الزَّوْجَةُ الْحَكِيمَةُ

الزَّوْجَةُ الْحَكِيمَةُ

This story is taken from a book entitled Tibetan Folk Tales. The book is written by Albert Leroy Shelton and translated into Arabic by Ghassan Alamuddin. The translated version is meant for native speakers of Arabic. To make it suitable for learners of Arabic as an additional language, we have abridged it, rephrased it in an elegant, flowing, and less complicated prose, and added to it our creative writing touch. Besides, we have fully vowelized it to make it more readable and comprehensible. Additionally, sentence structures are tailored for non-Arab learners of Arabic. This Arabic story is suitable for intermediate and/or upper-intermediate learners.

الزَّوْجَةُ الْحَكِيمَةُ 1

فِي قَدِيمِ الزَّمَانِ، عَاشَ مَلِكَانِ عَادِلَانِ. كَانَ اِسْمُ أَحَدِهِمَا دَارْشِي، وَكَانَ اِسْمُ الثَّانِي جِيزُوتُغُونْدُو. كَانَتْ بِلَادُ جِيزُوتُغُونْدُو كَبِيرَةً، وَكَانَتْ بِلَادُ دَارْشِي صَغِيرَةً. كَانَ الْمَلِكَانِ مُسَالِمَيْنِ؛ وَلِذَلِكَ لَمْ تَقُمْ أَيَّةُ حَرْبٍ بَيْنَهُمَا. وَفِي يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامِ، زَارَ الْمَلِكُ جِيزُوتُغُونْدُو بِلَادَ الْمَلِكِ دَارْشِي، فَأُعْجِبَ بِهَا. قَالَ الْمَلِكُ جِيزُوتُغُونْدُو لِنَفْسِهِ: إِنَّ بِلَادَ دَارْشِي جَمِيلَةٌ جِدًّا، وَأَرْضَهَا طَيِّبَةٌ. لَوْ أَنَّهَا تَابِعَةٌ لِبِلَادِي، لَأَصْبَحَتْ بِلَادِي غَنِيَّةً جِدًّا!

ثُمَّ فَكَّرَ أَنْ يَحْتَلَّ بِلَادَ الْمَلِكِ دَارْشِي؛ لَكِنَّهُ فَكَّرَ طَوِيلًا قَبْلَ أَنْ يُقَرِّرَ. وَبَعْدَ فَتْرَةٍ، قَالَ: سَوْفَ أَخْتَبِرُ دَارْشِي كَيْ أَرَى إِنْ كَانَ حَكِيمًا وَذَكِيًّا. وَإِذَا كَانَ غَبِيًّا وَمُتَهَوِّرًا، فَسَوْفَ أُهَاجِمُ بِلَادَهُ وَأَسْتَحْوِذُ عَلَيْهَا.

وَفِي الزِّيَارَةِ التَّالِيَةِ، قَالَ الْمَلِكُ جِيزُوتُغُونْدُو لِلْمَلِكِ دَارْشِي: لَدَيَّ ثَلَاثَةُ أَحَاجِي. إِذَا حَلَلْتَهَا فَسَوْفَ أُعْلِنُ أَنَّكَ أَكْثَرُ الْمُلُوكِ حِكْمَةً، ثُمَّ صَمَتَ.

عَرَفَ الْمَلِكُ دَارْشِي أَنَّهُ سَوْفَ يُصْبِحُ الْمَلِكَ الْغَبِيَّ إِنْ خَسِرَ. وَفِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، حَضَرَ الْمَلِكُ جِيزُوتُغُونْدُو، وَمَعَهُ فَرَسٌ وَمُهْرٌ. كَانَ الْفَرَسُ وَالْمُهْرُ بِنَفْسِ الطُّولِ وَاللَّوْنِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ الْمَلِكُ جِيزُوتُغُونْدُو: هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُمَيِّزَ الْمُهْرَ مِنَ الْفَرَسِ، أَيُّهَا الْمَلِكُ دَارْشِي؟ سَوْفَ أَحْضُرُ غَدًا كَيْ أَسْمَعَ الْإِجَابَةَ وَطَرِيقَةَ مَعْرِفَتِكَ بِهَا.

غَادَرَ الْمَلِكُ جِيزُوتُغُونْدُو مُبْتَسِمًا؛ لِأَنَّهُ رَأَى الْمَلِكَ دَارْشِي مُرْتَبِكًا. تَفَحَّصَ الْمَلِكُ وَالْمُسْتَشَارُونَ الْفَرَسَ وَالْمُهْرَ؛ لَكِنَّهُم لَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يُمَيِّزُوا بَيْنَهُمَا. وَبَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، ذَهَبَ رَئِيسُ الْحَرَسِ إِلَى الْمَلِكِ دَارْشِي، وَأَخْبَرَهُ أَنَّ هُنَالِكَ حَارِسًا يُرِيدُ أَنْ يَتَحَدَّثَ إِلَيْهِ. دَخَلَ الْحَارِسُ إِلَى مَجْلِسِ الْمَلِكِ، وَقَالَ: جَلَالَةَ الْمَلِكِ! هَذَا الصَّبَاحَ، كُنْتُ مَسْؤُولًا عَنْ حِرَاسَةِ جَنَاحِ الْمَلِكِ جِيزُوتُغُونْدُو. أَنَا لَمْ أُرِدْ أَنْ أَسْتَرِقَ السَّمْعَ؛ لَكِنِّي سَمِعْتُ كَلَامَهُ، دُونَ قَصْدٍ أَوْ عِنَايَةٍ مِنِّي.

عَبَسَ الْمَلِكُ دَارْشِي، وَقَالَ: حَسَنًا! مَقَامُكَ مَحْفُوظٌ! حَدِّثْنَا مَاذَا سَمِعْتَ!

أَجَابَ الْحَارِسُ: سَمِعْتُ الْمَلِكَ جِيزُوتُغُونْدُو يَقُولُ إِنَّهُ سَوْفَ يُهَاجِمُ بِلَادَنَا بِجَيْشٍ كَبِيرٍ إِذَا لَمْ تَجِدْ إِجَابَةً لِلْأَحَاجِيِ الثَّلَاثِ.

صَاحَ الْمَلِكُ دَارْشِي غَاضِبًا: مَاذَا؟ يُرِيدُ الْحَرْبَ إِذَنْ؟!

سَأَلَ كَبِيرُ الْمُسْتَشَارِينَ الْحَارِسَ: هَلْ هَذَا كُلُّ مَا سَمِعْتَهُ؟

أَجَابَ الْحَارِسُ: قَالَ أَيْضًا إِنَّكَ سَوْفَ تُثْبِتُ أَنَّكَ حَكِيمٌ وَذَكِيٌّ إِنْ وَجَدْتَ إِجَابَةً. وَفِي هَذِهِ الْحَالِ، لَنْ يُهَاجِمَ بِلَادَنَا؛ لِأَنَّهُ يَعْرِفُ أَنَّ الْحَكِيمَ يَنْتَصِرُ فِي الْحَرْبِ دَائِمًا.

اِنْصَرَفَ الْحَارِسُ بَعْدَ هَذَا، فَصَاحَ الْمَلِكُ دَارْشِي: عَلَيْكُم أَنْ تَجِدُوا إِجَابَةً! نَحْنُ لَا نَمْلِكُ جَيْشًا كَبِيرًا مِثْلَ جَيْشِ جِيزُوتُغُونْدُو!

قَالَ كَبِيرُ الْمُسْتَشَارِينَ: أَجَلْ! إِنَّ هَذِهِ مُهِمَّتُنَا، يَا جَلَالَةَ الْمَلِكِ.

كَانَ عَدَدُ الْمُسْتَشَارِينَ عَشَرَةً. وَعِنْدَمَا غَادَرُوا قَاعَةَ الْعَرْشِ، اِجْتَمَعُوا لِيُنَاقِشُوا الْأُحْجِيَّةَ، وَتَصَفَّحُوا الْكُتُبَ؛ لَكِنَّهُم لَمْ يَجِدُوا إِجَابَةً. عَادَ الْمُسْتَشَارُونَ إِلَى بِيُوتِهِم قَبْلَ مُنْتَصَفِ اللَّيْلِ، وَكَانُوا مُرْهَقِينَ وَخَائِفِينَ مِنَ الْفَشَلِ؛ لِأَنَّهُم لَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يُمَيِّزُوا بَيْنَ الْفَرَسِ وَالْمُهْرِ.

وَكَانَ أَحَدُ الْمُسْتَشَارِينَ فِي مُنْتَصَفِ الشَّبَابِ، وَكَانَ أَصْغَرَ مُسْتَشَارٍ؛ وَلِذَلِكَ لَمْ يَأْخُذْ أَحَدٌ بِكَلَامِهِ فِي أَيِّ أَمْرٍ، وَكَانَ يَشْعُرُ بِالْحُزْنِ بِسَبَبِ هَذَا. وَفِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ، كَانَ مُصَمِّمًا عَلَى إِيجَادِ إِجَابَةٍ، فَبَقِي فِي مَكْتَبَةِ الْقَصْرِ طَوِيلًا حَتَّى اِقْتَرَبَ الْفَجْرُ؛ لَكِنَّهُ لَمْ يَجِدْ إِجَابَةً. وَحِينَ رَأَى ضَوْءَ الْفَجْرِ، قَرَّرَ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى مَنْزِلِهِ كَيْ يَنَامَ قَلِيلًا قَبْلَ حُضُورِ الْمَلِكِ جِيزُوتُغُونْدُو.

وَعِنْدَمَا وَصَلَ إِلَى مَنْزِلِهِ، رَأَى زَوْجَتَهُ جَالِسَةً أَمَامَ الْبَيْتِ، وَهِيَ شَاحِبَةٌ قَلِقَةٌ. اِقْتَرَبَ الْمُسْتَشَارُ مِنْ زَوْجَتِهِ، فَقَامَتْ قَائِلَةً: أَخِيرًا عُدْتَ! لَقَدْ قَلِقْتُ عَلَيْكَ! لِمَاذَا تَأَخَّرْتَ؟ هَلْ حَصَلَ شَيْءٌ؟

تَنَهَّدَ الْمُسْتَشَارُ، وَقَالَ: لَقَدْ حَصَلَ أَمْرٌ فَظِيعٌ! ثُمَّ حَكَى الْمُسْتَشَارُ لِزَوْجَتِهِ مَا حَدَثَ، فَقَالَتْ: وَإِنْ أَجَابَ الْمَلِكُ دَارْشِي عَلَى أُحْجِيَّةِ الْمَلِكِ جِيزُوتُغُونْدُو لَنْ تَقُومَ حَرْبٌ؟

أَجَابَ الْمُسْتَشَارُ: أَجَل!

قَالَتِ الزَّوْجَةُ: اِذْهَبْ إِذَنْ، يَا زَوْجِيَ الْعَزِيزِ، وَخُذْ عَلَفًا وَقَدِّمْهُ لِلْفَرَسِ. فَإِنْ أَكَلَتْهُ، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ فَرَسًا. وَإِنْ تَنَاوَلَهُ، فَهُوَ مُهْرٌ.

اِسْتَغْرَبَ الْمُسْتَشَارُ، وَسَأَلَ زَوْجَتَهُ: وَمَا السَّبَبُ؟

أَجَابَتِ الزَّوْجَةِ: إِذَا كَانَ الْمُهْرُ وَالْفَرَسُ مُتَشَابِهَانِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، فَهَذَا يَعْنِي أَنَّ الْفَرَسَ أُمُّ الْمُهْرِ. وَالْأُمُّ رَحِيمَةٌ دَائِمًا، وَتَرْفُضُ أَنْ تَأْكُلَ، وَاِبْنُهَا جَائِعٌ. وَلِهَذَا، سَوْفَ تَدْفَعُ الْعَلَفَ إِلَى اِبْنِهَا. أَمَّا الْمُهْرُ، فَسَوْفَ يَتَنَاوَلُ الْعَلَفَ كَأَيِّ حَيَوَانٍ آخَرَ.

فَرِحَ الْمُسْتَشَارُ بِإِجَابَةِ زَوْجَتِهِ، وَقَالَ: إِنْ حَلَّ هَذَا أُحْجِيَّةَ الْمَلِكِ، فَسَوْفَ أُعْطِيكِ أَيَّ شَيْءٍ تُرِيدِينَ!

اِبْتَسَمَتِ الزَّوْجَةُ، وَقَالَتْ: أُرِيدُ أَلَّا تَقُومَ الْحَرْبُ!

اِبْتَسَمَ الْمُسْتَشَارُ، وَعَادَ إِلَى الْقَصْرِ رَاكِضًا. وَحِينَ وَصَلَ، أَمَرَ بِتَقْدِيمِ الْعَلَفِ، وَوَقَفَ مُنْتَظِرًا حَتَّى رَأَى الْفَرَسَ تَدْفَعُ الْعَلَفَ إِلَى الْمُهْرِ. فَرِحَ الْمُسْتَشَارُ، وَوَضَعَ حَوْلَ عُنُقِ الْفَرَسِ حُلْيَةً، ثُمَّ أَخْبَرَ الْمُسْتَشَارِينَ أَنَّهُ حَلَّ الْأُحْجِيَّةَ. وَحِينَ جَاءَ الْمَلِكُ جِيزُوتُغُونْدُو، أَخْبَرَهُ الْمَلِكُ دَارْشِي بِالْإِجَابَةِ وَبِتَفَاصِيلِهَا، فَضَحِكَ الْمَلِكُ جِيزُوتُغُونْدُو، وَقَالَ: أَنْتَ رَجُلٌ حَكِيمٌ! وَالْآنَ، حَانَ وَقْتُ الْأُحْجِيَّةِ الثَّانِيَةِ.

الزَّوْجَةُ الْحَكِيمَةُ 2

مَدَّ الْمَلِكُ جِيزُوتُغُونْدُو عَصَا. كَانَ رَأْسُ الْعَصَا وَأَسْفَلُهَا مُتَشَابِهَانِ. قَالَ الْمَلِكُ جِيزُوتُغُونْدُو: أُرِيدُ أَنْ تُخْبِرَنِي، أَيُّهَا الْمَلِكُ دَارْشِي، أَيَّ جِهَةٍ هِيَ رَأْسُ الْعَصَا. وَأَنْ تُخْبِرَنِي بِالطَّرِيقَةِ الَّتِي سَتَعْرِفُ بِهَا الْإِجَابَةَ.

نَظَرَ الْمَلِكُ دَارْشِي إِلَى الْعَصَا طَوِيلًا، ثُمَّ هَمَّ أَنْ يُجِيبَ؛ لَكِنَّهُ صَمَتَ حِينَ رَأَى اِبْتِسَامَةَ الْمَلِكِ جِيزُوتُغُونْدُو. تَذَكَّرَ الْمَلِكُ دَارْشِي أَنَّ الْمَلِكَ جِيزُوتُغُونْدُو يُرِيدُ أَنْ يُحَارِبَهُ، فَصَمَتَ وَاِبْتَسَمَ، ثُمَّ قَالَ: سَتَسْمَعُ الْإِجَابَةَ غَدًا، كَمَا اِتَّفَقْنَا!

وَحِينَ غَادَرَ الْمَلِكُ جِيزُوتُغُونْدُو، أَخَذَ كَبِيرُ الْمُسْتَشَارِينَ الْعَصَا، وَقَلَّبَهَا مُسْتَغْرِبًا، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الطَّرَفَيْنِ مُتَشَابِهَانِ جِدًّا!

اِقْتَرَبَ الْمُسْتَشَارُونَ مُتَعَجِّبِينَ، وَتَفَحَّصُوهَا جَيِّدًا؛ لَكِنَّهُم لَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يُحَدِّدُوا رَأْسَ الْعَصَا. غَادَرَ الْمُسْتَشَارُونَ قَاعَةَ الْعَرْشِ، وَذَهَبُوا إِلَى الْمَكْتَبَةِ كَيْ يَبْحَثُوا عَنْ إِجَابَةٍ. وَبَيْنَمَا كَانُوا يَتَصَفَّحُونَ الْكُتُبَ، دَخَلَ حَارِسٌ، وَأَخْبَرَ الْمُسْتَشَارَ الشَّابَّ أَنَّ زَوْجَتَهُ فِي الْقَصْرِ.

سَخِرَ الْمُسْتَشَارُونَ مِنَ الْمُسْتَشَارِ الشَّابِ؛ لَكِنَّهُ لَمْ يُجِبْ. خَرَجَ الْمُسْتَشَارُ مِنَ الْمَكْتَبَةِ، وَاِتَّجَهَ إِلَى حَدِيقَةِ الْقَصْرِ. كَانَتِ الزَّوْجَةُ وَاقِفَةً، وَكَانَتْ تَفْرِكُ يَدَيْهَا، فَعَلِمَ الْمُسْتَشَارُ أَنَّهَا قَلِقَةٌ. وَحِينَ رَأَتِ الزَّوْجَةُ زَوْجَهَا، مَشَتْ نَحْوَهُ مُتَعَجِّلَةً، وَسَأَلَتْهُ: هَلْ حَلَلْتُمِ الْأُحْجِيَّةَ؟

أَجَابَ الْمُسْتَشَارُ: أَنْتِ مَنْ حَلَّهَا!

تَنَهَّدَتِ الزَّوْجَةُ مُرْتَاحَةً، ثُمَّ قَالَتْ: أَنْتَ لَمْ تَنَمْ، وَتَبْدُو مُرْهَقًا جِدًّا. يَجِبُ أَنْ تَنَامَ!

قَالَ الْمُسْتَشَارُ: يَجِبُ أَنْ أَحُلَّ الْأُحْجِيَّةَ الثَّانِيَةَ.

ثُمَّ أَخْبَرَ الْمُسْتَشَارُ زَوْجَتَهُ عَنِ الْأُحْجِيَّةِ الثَّانِيَةِ، فَقَالَتْ: هَذَا سَهْلٌ، يَا زَوْجِيَ الْعَزِيزِ! اِرْمِ الْعَصَا فِي الْمَاءِ، وَسَوْفَ يَنْزِلُ الرَّأْسُ أَوَّلًا.

تَعَجَّبَ الْمُسْتَشَارُ، وَطَلَبَ مِنْ زَوْجَتِهِ أَنْ تَنْتَظِرَ، ثُمَّ عَادَ إِلَى الْمَكْتَبَةِ، وَأَخَذَ الْعَصَا. رَمَى الْمُسْتَشَارُ الْعَصَا إِلَى جَدْوَلِ مَاءٍ، وَرَأَى رَأْسَ الْعَصَا يَنْزِلُ إِلَى قَاعِ الْجَدْوَلِ أَوَّلًا، فَجَذَبَ الْعَصَا، وَوَضَعَ عَلَى رَأْسِهَا عَلَامَةً. أَعَادَ الْمُسْتَشَارُ الْعَصَا إِلَى الْمَكْتَبَةِ، وَأَخْبَرَ الْمُسْتَشَارِينَ بِحَلِّ الْأُحْجِيَّةِ، ثُمَّ عَادَ، مَعَ زَوْجَتِهِ، إِلَى بَيْتِهِمَا.

وَفِي الْيَوْمِ التَّالِي، سَمِعَ الْمَلِكُ جِيزُوتُغُونْدُو الْإِجَابَةَ وَتَفَاصِيلَهَا، فَقَالَ لِلْمَلِكِ دَارْشِي: أَنْتَ مَلِكٌ حَكِيمٌ وَذَكِيٌّ! كَيفَ اِهْتَدَيْتَ أَنَّكَ سَتَجِدُ الْإِجَابَةَ فِي الْمَاءِ؟

اِبْتَسَمَ الْمَلِكُ دَارْشِي، وَلَمْ يُجِبْ، فَقَالَ الْمَلِكُ جِيزُوتُغُونْدُو: وَالْآنَ، سَوْفَ تَسْمَعُ الْأُحْجِيَّةَ الْأَخِيرَةَ. إِنْ حَلَلْتَهَا، سَوْفَ أُغَادِرُ بِلَادَكَ بَعْدَ أَنْ أَسْمَعَ الْإِجَابَةَ، وَسَوْفَ تَزُورُنِي الْمَرَّةَ الْقَادِمَةَ.

الزَّوْجَةُ الْحَكِيمَةُ 3

ثُمَّ أَشَارَ إِلَى حَارِسِهِ. كَانَ الْحَارِسُ يَحْمِلُ كِيسًا. فَتَحَ الْحَارِسُ الْكِيسَ، فَخَرَجَ مِنْهُ ثُعْبَانَانِ مُتَشَابِهَانِ. قَالَ الْمَلِكُ جِيزُوتُغُونْدُو: أَحَدُ هَذَيْنِ الثُّعْبَانَيْنِ ذَكَرٌ، وَالْآخَرُ أُنْثَى. أُرِيدُ أَنْ تُمَيِّزَ الذَّكَرَ مِنَ الْأُنْثَى، وَأَنْ تُخْبِرَنِي بِالطَّرِيقَةِ.

وَبَعْدَ أَنْ غَادَرَ الْمَلِكُ جِيزُوتُغُونْدُو، اِقْتَرَبَ كَبِيرُ الْمُسْتَشَارِينَ حَذِرًا، وَأَمَرَ أَحَدَ الْحُرَّاسِ أَنْ يَضَعَ الثُّعْبَانَيْنِ فِي كِيسٍ. تَكَلَّمَ الْمَلِكُ دَارْشِي غَاضِبًا: هَلْ بَلَغَتْ جُرْأَتُهُ هَذَا الْمُسْتَوَى؟ يُحْضِرُ ثُعْبَانَيْنِ إِلَى قَاعَةِ عَرْشِي!

قَالَ كَبِيرُ الْمُسْتَشَارِينَ: بَقِيَتْ هَذِهِ الْأُحْجِيَّةُ فَقَطْ، يَا جَلَالَةَ الْمَلِكِ! لَنْ نَخَافَ حَرْبَهُ بَعْدَ هَذَا!

قَالَ الْمَلِكُ: مَا الَّذِي يَضْمَنُ هَذَا؟

أَجَابَ كَبِيرُ الْمُسْتَشَارِينَ: عَدَالَةُ الْمَلِكِ جِيزُوتُغُونْدُو. إِنَّهُ مَلِكٌ عَادِلٌ! لَوْ كَانَ مَلِكًا ظَالِمًا، لَهَاجَمَنَا دُونَ هَذِهِ الْأَحَاجِي. لَقَدْ أَرَادَ أَنْ يَجِدَ عُذْرًا يُسَوِّغُ حَرْبَهُ.

تَعَجَّبَ الْمَلِكُ، وَقَالَ: مَا الْعُذْرُ؟

أَجَابَ كَبِيرُ الْمُسْتَشَارِينَ: الْعُذْرُ أَنَّكَ مَلِكٌ غَبِيٌّ وَمُتَهَوِّرٌ، وَأَنَّهُ لَا يُرِيدُ أَنْ يَتَعَامَلَ مَعَ بِلَادٍ مَلِكُهَا غَبِيٌّ.

اِزْدَادَ غَضَبُ الْمَلِكِ دَارْشِي؛ لَكِنَّهُ صَمَتَ. غَادَرَ الْمُسْتَشَارُونَ، وَمَعَهُمِ الْكِيسُ؛ لَكِنَّ الْمُسْتَشَارَ الشَّابَّ ذَهَبَ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَأَخْبَرَ زَوْجَتَهُ عَنِ الْأُحْجِيَّةِ الثَّالِثَةِ، فَقَالَتْ: خُذْ هَذَا الْحَرِيرَ، وَضَعْهُ أَمَامَ الثُّعْبَانَيْنِ. الْأُنْثَى تُحِبُّ أَنْ تَرْقُدَ عَلَى الْحَرِيرِ؛ لِأَنَّهُ جَمِيلٌ وَنَاعِمٌ. أَمَّا الذَّكَرُ، فَلَنْ يَقْتَرِبَ مِنَ الْحَرِيرِ أَبَدًا.

فَرِحَ الْمُسْتَشَارُ بِإِجَابَةِ زَوْجَتِهِ، فَحَمَلَ الْحَرِيرَ، وَهَمَّ أَنْ يُغَادِرَ؛ لَكِنَّ زَوْجَتَهُ قَالَتْ: مَاذَا قَالَ الْمَلِكُ جِيزُوتُغُونْدُو بِشَأْنِ الْحَرْبِ.

أَجَابَ الْمُسْتَشَارُ: لَمْ يُصَرِّحْ بِشَيْءٍ؛ لَكِنَّهُ قَالَ إِنَّهُ سَوْفَ يُغَادِرُ بَعْدَ سَمَاعِ الْإِجَابَةِ.

تَنَهَّدَتِ الزَّوْجَةُ مُرْتَاحَةً، وَقَالَتْ: هَذَا مُرِيحٌ! لَقَدْ اِطْمَأَنَّ بَالِي الْآنَ! أَنَا أَتَذَكَّرُ الْحَرْبَ الَّتِي قَامَتْ فِي بِلَادِي قَبْلَ أَنْ نَنْتَقِلَ إِلَى هُنَا. لَقَدْ أُصِيبَتْ بِلَادِي بِدَمَارٍ هَائِلٍ، وَالْحَرْبُ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ دَائِمًا!

اِبْتَسَمَ الْمُسْتَشَارُ، وَقَالَ: لَقَدْ مَنَعْتِ، أَنْتِ، الْحَرْبَ عَنْ هَذِهِ الْبِلَادِ.

عَادَ الْمُسْتَشَارُ إِلَى الْقَصْرِ، وَفَرَشَ حَرِيرَ زَوْجَتِهِ عَلَى الْأَرْضِ، وَأَخْرَجَ الثُّعْبَانَيْنِ مِنَ الْكِيسِ. وَقَفَ الْمُسْتَشَارُ، وَاِنْتَظَرَ صَامِتًا حَتَّى زَحَفَ أَحَدُ الثُّعْبَانَيْنِ نَحْوَ الزَّاوِيَةِ، وَزَحَفَ الْآخَرُ نَحْوَ الْحَرِيرِ. رَقَدَ الثُّعْبَانُ الثَّانِي فَوْقَ الْحَرِيرِ، فَعَرَفَ الْمُسْتَشَارُ أَنَّهُ الْأُنْثَى. وَضَعَ الْمُسْتَشَارُ عَلَامَةً عَلَى أُنْثَى الثُّعْبَانِ، ثُمَّ أَعَادَ الثُّعْبَانَيْنِ إِلَى الْكِيسِ.

وَفِي الْيَوْمِ التَّالِي، سَمِعَ الْمَلِكُ جِيزُوتُغُونْدُو الْإِجَابَةَ وَتَفَاصِيلَهَا، فَضَحِكَ، ثُمَّ قَالَ: أَنْتَ مَلِكٌ رَائِعٌ! إِنَّ الْحِكْمَةَ وَالذَّكَاءَ هُمَا أَهَمُّ شَيْءٍ فِي شَخْصِيَّةِ الْمَلِكِ. إِذَا كَانَ الْمَلِكُ غَبِيًّا وَمُتَهَوِّرًا، فَإِنَّهُ يَقُودُ بِلَادَهُ إِلَى الدَّمَارِ. أَنَا سَعِيدٌ أَنَّكَ مَلِكُ هَذِهِ الْبِلَادِ.

شَعَرَ الْمَلِكُ دَارْشِي بالْخَجَلِ مِنْ غَضَبِهِ السَّابِقِ، وَقَرَّرَ أَنْ يَتَعَلَّمَ الْهُدُوءَ وَالْحِكْمَةَ مِنْ الْمُسْتَشَارِينَ الْعَشَرَةِ. وَبَعْدَ أَنْ غَادَرَ الْمَلِكُ جِيزُوتُغُونْدُو الْبِلَادَ، سَأَلَ الْمَلِكُ دَارْشِي الْمُسْتَشَارِينَ: مَنْ مِنْكُم عَرَفَ الْإِجَابَاتِ؟

فَتَقَدَّمَ الْمُسْتَشَارُ الشَّابُّ، وَقَالَ: إِنَّ زَوْجَتِي هِيَ مَنْ حَلَّتِ الْأَحَاجِيَ، يَا مَوْلَايَ.

تَعَجَّبَ الْمَلِكُ، وَقَالَ: زَوْجَتُكَ؟ وَكَيْفَ عَرَفَتْ؟

أَجَابَ الْمُسْتَشَارُ: إِنَّ زَوْجَتِي مِنْ بِلَادٍ أُخْرَى، وَهِيَ حَكِيمَةٌ، وَتَعْرِفُ الْكَثِيرَ مِنَ الْأَشْيَاءِ.

قَالَ الْمَلِكُ: وَأَنْتَ حَكِيمٌ وَنَبِيلٌ؛ لِأَنَّكَ لَمْ تَدَّعِ الْفَضْلَ لَكَ. سَوْفَ أُعَيُّنُكَ الْحَاكِمَ الأَعْلَى فِي الْبِلَادِ؛ لِأَنَّكَ حَكِيمٌ، وَعِنْدَكَ زَوْجَةٌ حَكِيمَةٌ.

You can buy our stories on Amazon. They are also available on other Amazon Marketplaces. Type the author’s name (Mansour Seraj) on the search bar.

(1) Arabic Short Stories for Learners of Arabic as an Additional Language (High Beginners)

Mansour Seraj (High Beginners)

(2) Arabic Short Stories for Learners of Arabic as an Additional Language (Low Intermediate)

Mansour Seraj (Low Intermediate)

(3) Arabic Short Stories for Learners of Arabic as an Additional Language (Intermediate)

Mansour Seraj (Intermediate)

(4) Arabic Short Stories for Learners of Arabic as an Additional Language (Upper Intermediate)

Mansour Seraj (Upper Intermediate)

(5) Juha: 50 Arabic Short Stories for Learners of Arabic as an Additional Language (Low Intermediate)

Juha 50 Arabic Short Stories for Learners of Arabic as an Additional Language (Low Intermediate)

(1) ...................... الْمَلِكُ دَارْشِي أَنَّ الْمَلِكَ جِيزُوتُغُونْدُو سَوْفَ يَفِي بِكَلَامِهِ.

There are no comments for this article at this moment. Add new comment .

Your email address will not be published. Required fields are marked *

@