ هَذِهِ الْمَلَابِسَ يَا زَوْجِي؟ مَاذَا حَدَثَ؟ مَاذَا قَالَ هَذَا الْخَادِمُ؟

تَنَهَّدَ فَضْلُ اللَّهِ، وَقَالَ: لَقَدْ كَشَفَ أَبُو ثَعْلَبَةَ خُبْثَهُ. لَوْ أَنَّهُ اِنْتَظَرَ قَلِيلًا...

قَالَتِ الزَّوْجَةُ بِغَضَبٍ: مَاذَا فَعَلَ أَبُو ثَعْلَبَةَ؟ إِنَّهُ يَضَعُ الْحِيَلَ دَائِمًا. هَذَا الرَّجُلُ يَحْتَاجُ إِلَى تَأْدِيبٍ. أَخْبِرْنِي مَاذَا فَعَلَ.

قَالَ فَضْلُ اللَّهِ: لَقَدْ أَرَادَ أَبُو ثَعْلَبَةَ أَنْ يُزَوِّجَكِ بِرَجُلٍ فَقِيرٍ؛ كَيْ يَسْخَرَ مِنْ وَالِدِكِ، لَكِنَّهُ فَعَلَ الْعَكْسَ. لَقَدْ زَوَّجَكِ أَمِيرَ الْمَوْصِلِ. لَقَدْ جِئْتُ مِنَ الْمَوْصِلِ؛ كَيْ أَتَزَوَّجَكِ، لَكِنَّ لُصُوصًا فِي الطَّرِيقِ أَخَذُوا أَمْوَالِي، وَأَحْمَالِي، وَمَلَابِسِي، وَكُلَّ الْهَدَايَا. لَقَدْ جِئْتُ إِلَى أَمَامِ هَذَا الْقَصْرِ، لَكِنِّي خَجِلْتُ أَنْ أَدْخُلَ بِهَذِهِ الْمَلَابِسِ الْقَدِيمَةِ. وَعِنْدَمَا أَمْسَكَ الحَرَسُ بِي مَعَ اللُّصُوصِ، لَمْ أُخْبِرْ أَبَا ثَعْلَبَةَ بِالْحَقِيقَةِ؛ أَرَدْتُ أَنْ أَعُودَ إِلَى الْمُوصِلِ؛ كَيْ أَحْمِلَ الْهَدَايَا إِلَيْكِ. لَوْ عَرَفَ أَبُو ثَعْلَبَةَ أَنِّي أَمِيرُ الْمَوْصِلِ، لَمَنَعَ الزَّوَاجَ. أَنَا مَحْظُوظٌ حَقًّا! لَقَدْ سَأَلْتُ نَفْسِي: كَيْفَ عَرَفَ أَبُو ثَعْلَبَةَ أَنِّي أَمِيرُ الْمَوْصِلِ؟ لَكِنَّ الْحَقِيقَةَ ظَهَرَتِ الْآنَ. إِنَّ أَبَا ثَعْلَبَةَ مُخَادِعٌ، وَلَئِيمٌ! لَقَدْ ظَنَّ أَنِّي صُعْلُوكٌ فَقِيرٌ، لَقَدْ أَرَادَ أَنْ يَشْعُرَ وَالِدُكِ بِالْخَجَلِ. لَنْ يَكُونَ سَعِيدًا عِنْدَمَا يَعْرِفُ أَنَّهُ زَوَّجَ اِبْنَةَ عَدُوِّهِ بِأَمِيرِ الْمَوْصِلِ.

ضَحِكَتْ زُمُرُّدُ، وَقَالَتْ: أُرِيدُ أَنْ أَسْمَعَ الْقِصَّةَ كُلَّهَا. وَبَعْدَ أَنْ حَكَى الْأَمِيرُ لِزَوْجَتِهِ مَا حَدَثَ، قَالَتْ: سَوْفَ أَجْعُلُ هَذَا الْمُخَادِعَ يَذُوقُ كَأْسَ السُّخْرِيَّةِ! أَوَّلًا، سَوْفَ أُحْضِرُ لَكَ ثِيَابًا يَا زَوْجِي!

ثُمَّ نَادَتْ خَادِمَتَهَا، وَأَمَرَتْهَا أَنْ تَشْتَرِي لِلْأَمِيرِ ثِيَابًا جَمِيلَةً. وَبَعْدَ أَنْ لَبِسَ الْأَمِيرُ الثِّيَابَ الْجَدِيدَةَ، قَالَتْ زُمُرُّدُ: سَوْفَ أَنْتَقِمُ مِنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ يَا زَوْجِيَ!

قَالَ الزَّوْجُ: لَا، لَنْ نَرُدَّ عَلَيْهِ يَا زُمُرُّدُ. نَحْنُ لَسْنَا أَشْرَارًا.

قَالَتِ الزَّوْجَةُ: إِنَّ أَبَا ثَعْلَبَةَ إِنْسَانٌ لَا يَتَأَدَّبُ! يَجِبُ أَنْ يُعَاقَبَ؛ كَيْ يَتَوَقَّفَ عَنِ الْحِيَلِ. سَوْفَ أَخْرُجُ إِلَيْهِ.

قَالَ الزَّوْجُ: مَاذَا سَتَفْعَلِينَ؟

قَالَتِ الزَّوْجَةُ: لَنْ أُخْبِرَكَ بِشَيْءٍ الْآنَ. سَوْفَ أُخْبِرُكُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَعْدَ أَنْ أَعُودَ.

لَبِسَتِ زُمُرُّدُ ثِيَابًا جَمِيلَةً، وَغَطَّتْ وَجْهَهَا بِالنِّقَابِ، وَخَرَجتْ. ذَهَبَتْ زُمُرُّدُ إِلَى قَصْرِ أَبِي ثَعْلَبَةَ، وَطَلَبَتْ مُقَابَلَتَهُ. سَمَحَ أَبُو ثَعْلَبَةَ لِلْمَرْأَةِ بِالدُّخُولِ، فَقَالَتْ: سِيِّدِي، إِنَّ عِنْدِيَ شَكْوَىً. لَا أُرِيدُ أَنْ يَسْمَعَ النَّاسُ الشِّكْوَى.

قَامَ أَبُو ثَعْلَبَةَ مِنْ مَجْلِسِهِ، وَطَلَبَ مِنَ الْمَرْأَةِ أَنْ تَتْبَعَهُ. دَخَلَ أَبُو ثَعْلَبَةَ إِلَى غُرْفَةٍ وَأَغْلَقَ الْبَابَ. جَلَسَ أَبُو ثَعْلَبَةَ وَطَلَبَ مِنَ الْمَرْأَةِ أَنْ تَجْلِسَ وَتَتَكَلَّمَ. جَلَسَتْ زُمُرُّدُ، وَكَشَفَتْ عَنْ وَجْهِهَا. نَظَرَ أَبُو ثَعْلَبَةَ إِلَى وَجْهِهَا الْجَمِيلِ، وَقَالَ لِنَفْسِهِ: مَا أَجْمَلَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ! قَالَتْ زُمُرُّدُ: إِنَّنِي أَعِيشُ حَزِينَةً يَا سِيِّدِي. لَقَدْ رَأَيْتُ حُلْمًا يَوْمَ أَمْسِ. سَمِعُتُ فِي الْحُلْمِ صَوْتًا يَقُولُ: اِذْهَبِي إِلَى أَبِي ثَعْلَبَةَ حَاكِمِ بَغْدَادَ. سَوْفَ يُبْعِدُ أَبُو ثَعْلَبَةَ الظُّلْمَ عَنْكِ.

اِبْتَسَمَ أَبُو ثَعْلَبَةَ، وَقَالَ: تَكَلَّمِي يَا سَيِّدَةَ النِّسَاءِ. مَنْ ظَلَمَكِ؟

بَكَتْ زُمُرُّدُ، وَقَالَتْ: لَيْسَ فِي الدُّنِيَا شَخْصٌ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُسَاعِدَنِي، وَيُعْطِينَي حَقِّي، وَيَمْنَعَ الظَّالِمَ إِلَّا أَنْتَ يَا سَيِّدِي. أُرِيدُ الْعَدْلَ يَا سَيِّدِي.

قَالَ أَبُو ثَعْلَبَةَ بِغَضَبٍ: اللَّعْنَةُ عَلَى مَنْ يَظْلِمُكِ يَا سَيِّدَةَ النِّسَاءِ! أَخْبِرِينِي بِالْمُشْكِلَةِ.

قَالَتْ زُمُرُّدُ: إِذَا جَاءَ إِلَيْكَ شَخْصٌ، يَا سَيِّدِي، وَقَالَ لَكَ إِنَّنِي عَوْرَاءُ، خَرْسَاءُ، صَمَّاءُ، صَلْعَاءُ، حَدْبَاءُ، جَرْبَاءُ، قَبِيحَةٌ، مَشْلُولَةٌ، كَرِيهَةُ الرَّائِحَةِ، هَلْ تَرَى أَنَّ هَذَا الشَّخْصَ قَالَ الْحَقِيقَةَ أَوْ كَذَبَ؟

صَاحَ أَبُو ثَعْلَبَةَ بِغَضَبٍ: لَعَنَهُ اللَّهُ! كَاذِبٌ طَبْعًا. إِنَّنِي لَمْ أَرَ اِمْرَأَةً جَمِيلَةً وَنَبِيلَةً مِثْلَكِ. أَخْبِرِينِي يَا أَجْمَلَ النِّسَاءِ، مَنْ قَالَ عَنْكِ هَذَا الْكَلَامَ؟

قَالَتْ زُمُرُّدُ: مَاذَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَقُولَ يَا سَيّدِي؟ مَاذَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَفْعَلَ؟

قَالَ أَبُو ثَعْلَبَةَ: أَنَا حَاكِمُ بَغْدَادَ، وَسَوْفَ أَفْعَلُ أَيَّ شَيْءٍ.

قَالَتْ زُمُرُّدُ: إِنَّهُ أَبِي. أَبِي مَنْ يَقُولُ لِلنَّاسِ هَذَا الْكَلَامَ. أَنَا لَا أَعْرِفُ مَقْصَدَ أَبِي. أَبِي يُرِيدُ سَعَادَتِي، وَأَنَا لَا أَبْحَثُ عَنِ الشَّرِّ لَأَبِي. لَمْ أَحْضُرْ إِلَى هُنَا إِلَّا بِسَبَبِ الْحُلْمِ.

قَالَ أَبُو ثَعْلَبَةَ: مَا اِسْمُ أَبِيكِ؟ وَمَا عَمَلُهُ؟ وَمَا عِنْوانُهُ؟

أَجَابَتْ زُمُرُّدُ: اِسْمُهُ أَبُو نَصْرٍ الصَّبَّاغُ. بَيْتُهُ أَمَامَ نَهْرِ دِجْلَةَ.

قَالَ أَبُو ثَعْلَبَةَ: عُودِي إِلَى بَيْتِكِ يَا سِيِّدَةَ النِّسَاءِ. لَا تَخَافِي؛ سَوْفَ تَحْصُلِينَ عَلَى سَعَادَتِكِ.

شَكَرَتْ زُمُرُّدُ أَبَا ثَعْلَبَةَ، وَخَرَجَتْ مِنْ قَصْرِهِ، وَهِيَ تَبْتَسِمُ. قَالَتْ زُمُرُّدُ لِزَوْجِهَا الْأَمِيرِ: لَقَدْ أَرَادَ أَبُو ثَعْلَبَةَ أَنْ يَرْمِيَنَا بِسَهْمٍ. سَوْفَ يَقَعُ هَذَا السَّهْمُ عَلَيْهِ.

وَفِي قَصْرِ حَاكِمِ بَغْدَادَ، جَلَسَ أَبُو ثَعْلَبَةَ، وَهُوَ يُفَكِّرُ. قَالَ أَبُو ثَعْلَبَةَ لِنَفْسِهِ: إِنَّهَا اِمْرَأَةٌ جَمِيلَةٌ، وَفَصِيحَةٌ، وَنَبِيلَةٌ. إِنَّهَا الْمَرْأَةُ الَّتِي كُنْتُ أَبْحَثُ عَنْهَا. نَعَمْ! إِنَّهَا هَدِيَّةٌ مِنَ اللَّهِ!

ثُمَّ نَادَى الْخَادِمَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُحْضِرَ أَبَا نَصْرٍ الصَّبَّاغَ. وَعِنْدَمَا وَصَلَ أَبُو نَصْرٍ إِلَى الْقَصْرِ، كَانَ خَائِفًا، لَكِنَّهُ رَأَى أَبَا ثَعْلَبَةَ سَعِيدًا. اِسْتَغْرَبَ أَبُو نَصْرٍ مِنْ تَرْحِيبِ أَبِي ثَعْلَبَةَ. جَلَسَ أَبُو ثَعْلَبَةَ، وَقَالَ: أَنَا سَعِيدٌ لِأَنِّي قَابَلْتُكَ يَا أَبَا نَصْرٍ. أَنْتَ رَجُلٌ صَالِحٌ وَنَبِيلٌ.

أَجَابَ أَبُو نَصْرٍ: بَلْ أَنَا مَنْ يَشْعُرُ بِالسَّعَادَةِ يَا مَوْلَاي؛ لِأَنِّي قَابَلْتُكَ أَيُّهَا الْحَاكِمُ الصَّالِحُ النَّبِيلُ.

قَالَ أَبُو ثَعْلَبَةَ: لَقَدْ سَمِعْتُ أَنَّ عِنْدَكَ بَنْتًا لَمْ تَتَزَوَّجْ.

قَالَ أَبُو نَصْرٍ: نَعَمْ يَا مَوْلَاي، إِنَّهَا بِنْتٌ عَوْرَاءُ، صَمَّاءُ، خَرْسَاءُ، صَلْعَاءُ، حَدْبَاءُ، جَرْبَاءُ، مَشْلُولَةٌ، قَبِيحَةٌ... لَقَدْ سَمَّيْتُهَا عِفْرِيتَ النَّهَارِ؛ بِسَبَبِ قُبْحِهَا.

اِبْتَسَمَ أَبُو ثَعْلَبَةَ وَقَالَ: مَرْحَى! أَنَا سَعِيدٌ جِدًّا؛ لِأَنَّ هَذَا مَا كُنْتُ أَبْحَثُ عَنْهُ. كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّكَ لَنْ تَمْدَحَ اِبْنَتَكَ؛ لِأَنَّكَ رَجُلٌ مُتَوَاضِعٌ. سَوْفَ أُخْبِرُكَ خَبَرًا سَعِيدًا. هُنَالِكَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَ اِبْنَتَكَ.

شَعَرَ أَبُو نَصْرٍ بِالدَّهْشَةِ، وَقَالَ: مَنْ هُوَ؟

أَجَابَ أَبُو ثَعْلَبَةَ: أَنَا. لَا تُحَاوِلْ أَنْ تُخْبِرَنِي كَلَامًا عَنِ الْقُبْحِ يَا أَبَا نَصْرٍ. أَنَا أُرِيدُ أَنْ أَتَزَوَّجَ اِبْنَتَكَ عِفْرِيتَ النَّهَارِ.

شَعَرَ أَبُو نَصْرٍ بِالاِرْتِبَاكِ، وَقَالَ: أَنَا لَا أَجِدُ مُشْكِلَةً فِي أَنْ يَمْزَحَ مَوْلَايَ الْحَاكِمُ، وَأَنْ يَسْخَرَ مِنَ اِبْنَتِي.

غَضِبَ أَبُو ثَعْلَبَةَ وَصَاحَ: هَلْ أَنْتَ أَحْمَقُ يَا رَجُلُ؟ لَا أَحَدَ يَمْزَحُ فِي الزَّوَاجِ. سَوْفَ أَتَزَوَّجُ اِبْنَتَكَ، وَلَنْ يَمْنَعَنِي شَيْءٌ.

ضَحِكَ أَبُو نَصْرٍ، وَقَالَ: أَنَا أُقْسِمُ، يَا مَوْلَايَ، أَنَّ اِبْنَتِي صَلْعَاءُ، عَرْجَاءُ...

صَاحَ أَبُو ثَعْلَبَةَ: نَعَمْ، أَنَا أُرِيدُ اِمْرَأَةً قَبِيحَةً. لَقَدْ بَحَثْتُ عَنْ أَقْبَحِ اِمْرَأَةٍ كَيْ أَتَزَوَّجَهُا. سَوْفَ أَتَزَوَّجُ اِبْنَتَكَ رُغْمًا عَنْكَ!

اِبْتَسَمَ أَبُو نَصْرٍ، وَقَالَ لِنَفْسِهِ: هُنَالِكَ شَخْصٌ ذَكِيٌّ جِدًّا وَرَاءَ هَذِهِ الْحِيلَةِ. مَاذَا فَعْلَتَ يَا أَبَا ثَعْلَبَةَ؛ كَيْ تَقَعَ فِي هَذِهِ الْمُشْكِلَةِ؟ اِبْتَسَمَ أَبُو نَصْرٍ، وَقَالَ: أَنَا مُوَافِقٌ يَا مَوْلَاي... هُنَالِكَ شَرْطَانِ. أُرِيدُ أَنْ يَكُونَ مُقَدَّمُ مَهْرِ اِبْنَتِي أَلْفَ دِينَارٍ، وَمُؤَخَّرُ الْمَهْرِ أَلْفُ دِينَارٍ. وَأُرِيدُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى عَقْدِ الزَّوَاجِ كُلِّ الْأُمَرَاءِ وَالشُّيُوخِ. وَسَوْفَ تُخْبِرُ الْجَمِيعَ أَنَّكَ تُرِيدُ اِبْنَتِي.

اِسْتَغْرَبَ أَبُو ثَعْلَبَةَ، لَكِنَّهُ وَافَقَ. وَفِي يَوْمِ الزِّفَافِ، أَمَرَ أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخَادِمَاتِ أَنْ يُبَخِّرْنَ الْقَصْرَ، ثُمَّ وَقَفَ أَمَامَ الْقَصْرِ. كَانَ أَبُو ثَعْلَبَةَ يَتَذَكَّرُ الْمَرْأَةَ، وَيَشْعُرُ بِالشَّوْقِ. وَبَعْدَ مُدَّةٍ، رَأَى أَبُو ثَعْلَبَةَ خَادِمًا ضَخْمًا يَحْمِلُ صُنْدُوقًا. نَظَرَ أَبُو ثَعْلَبَةَ إِلَى الصُّنْدُوقِ، ثُمَّ سَأَلَ الْخَادِمَ: هَلْ هَذِهِ ثِيَابُ الْعَرُوسِ؟

أَجَابَ الْخَادِمُ: بَلْ هَذِهِ الْعَرُوسُ عِفْرِيتُ النَّهَارِ. فَتَحَ الْخَادِمُ الصُّنْدُوقَ. كَانَ فِي الصُّنْدُوقِ مَخْلُوقٌ قَبِيحٌ جِدًّا. خَافَ أَبُو ثَعْلَبَةَ، وَصَاحَ: أَبْعِدُوا هَذَا الْمَخْلُوقَ الْقَبِيحَ عَنِّي! أَبْعِدُوا هَذَا الْعِفْرِيتَ! أُخْرُجْ أَيُّهَا الصَّبَّاغُ اللَّعِينُ! خُذْ عَفْرِيتَكَ هَذَا! هَذِهِ لَيْسَتِ الْمَرْأَةَ الْجَمِيلَةَ الَّتِي رَأَيْتُهَا. أُخْرُجُوا!

كَانَ الصَّبَّاغُ يَصِيحُ، وَكَانَ الْخَدَمُ يَصِيحُونَ، وَكَانَ النَّاسُ يَنْظُرُونَ. رَاحَ النَّاسُ يَتَكَلَّمُونَ وَيَضْحَكُونَ. اِنْتَشَرَ الْخَبَرُ فِي الْعِرَاقِ، حَتَّى وَصَلَ إِلَى الْخَلِيفَةِ. اِسْتَغْرَبَ الْخَلِيفَةُ، وَقَالَ: هَذِهِ أَغْرَبُ قِصَّةٍ. مَنْ صَاحِبُ الْحِيلَةِ؟ بَقِيَ النَّاسُ يَتَكَلَّمُونَ حَتَّى عَرَفُوا قِصَّةَ فَضْلِ اللَّهِ، فَطَلَبَهُ الْخَلِيفَةُ. حَكَى فَضْلُ اللَّهِ الْقِصَّةَ لِلْخَلِيفَةِ، فَقَالَ الْخَلِيفَةُ: لِمَاذَا لَمْ تَأتِ إِلِيَّ يَا اِبنَ أَخِي؟ هَلْ خَجِلْتَ مِنْ ثِيَابِكَ الْقَدِيمَةِ؟ عَلَى كُلِّ حَالٍ، لَقَدْ قَامَ أَبُو ثَعْلَبَةَ بِالْوَاجِبِ. إِنَّهُ رَجُلٌ لَئِيمٌ وَمُخَادِعٌ. لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُ أَنَّ أَخْلَاقَهُ سَيِّئَةٌ. أَنَا لَا أَجْعَلُ شَخْصًا سَيِّئًا يَحْكُمُ. سَوْفَ أَعْزِلُهُ.

قَالَ فَضْلُ اللَّهِ: أَرْجُو أَنْ لَا تُعَاقِبَهُ يَا مَوْلَاي.

ضَحِكَ الْخَلِيفَةُ، وَقالَ: لَنْ أُعَاقِبَهُ. سَوْفَ أَعْزِلُهُ، وَسَوْفَ أَمْنَعُهُ مِنْ طَلَاقِ عِفْرِيتَ النَّهَارِ. سَوْفَ يَعِيشُ بَقِيَّةَ حَيَاتِهِ مَعَ الْمَرْأَةِ الَّتِي أَقْسَمَ أَنَّهُ يُرِيدُهَا... هَذَا الْعِقَابُ يَكْفِي!

(1) كَانَ اللُّصُوصُ يُخَبِّئُونَ كُنُوزَهُم فِي......................

There are no comments for this article at this moment. Add new comment .

Your email address will not be published. Required fields are marked *

@