النَّجَّارُ الذَّكِيُّ

This story is taken from a book entitled Tibetan Folk Tales. The book is written by Albert Leroy Shelton and translated into Arabic by Ghassan Alamuddin. The translated version is meant for native speakers of Arabic. To make it suitable for learners of Arabic as an additional language, we have abridged it, rephrased it in an elegant, flowing, and less complicated prose, and added to it our creative writing touch. Besides, we have fully vowelized it to make it more readable and comprehensible. Additionally, sentence structures are tailored for non-Arab learners of Arabic. This Arabic story is suitable for intermediate learners.

فِي قَدِيمِ الزَّمَانِ، كَانَتْ هُنَالِكَ مَدِينَةٌ اِسْمُهَا سِنَالُونْجُ. وَكَانَ الْمَلِكُ جَنْدُونْغُ يَحْكُمُ هَذِهِ الْمَدِينَةَ، وَكَانَ عَادِلًا فِي حُكْمِهِ، وَمَحْبُوبًا مِنْ شَعْبِهِ. وَعِنْدَمَا مَاتَ الْمَلِكُ جَنْدُونْغُ، أَخَذَ اِبْنُهُ جَنْشِنْغُ الْحُكْمَ بَعْدَهُ.

وَفِي هَذِهِ الْمَدِينَةِ، عَاشَ نَجَّارٌ وَدَهَّانٌ. كَانَ النَّجَّارُ وَالدَّهَّانُ مَاهِرَيْنِ وَمَشْهُورَيْنِ؛ لَكِنَّهُمَا كَانَ مُتَخَاصِمَيْنِ. كَانَ النَّجَّارُ وَالدَّهَّانُ يَتَجَنَّبَا بَعْضَهُمَا، وَكَان كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَتَبَاهَى بِمَهَارَتِهِ، وَيُقَلِّلُ مِنْ مَهَارَةِ الْآخَرِ. وَكَانَ الدَّهَّانُ يَرْفُضُ أَنْ يَدْهَنَ شَيْئًا صَنَعَهُ النَّجَّارُ.

وَفِي أَحَدِ الْأَيَّامِ، قَرَّرَ الدَّهَّانُ أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنَ النَّجَّارِ. ذَهَبَ الدَّهَّانُ إِلَى الْمَلِكِ الشَّابِّ جَنْشِنْغَ، وَقَالَ لَهُ: طَابَ يَوْمُكَ، يَا مَوْلَاي. لَقَدْ جِئْتُ الْيَوْمَ كَيْ أُخْبِرَكَ عَنْ حُلْمٍ رَأَيْتُهُ الْبَارِحَةَ. لَقَدْ رَأَيْتُ فِي الْحُلْمِ أَبَاكَ الْمَلِكَ جَنْدُونْغَ.

فَرِحَ الْمَلِكُ الشَّابُّ جَنْشِنْغُ بِمَا قَالَهُ الدَّهَّانُ، وَقَالَ: إِنَّ هَذَا شَيْءٌ عَظِيمٌ! إِنَّنِي أَتَمَنَّى كُلَّ لَيْلَةٍ أَنْ أَرَى أَبِي الْحَبِيبَ فِي الْمَنَامِ! حَدِّثْنِي مَاذَا رَأَيْتَ!

قَالَ الدَّهَّانُ: رَأَيْتُ نَفْسِي أَعْمَلُ فِي دُكَّانِي فِي الْمَدِينَةِ، ثُمَّ جَاءَ إِلَيَّ مَلَاكٌ مِنَ الْجَنَّةِ، وَقَالَ لِي إِنَّ مَلِكَنَا السَّابِقَ جَنْدُونْغَ يَدْعُونِي إِلَى زِيَارَتِهِ فِي الْجَنَّةِ، فَفَرِحْتُ وَذَهَبْتُ مَعَهُ. وَحِينَ وَصَلْتُ إِلَى الْجَنَّةِ، رَأَيْتُ مَلِكَنَا السَّابِقَ جَنْدُونْغَ جَالِسًا فِي مَكَانٍ فَاخِرٍ، وَهُوَ يَرْتَدِي أَفْضَلَ الْحَرِيرِ، وَيَأْكُلُ أَلَذَّ الْأَطْعِمَةِ. قَالَ لِي مَلِكُنَا السَّابِقُ جَنْدُونْغُ: كَيْفَ تَرَانِي، أَيُّهَا الدَّهَّانُ؟ فَقُلْتُ لَهُ: أَرَاكَ فِي نَعِيمٍ، يَا مَوْلَايَ. فَقَالَ مَلِكُنَا السَّابِقُ جَنْدُونْغُ: نَعَم، أَنَا مُرْتَاحٌ؛ لَكِنَّنِي أُرِيدُ شَيْئًا. قُلْتُ لَهُ: مَاذَا تُرِيدُ، يَا مَوْلَايَ؟ سَوْفَ أُنَفِّذُ مَا تَأْمُرُ بِهِ. فَقَالَ لِي مَلِكُنَا السَّابِقُ جَنْدُونْغُ: لَقَدْ كَتَبْتُ رِسَالَةً إِلَى اِبْنِي جَنْشِنْغَ، أَعْطِهِ الرِّسَالَةَ وَأَخْبِرْهُ أَنْ يُنَفِّذَ رَغْبَتِي.

أَخْرَجَ الدَّهَّانُ مِنْ جَيْبِهِ رِسَالَةً مَلْفُوفَةً، وَأَعْطَاهَا لِلْمَلِكِ الشَّابِّ جَنْشِنْغَ.

فَتَحَ الْمَلِكُ الشَّابُّ الرِّسَالَةَ، فَوَجَدَ فِيْهَا: (اِبْنِيَ الْعَزِيزَ، أَنَا الْآنَ فِي الْجَنَّةِ، وَأَنَا أَنْعَمُ بِكُلِّ الطَّيِّبَاتِ؛ لَكِنَّنِي أُرِيدُ شَيْئًا. أُرِيدُ أَنْ أَبْنِيَ مَعْبَدًا هُنَا؛ لَكِنَّنِي لَمْ أَجِدْ نَجَّارِينَ جَيِّدِينَ. وَعِنْدَمَا كُنْتُ أُفَكِّرُ، تَذَكَّرْتُ أَمْهَرَ نَجَّارٍ فِي مَدِينَتِي. أَخْبَرَتْنِي الْمَلَائِكَةُ أَنَّنِي أَسْتَطِيعُ أَنْ أَطْلُبَهُ إِلَى هُنَا كَيْ يَبْنِيَ لِي مَا أُرِيدُ، وَأَخْبَرَتْنِي بِطَرِيقَةِ ذَلِكَ. لَقَدْ شَرَحْتُ لِلدَّهَّانِ كُلَّ شَيْءٍ، فَنَفِّذِ الطَّرِيقَةَ جَيِّدًا).

قَالَ الْمَلِكُ الشَّابُّ جَنْشِنْغُ: إِنَّهَا رَغْبَةُ أَبِي وَأُمْنِيَّتُهُ! يَجِبُ أَنْ أُنَفِّذَهَا! أَحْضِرُوا النَّجَّارَ!

جَاءَ النَّجَّارُ إِلَى الْقَصْرِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ الشَّابُ جَنْشِنْغُ: لَقَدْ أَرْسَلَ أَبِي رِسَالَةً مِنَ الْجَنَّةِ، وَأَخْبَرَنَا أَنَّهُ سَعِيدٌ وَمُرْتَاحٌ؛ لَكِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ مَعْبَدًا هُنَاكَ. وَلِذَلِكَ أَمَرَ أَنْ تُجَهِّزَ نَفْسَكَ وَمُعَدَّاتِكَ كَيْ نُرْسِلَكَ إِلَيْهِ.

نَظَرَ النَّجَّارُ إِلَى الدَّهَّانِ الْوَاقِفِ فِي الْقَاعَةِ، ثُمَّ قَالَ فِي نَفْسِهِ: هَذِهِ حِيْلَةٌ مِنْ ذَلِكَ الشِّرِّيرِ الْمُحْتَالِ! يَجِبُ أَنْ أَجِدَ خُطَّةً لِأَنْجُوَ!

ثُمَّ قَالَ النَّجَّارُ لِلْمَلِكِ: وَكَيْفَ سَتُرْسِلُونَنِي إِلَى مَلِكِنَا السَّابِقِ، يَا مَوْلَايَ؟

أَجَابَ الْمَلِكُ: أَخْبَرَتِ الْمَلَائِكَةُ أَبِي الْعَزِيزَ أَنَّ عَلَيْكَ أَنْ تَجْمَعَ مُعَدَّاتِكَ، ثُمَّ تَجْلِسَ فَوْقَهَا. وَسَوْفَ نَضَعُ حَوْلَكَ حَطَبًا، وَنُشْعِلُ نَارًا. وَعِنْدَمَا يَتَصَاعَدُ الدُّخَّانُ، سَوْفَ تَصْعَدُ أَنْتَ وَمُعَدَّاتُكَ فَوْقَهُ إِلَى الْجَنَّةِ.

اِبْتَسَمَ النَّجَّارُ، وَقَالَ: إِنَّ هَذَا كَلَامٌ مَنْطِقِيٌّ! اِمْنَحْنِي مُدَّةً، يَا مَوْلَايَ، كَيْ أُجَهِّزَ نَفْسِي.

قَالَ الْمَلِكُ: حَسَنًا. سَوْفَ نُرْسِلُكَ إِلَى أَبِينَا الْعَزِيزِ بَعْدَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ. تَجَهَّزْ جَيِّدًا!

خَرَجَ النَّجَّارُ غَاضِبًا مُتَوَتِّرًا، وَأَخَذَ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ: لَقَدْ وَضَعَ هَذَا الدَّهَّانُ الْخَبِيثُ خُطَّةً مُحْكَمَةً لِقَتْلِي! سَوْفَ يُحْرِقُنِي، وَيَظَلُّ هُوَ سَلِيمًا! يَجِبُ أَنْ أَجِدَ حَلًّا فِي هَذَا الْوَقْتِ الْقَصِيرِ! وَعِنْدَمَا عَادَ إِلَى بَيْتِهِ، أَخْبَرَ زَوْجَتَهُ بِمَا حَدَثَ، وَقَالَ لَهَا: يَجِبُ أَنْ نَتَعَاوَنَ كَيْ نَحْفِرَ نَفَقًا مِنْ مَنْزِلِي حَتَّى الْحَقْلِ الَّذِي سَيَحْرِقُونَنِي فِيهِ.

وَفِي فَجْرِ الْيَوْمِ السَّابِعِ، أَنْهَى النَّجَّارُ وَزَوْجَتُهُ حَفْرَ النَّفَقِ، ثُمَّ سَتَرَا الْفَتْحَةَ بِبَعْضِ الْعِيْدَانِ وَالْعُشْبِ. وَبَعْدَ شُرُوقِ الشَّمْسِ، ذَهَبَ الْعَسَاكِرُ إِلَى مَنْزِلِ النَّجَّارِ، فَخَرَجَ مَعَهُم، وَهُوَ يَحْمِلُ بَعْضَ الْمُعَدَّاتِ. وَقَفَ النَّجَّارُ قُرْبَ الْفُتْحَةِ، وَنَظَرَ إِلَى الدَّهَّانِ صَامِتًا بَاسِمًا. وَضَعَ الْعَسَاكِرُ الْحَطَبَ حَوْلَ النَّجَّارِ، ثُمَّ سَكَبُوا زَيْتًا عَلَى الْحَطَبِ، وَأَشْعَلُوا النَّارَ. وَعِنْدَمَا اِرْتَفَعَتِ النَّارُ، نَزَلَ النَّجَّارُ إِلَى النَّفَقِ، وَعَادَ إِلَى بَيْتِهِ. وَأَمَامَ النَّارِ، كَانَ الْمَلِكُ سَعِيدًا؛ لِأَنَّهُ حَقَّقَ أُمْنِيَّةَ أَبِيهِ. وَكَانَ الدَّهَّانُ سَعِيدًا؛ لِأَنَّهُ تَخَلَّصَ مِنْ عَدُوِّهِ النَّجَّارِ. وَعِنْدَمَا اِرْتَفَعَ الدُّخَّانِ، صَاحَ الدَّهَّانُ سَعِيدًا: اُنْظُرُوا! اُنْظُرُوا! إِنَّ الدُّخَّانَ يَصْعَدُ بِهِ إِلَى الْجَنَّةِ! صَدَّقَ الْجَمِيعُ كَلَامَ الدَّهَّانِ، وَغَادَرُوا سُعَدَاءَ.

وَفِي مَنْزِلِ النَّجَّارِ، مَكَثَ النَّجَّارُ فِي غُرْفَةٍ مُظْلِمَةٍ. وَأَخَذَ يَغْسِلُ نَفْسَهُ كُلَّ يَوْمٍ، وَيُرَطِّبُ جَسَدَهُ بِالزَّيْتِ. وَفِي هَذَا الْوَقْتِ، كَانَتْ زَوْجَتُهُ تَخِيطُ لَهُ ثِيَابًا حَرِيرِيَّةً غَالِيَةً. وَقَدْ زَيَّنَتِ الزَّوْجَةُ الثِّيَابَ بِالْمُجَوْهَرَاتِ، وَسَكَبَتْ عَلَيْهَا الْعُطُورَ، وَأَشْعَلَتْ حَوْلَهَا الْبُخُورَ. وَبَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرَ، خَرَجَ النَّجَّارُ مِنْ مَنْزِلِهِ وَذَهَبَ إِلَى قَصْرِ الْمَلِكِ. كَانَتْ بَشَرَةُ النَّجَّارِ قَدْ أَصْبَحَتْ بَيْضَاءَ نَاعِمَةً، وَكَانَتْ ثِيَابُهُ الْحَرِيرِيَّةُ جَمِيلَةً، وَكَانَتْ تَفُوحُ مِنْهُ رَائِحَةُ الْعُطُورِ وَالْبُخُورِ. وَقَدْ أُصِيبَ الْجَمِيعُ بِالدَّهْشَةِ حِينَ رَأَوْهُ.

قَالَ النَّجَّارُ لِلْمَلِكِ: مَوْلَايَ الْمَلِكَ، لَقَدْ عُدْتُ مِنْ عِنْدِ مَلِكِنَا السَّابِقِ، مِنَ الْجَنَّةِ. وَلَقَدْ بَنَيْتُ لَهُ أَجْمَلَ مَعْبَدٍ فِي الْجَنَّةِ. إِنَّ وَالِدَكُم، يَا مَوْلَايَ، يَشْكُرُكُم عَلَى تَنْفِيذِ أُمْنِيَّتِهِ.

فَرِحَ الْمَلِكُ الشَّابُّ، وَقَالَ: يَبْدُو مِنْ بَشَرَتِكَ، وَثِيَابِكَ، وَعِطْرِكَ أَنَّكَ عِشْتَ نَعِيمًا جَمِيلًا فِي الْجَنَّةِ.

أَجَابَ النَّجَّارُ: طَبْعًا، يَا مَوْلَاي! لَقَدْ عِشْتُ فِي قَصْرِ أَبِيكَ فِي الْجَنَّةِ، وَكَانَ وَالِدُكَ أَفْضَلُ حَالًا مِنِّي، وَأَصْغَرُ عُمْرًا. إِنَّهُ سَعِيدٌ جِدًّا… وَقَدْ أَرْسَلَ إِلَيْكَ رِسَالَةً.

أَخْرَجَ النَّجَّارُ مِنْ جَيْبِهِ رِسَالَةً مَلْفُوفَةً، فَأَخَذَهَا الْمَلِكُ، وَقَرَأَهَا: (اِبْنِيَ الْعَزِيزَ، لَقَدْ وَصَلَ النَّجَّارُ الْمَاهِرُ إِلَى الْجَنَّةِ، وَبَنَى مَعْبَدًا جَمِيلًا جِدًّا. وَقَدْ حَدَّثَنِي النَّجَّارُ، وَأَخْبَرَنِي أَنَّكَ مَلِكٌ عَادِلٌ وَحَكِيمٌ، وَأَنَّ الشَّعْبَ يُحِبُّكَ وَيَحْتَرِمُكَ. أَنَا فَخُورٌ بِكَ جِدًّا.

لَقَدْ اِعْتَنَيْتُ بِالنَّجَّارِ طَوَالَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرَ، وَقَدَّمْتُ لَهُ الْحَرِيرَ وَالطِّيبَ؛ لَكِنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَحْمِلَ مَعَهُ ذَهَبًا مِنَ الْجَنَّةِ؛ لِذَلِكَ أُرِيدُ مِنْكَ أَنْ تُعْطِيَهُ مُكَافَأَةً كَبِيرَةً جَزَاءَ عَمَلِهِ الْمُتْقَنِ.

لَقَدْ بَنَى النَّجَّارُ مَعْبَدًا جَمِيلًا؛ لَكِنَّهُ غَيْرُ مَدْهُونٍ؛ وَلِذَلِكَ أُرِيدُ مِنْكَ أَنْ تُرْسِلَ إِلَيَّ أَفْضَلَ دَهَّانٍ فِي الْمَدِينَةِ. لَقَدْ أَخْبَرَنِي النَّجَّارُ عَنْ دَهَّانٍ مَاهِرٍ يَعْرِفُهُ. أَرْسِلْهُ إِلَيَّ بِالطَّرِيقَةِ الَّتِي أَرْسَلْتَ بِهَا النَّجَّارَ).

طَوَى الْمَلِكُ الشَّابُّ الرِّسَالَةَ فَرِحًا، وَأَمَرَ بِإِعْطَاءِ النَّجَّارِ ذَهَبًا كَثِيرًا، وَأَرْضًا وَاسِعَةً، وَخَدَمًا نَشِيطِينَ. ثُمَّ أَمَرَ الْمَلِكُ الشَّابُّ بِإِحْضَارِ الدَّهَّانِ. وَعِنْدَمَا دَخَلَ الدَّهَّانُ، نَظَرَ إِلَى النَّجَّارِ مُنْدَهِشًا، وَتَأَمَّلَ مَلَابِسَهُ الْفَاخِرَةَ الْغَرِيبَةَ، وَبَشَرَتَهُ الْبَيْضَاءَ النَّاعِمَةَ، وشَمَّ رَائِحَتَهُ الزَّكِيَّةَ، وَتَعَجَّبَ. قَالَ الْمَلِكُ لِلدَّهَّانِ: لَقَدْ عَادَ النَّجَّارُ مِنَ الْجَنَّةِ بَعْدَ أَنْ أَنْجَزَ عَمَلَهُ. وَأَبِي سَعِيدٌ بِعَمَلِهِ؛ لَكِنَّهُ يُرِيدُ دَهَّانًا كَيْ يَدْهَنَ الْمَعْبَدَ. جَهِّزْ نَفْسَكَ، أَيُّهَا الدَّهَّانُ، وَسَوْفَ نُرْسِلُكَ إِلَى الْجَنَّةِ بَعْدَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ.

اِبْتَسَمَ الدَّهَّانُ، وَقَالَ: سَوْفَ أَسْتَعِدُّ جَيِّدًا، وَسَوْفَ أَجْعَلُ مَلِكَنَا السَّابِقَ سَعِيدًا جِدًّا.

وَبَعْدَ أَنْ خَرَجَ النَّجَّارُ وَالدَّهَّانُ مِنَ قَاعَةِ الْعَرْشِ، أَخَذَ الدَّهَّانُ يَتَأَمَّلُ الْعَرَبَاتِ، الَّتِي أَمَرَ الْمَلِكُ بِتَجْهِيزِهَا لِلنَّجَّارِ، مُتَعَجِّبًا. سَأَلَ الدَّهَّانُ النَّجَّارَ: مَاذَا يُوجَدُ فِي هَذِهِ الْعَرَبَاتِ؟

أَجَابَ النَّجَّارُ بَاسِمًا: يُوجَدُ فِيهَا ذَهَبٌ، وَحَرِيرٌ، وَخَدَمٌ. لَقَدْ أَعْطَانِي الْمَلِكُ هَذِهِ الْمُكَافَأَةَ!

قَالَ الدَّهَّانُ عَابِسًا: يَبْدُو أَنَّكَ تَلَقَّيْتَ مُكَافَأَةً فِي الْجَنَّةِ أَيْضًا، فَلِمَاذَا يُعْطِيكَ مُكَافَأَةً أُخْرَى؟

ضَحِكَ النَّجَّارُ، وَقَالَ: لَقَدْ كَانَتْ حَيَاةً جَمِيلَةً فِي الْجَنَّةِ! وَكَانَ الْمَلِكُ السَّابِقُ كَرِيمًا جِدًّا مَعِي. وَهَوَاءُ الْجَنَّةِ عَلِيلٌ وَمَاؤُهَا عَذْبٌ جَمِيلٌ أَيْضًا.

نَظَرَ إِلَيْهِ الدَّهَّانُ مَلِيًّا، ثُمَّ قَالَ: نَعَمْ! لَا يَبْدُو أَنَّكَ عَمِلْتَ فِي الْجَنَّةِ شَيْئًا! لِمَاذَا بَشَرَتُكَ نَاعِمَةٌ وَبَيْضَاءُ؟

ضَحِكَ النَّجَّارُ، وَقَالَ: الْجَنَّةُ لَيْسَتْ كَالدُّنْيَا! الْعَيْشُ فِيهَا رَائِعٌ وَجَمِيلٌ، وَالْعَمَلُ فِيهَا لَيْسَ مُتْعِبًا!

فَكَّرَ الدَّهَّانُ فِي كَلَامِ النَّجَّارِ، ثُمَّ قَالَ فِي نَفْسِهِ: سَأَعِيشُ نَعِيمًا فِي الْجَنَّةِ، ثُمَّ أَحْصُلُ عَلَى مُكَافَآتٍ مِنَ الْمَلِكِ هُنَا! هَذَا شَيْءٌ لَمْ أَتَصَوَّرْهُ! ثُمَّ عَادَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَرِحًا، وَأَخَذَ يُجَهِّزُ مُعَدَّاتِهِ مَسْرُورًا، وَهُوَ يُفَكِّرُ بِمَاءِ الْجَنَّةِ، وَهَوَاءِ الْجَنَّةِ، وَطَعَامِ الْجَنَّةِ. ثُمَّ أَخَذَ يَتَخَيَّلُ نَفْسَهُ، وَبَشَرَتُهُ بَيْضَاءُ وَنَاعِمَةٌ، وَثِيَابُهُ فَاخِرَةٌ، وَرَائِحَتُهُ زَكِيَّةٌ.

وَبَعْدَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ، ذَهَبَ الدَّهَّانُ إِلَى الْحَقْلِ، وَهُوَ يَحْمِلُ مُعَدَّاتِهِ. وَقَفَ الدَّهَّانُ فَرِحًا، وَأَخَذَ يُرَاقِبُ الْعَسَاكِرَ مُتَلَهِّفًا. وَضَعَ الْعَسَاكِرُ الْحَطَبَ حَوْلَهُ، ثُمَّ سَكَبُوا الزَّيْتَ، وَأَشْعَلُوا النَّارَ. قَالَ النَّجَّارُ لِلْمَلِكِ إِنَّ الْمَلِكَ السَّابِقَ طَلَبَ أَنْ يَضْرِبُوا الطُّبُولَ وَيَنْفُخُوا فِي الْأَبْوَاقِ كَيْ يَسْمَعَ ذَلِكَ وَيَسْتَعِدَّ لِقُدُومِ الدَّهَّانِ. اِبْتَسَمَ الْمَلِكُ، وَأَمَرَ بِضَرْبِ الطُّبُولِ ضَرْبًا قَوِيًّا، وَبِنَفْخِ الْأَبْوَاقِ نَفْخًا شَدِيدًا.

وَعِنْدَمَا اِرْتَفَعَتِ النَّارُ، لَسَعَتِ الدَّهَّانَ، فَصَاحَ، وَأَرَادَ أَنْ يَهْرُبَ؛ لَكِنَّهُ تَعَثَّرَ وَسَقَطَ. صَاحَ الدَّهَّانُ فَزِعًا؛ لَكِنَّ أَحَدًا لَمْ يَسْمَعْهُ. وَعِنْدَمَا رَأَى النَّجَّارُ الدُّخَّانَ، قَالَ فِي نَفْسِهِ: إِنَّهُ يَصْعَدُ إِلَى السَّمَاءِ حَقًّا!

You can buy our stories on Amazon. They are also available on other Amazon Marketplaces. Type the author’s name (Mansour Seraj) on the search bar.

(1) Arabic Short Stories for Learners of Arabic as an Additional Language (High Beginners)

(2) Arabic Short Stories for Learners of Arabic as an Additional Language (Low Intermediate)

(3) Arabic Short Stories for Learners of Arabic as an Additional Language (Intermediate)

(4) Arabic Short Stories for Learners of Arabic as an Additional Language (Upper Intermediate)

(5) Juha: 50 Arabic Short Stories for Learners of Arabic as an Additional Language (Low Intermediate)